الجزائر- علي ياحي/ وكالة النبأ للأخبار

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يواجه التيار الاسلامي في الجزائر جملة من الانشقاقات كان أخرها تأسيس الرجل القوي في جماعة الإخوان، أبو جرة سلطاني، لتنظيم "منتدى الوسطية"، وكذا اقدام زعيم حركة الاصلاح الاسلامية "فيلالي غويني"، على دعم استمرار حكم الرئيس بوتفليقة، و هي خلافات سياسية ستودي في المحصلة إلى مزيد من التراجع في المشهد السياسي الجزائري.

واثبتت كل التجارب بعد انتخابات 1992، ان التيار الاسلامي في الجزائر ليس كيانا ضخما كما يروجونه انصاره، بدليل النتائج الكارثية في الاستحقاقات الاخيرة "البرلمانية والبلدية"، وفشلهم حاليا، في تحقيق إجماع على مرشح توافقي لمواجهة مرشح السلطة، عبد العزيز بوتفليقة، فمنهم من اتجه إلى تأجيل البث في الملف، وأخرى تدرس إمكانية تقديم مرشح من قياداتها، كما فعلت كل من حركة مجتمع السلم وحركة البناء، فيما ذهبت أخرى إلى البحث عن المقاطعة مثل حركة العدالة، أو دعم مرشح السلطة كما قامت به حركة الاصلاح، في مشهد يكشف عن انشطار لم يسبق له مثيل في مسيرة إسلاميو الجزائر.

وفي ذات السياق، ابرز استاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة، التيجاني ولد قدور، في تصريح لـ"وكالة النبأ للأخبار"، ان أسباب شتات التيار الاسلامي تتمحور حول عامل رئيس هو معركتهم مع الزعامة رغم تفنيد قياديي هذا التيار لهذه المعضلة في تصريحاتهم الإعلامية، والدليل هو استمرار الشروخ بين مكوناته الحزبية رغم أن المرجعية واحدة والأهداف المعلنة على الأقل شكليا واحدة.

مشيرا الى انقسام الحزب الاخواني الام في الجزائر الذي اسسه المرحوم "محفوظ نحناح"، الى عدة أحزاب وهي " البناء"، "تجمع أمل الجزائر"، "التغيير"، "النهضة"، " الإصلاح" و"العدالة والتنمية"، وواصل أن المشيخة لم تبلغ مرحلة النضج لوضع حدود فاصلة بين العمل السياسي الحزبي والعمل الدعوي، فأحزاب التيار الاسلامي تنغلق داخل خطابات وممارسات باتت هي أسباب شتاتها وانقسامها الدائم علي نفسها.

من جانبها، اوضحت المحللة السياسية الجزائرية بالمركز العربي الديمقراطي بألمانيا، الدكتورة فريدة روطان، في تصريح لـ"وكالة النبأ للأخبار"، ان ظاهرة تراجع التيار الاسلامي في الجزائر لفت انتباه الكثير من المحللين والمهتمين بالحركات الاسلامية، وفي نفس الوقت أسال الكثير من الحبر من قبل الاعلاميين المحليين والدوليين في البحث عن تداعيات ودوافع ذلك التراجع ومنه مآلاته المستقبلية، خصوصا وأن البلاد مقبلة على موعد انتخابي حاسم في تاريخها السياسي، وقالت ان اهم اسباب هذا التراجع والانكسار، هو عدم قدرة الاسلاميين على تسيير شؤونهم الخاصة داخل أحزابهم قبل شؤون العام، مشيرة الى ان الأحزاب الإسلامية تشهد أزمات نظامية داخلية، بسبب الصراعات المحتدمة بين أجنحتها حول مصالح ضيقة ومزايا ظرفية.

وأكد الخبير في الجماعات الاسلامية، باسل ترجمان، لـ"وكالة النبأ للأخبار"، ان التنافس على القيادة وغياب فهم واقعي وطني لدى جل المجموعات الاسلامية تجعلها عاجزة على التموقع داخل المشهد السياسي برؤى وطنية مصلحية تقنع الرأي العام، موضحا ان كل ما تقوم به هو التجييش لصالح قضايا تستوردها من خارج الحدود بغض النظر عن مشروعيتها، مبرزا ان هذه الجماعات المنقسمة على نفسها لا تملك مشروع يمكنها من التوحد للحكم او المشاركة فيه، فكل أهدافها هي الوصول للسلطة والتمكين لإعادة اسلمة الجزائر حسب ما يرونه اسلاما يختلف عما عرفه الشعب الجزائري على امتداد تاريخه.

إن المتابع لمسيرة التيار الاسلامي في الجزائر منذ الانفتاح السياسي، يرصد بوضوح ظاهرة الانشقاقات المتكررة في صفوفهم بحجج تحمل في كل مرة نفس المبررات، وهي تصحيح المسار، او بسبب استهلاك الرصيد، لكن في الحقيقة لا تجديد ولا تطوير ولا تغيير ولا تصحيح في سلوك من انشق عن الأصل أو الفرع أو انشق عن المنشق، وإنما نفس الوجوه والبرامج واللغة والخطاب والمسار مستمر، ما يؤكد ان معركة الزعامة هي اهم اسباب الانشقاقات داخل التيار الاسلامي.

اضف تعليق