اعداد: دلال كمال

أن ظاهرة العنوسة ظاهرة عالمية ولا تقتصر على منطقة دون أخرى، لكن الحق يقال فإن المناطق الناطقة بالعربية لها طابع خاص يكتنفه البؤس، إما بسبب العامل الديني أو بسبب الفقر، وهذا بالضبط ما جعل المرأة في عين الرحى والضحية الأكثر تألمًا.

وهذه الظاهرة تضرب بجذورها في غالبية المجتمعات العربية، شبحٌ يهدد الأسر ويثير ذعرهم حول مستقبل بناتهم فمهما انتشرت أفكار التحرر وعلا طموح المرأة يظل الزواج في نهاية المطاف لدى أغلب المجتمعات العربية "سُتر" واستقرارًا نفسيًا ومعنويًا للفتاة.

العنوسة من كلمة عابرة إلى مشكلة اجتماعية

لم تعد العنوسة مجرد كلمة عابرة تطلق على كل فتاة تقدم بها العمر ولم تتمكن من تشكيل أسرة، بل اتسع مفهوم العنوسة بعد الحرب ليحتوي مجموعة جديدة من الفتيات اللواتي رغبن في تشكيل أسرة إلا أن الحرب أتتهن بقدر آخر أفقدهن أحلام الحب.

أن العنوسة ليست حكراً على الإناث فقط، بل الذكور أيضاً يُطلَق عليهم الاسم في سنٍّ معين، إلا أنَّ مجتمعنا الشرقي خصّص مصطلح العنوسة للإناث، لكنها أكدت في الوقت نفسه أنّ الضغوطات النفسية التي ولّدتها الأزمة أثّرت سلباً على قرار الزواج لدى الشاب أو الفتاة حيث يعتبر الزواج مسؤولية جديدة وتقييد في وقت لا يحتمل كثير من الشباب السوري ضغوطات إضافية.

للعنوسة إيجابيات

رأى الدكتور في علم الاجتماع بجامعة تشرين إبراهيم ملحم حسب الزميل زوان أن الإناث اللواتي لا يتزوجن يتفرغن بشكل أكبر للعمل، وللدخول في كافة مجالاته حتى أنه في كثير من المواقع شغلت الإناث المكان الذي اعتاد المجتمع أن يراه مشغولا من قبل الذكور، كما تساهم بتحرير ما يسمى العمالة الناعمة قاصداً عمل المرأة إلى عمالة نوعية، إضافة إلى عملها الخاص، الأمر الذي اعتبره ملحم أنّه الإيجابية الوحيدة للعنوسة.

وأوضح ملحم أن سبب العنوسة في كثير من الحالات هو مطالبة الفتاة بمهر عالٍ لاعتقادها أن المهر دليل على المحبة أو من باب العادات والتقاليد البالية، مبيّناً أن المجتمع السوري يعد مجتمعا أنثوياً قبل الأزمة وزاد الأمر بشكل واضح بعدها.

نسبة العنوسة في العراق 70 %

تشير الأرقام إلى تضخم "العنوسة" وتوغلها في معظم البيوت العربية، حيث إن ثلث عدد الفتيات في الدول العربية بلغن عمر الثلاثين دون زواج وفق ما كشفت عنه منظمات عراقية تعنى بشؤون المرأة ارتفاع نسبة العنوسة في العراق إلى حد كبير جداً، حيث يشكل خطورة على المجتمع.

وبحسب مصادر إعلامية، تابعتها فإن نسبة العنوسة وصلت في العراق إلى نحو 70 بالمئة، وفقاً لتقارير توثق هذه الحالة، وأضحت التقارير تجاوز عدد الإناث في المجتمع العراقي 18مليون نسمة، وتقول المنظمات الدولية إن العانس هي المرأة التي تجاوز عمرها 35 عاما، ولم تتزوج بعد.

وبحسب مصادر إعلامية، ان "أسباب العنوسة تعود إلى الوضع الاقتصادي في البلاد، وتفشي البطالة والهجرة والحرب والصراعات الداخلية، والفارق التعليمي" ويشهد المجتمع العراقي درجة عالية من العنوسة وتأخر سن الزواج بين أعمار 18 إلى 45 سنة، وأصبحت فئة كبيرة من الفتيات العراقيات يشعرن أنه لم يعد مقبولا أن ينتظرن حتى يأتي إليهن شخص يتقدم للخطوبة أو الزواج لأنهن قد ينتظرن طويلا، مما يجعلهن يقبلن بأول شاب يتقدم لهن دون التفكير والسؤال عنه، والنتيجة غالبا ما تكون سيئة.

ويرى مراقبون مختصون أن حلم الزواج تحول إلى عبء وأرق بسبب التدهور الاقتصادي، الذي أدى إلى انتشار البطالة، وتلك بدورها جعلت الشاب عاجزا عن التوفير والادخار والتهيئة للزواج، من جهتها، تقول الباحثة الاجتماعية، الدكتورة فرح القريشي، إن "بعض الأسر تمنع بناتها من الزواج من الأشخاص الذين تصنف مقدرتهم المادية على أنها ضعيفة، وفي المقابل لا تراعي مسألة الأخلاق والقيم" وهناك عنوسة تحدث نتيجة فرض قيود على البنت، حيث يتم منعها من الخروج للتعلم أو العمل، مما يقلل حظوظها في العثور على الزوج المناسب. انتهى/ ع

اضف تعليق