اعداد: إخلاص داود

بحسب الرسم البياني الذي يبين توزيع السكان حسب فئاتهم العمرية ، يعتبر العراق من التركيبة السكانية الفتية وهذا مؤشر مهم يوضح ان العراق يكون له حاضرا ومستقبلا افضل من الدول التي ترتفع نسبة الشيخوخة فيها.

ولكن هذه الميزة النادرة والطاقات الكبيرة التي يتمتع بها العراق لم يستثمرها اصحاب الجيوب المنتفخة الجالسين على سدة الحكم.

وهو ما تفسره الظواهر السلبية التي تتزايد في العراق وواحدة منها التفشي العشوائي للمقاهي (الكوفي شوب) والذي اعده البعض مثلث الموت حيث ياتي الانترنت واوقات الفراغ ليكون ثالثهم المقاهي.

وهي ظاهرة خطرة تؤثر على صحة الشباب بما يقدم فيها من اراكيل حيث اثبتت دراسة لباحثين بكلية الطب لجامعة بيتسبرغ الأمريكية استعرض فيها 542 بحثا علميا موثقا، يرصد الآثار المحتملة لتدخين السجائر والأركيلة، بالإضافة إلى نتائج 17 دراسة علمية قيّمت مقدار المواد السامة التي يستنشقها المدخنون، حيث تحتوى على كميات كبيرة من مونوكسيد الكربون، الذي يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب والسرطان، وعند تدخينها يستنشق المستهلك مواد سامة، كالقطران والنيكوتين والرصاص والزرنيخ.

و قد أثبت أن حرق الفحم لتسخين التبغ وتوليد الدخان يتسبب في الانبعاثات السامة والمسرطنة من تدخين الشيشة، أما الماء الموجود داخل جسم الشيشة فيحتوي على نسبة عالية من الجراثيم التي تسبب العديد من الأمراض الخطرة، كالالتهاب الكبدي الوبائي والسل، فضلاً عن التهاب القصبات الهوائية المزمن، إضافة إلى عدد من الأمراض المعدية التي يرجع متخصصون انتقال كثيرا منها إلى تدخين الاركيلة كعدوى الجهاز الهضمي.

وكل هذه المخاطر في حال كان المعسل والتبغ المستخدم فيها مرخص وذات نوعية جيدة فكيف الحال في العراق حيث يستخدم انواع التبوغ غير المرخصة والتي يتم خلطها بمواد مخدرة من اجل ادمان الشباب عليها وضمان استمراريتهم على المقهى ليكونوا زبائن دائميين . ويرجيء الكثير من الاطباء الى ان اغلب حالات العقم بين الشباب بسبب التبوغ غير المرخصة، وكذلك حالات السرطان وامراض القلب. ومن السلبيات الفتاكة التي ظهرت في المقاهي هي تشغل فتيات ليعملن نادلات يقدمن الناركيلة وقد وردت شكاوى من أهالي المناطق المتواجد بها بعض المقاهي عن ممارسة شباب وفتيات يرتادونها أعمالا مشبوهة بالتنسيق مع اصحاب المقاهي.

عضو لجنة الاسرة والطفولة في مجلس النواب العراقي ريزان شيخ دلير حذرت من هذه الظاهرة، وقالت ان "عمل الفتيات القاصرات في الكوفي شوب والمقاهي في بغداد ليست ظاهرة اعتيادية بل هي اتجار بالأطفال لان اغلب الفتيات اعمارهن اقل من 15 سنة في الغالب".

وإضافة ، ان "الحكومة ليست لديها أي رقابة على اصحاب الكوفي شوب بل نرى ان اصحاب تلك المحال لديهم علاقات قوية مع رجال الامن والشرطة وكل الذين يدفعون لهم مقابل الحصول على خدمة من تلك الفتيات".

من جانبه، يرى الخبير القانوني، طارق حرب ان "كل العاملين والعاملات في مثل هذه المشاريع خاضعين لأحكام قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 ، وهذا القانون منع عمل أي شخص عمره دون الـ 18 سنة، سواء عمل في مقهى او غيره، وان عمل القاصرين مثل هكذا امور يعتبر مخالفا للقانون ويحاسب صاحب المقهى حسب القانون".

ومن المظاهر السلبية التي واكبت انتشار المقاهي هي انتشار شرب الناركيلة بين الفتيات، وكذلك توفر أنواع مختلفة من المخدرات للزبائن.غير إنها تجمع اصناف مختلفة من مجرمين ومنحرفين وعاطلين عن العمل ومتسربين من المدارس ناهيك عن ذوي الاعمار الصغيرة (الاحداث).

حيث أعلنت مديرية شرطة الاحداث في وقت سابق، "مباشرتها بحملات تثقيفية وتوعوية شاملة لشرح مخاطر دخول الاحداث الى هذه الاماكن وما يترتب على ذلك من مخالفات قانونية للحدث او صاحب المقهى على حدٍ سواء.

وذكر الناطق باسم وزارة الداخلية، اللواء سعد معن، في بيان له ، ان " مديرية شرطة الاحداث تدعوا جميع اصحاب المقاهي والكوفيهات بتطبيق القوانين النافذة الصادرة من الجهات المختصة المتعلقة بالاوقات المسموح خلالها فتح وغلق محلاتهم والمعممة عليهم مسبقا وبما يضمن عدم دخول الاحداث او المتسربين من المدارس الى هذه المحال".

واضاف ان " المديرية توجه دعوتها الى اصحاب المحال المشار اليها انفاً بوضع قطع تعريفية يكتب عليها بشكل واضح (ممنوع دخول الاحداث دون سنة الــ 18 عام) علما ان المخالف سيعرض نفسه للمسائلة القانونية".

فيما وجه قائد شرطة محافظة كربلاء اللواء أحمد علي زويني، مفارز الشرطة بمنع دخول ممن أعمارهم دون السن القانوني الى المقاهي للحد من ظاهرة تسرب طلبة المدارس.

 

وقامت مفارز مشتركة من قيادة شرطة كربلاء المقدسة والمنشآت بتوجيه اصحاب المقاهي بعدم السماح لاعمار دون سن الـ(١٨) وخصوصا الطلبة بارتياد المقاهي، محذرة انها سوف تتخذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين وإغلاق المقهى وتغريم صاحبه.

والجدير بالذكر، إن هيئة السياحة كشفت في وقت سابق ، إن "بغداد تضم أكثر من ألف مقهى (كوفي شوب)، عشرين منها فقط مجازة رسمياً"، مشيرة إلى أن "عدد المقاهي تزايد مؤخراً بدون الحصول على موافقة الهيئة". وهذا دليل أن قرارات الغلق ليست مجدية، إذ يتم غلق مقهى فيفتح بدلا منه عدة مقاه في المناطق السكنية دون امتلاكها موافقات اصولية.انتهى/ ع

اضف تعليق