بغداد/ سوزان الشمري

لتضمن سير معاملتك في إحدى دوائر الدولة الرسمية يتطلب الأمر أن تمهل نفسك ساعة او ساعتين لينهي موظف الدائرة الحكومية إفطاره الصباحي ومن ثم ينظر في أمر معاملتك!

هكـذا هو حال مراجعي دوائر الحكومية، فطوابير المراجعين لازالت تسجل أرقاما قياسية أمام شبابيك ومكاتب الموظفين، ولسان حالهم يقول لا تستغرب فأنت في العراق".

وبالرغم من مرور أكثر من خمسة عشر عاما على تغير النظام في العراق وانفتاح أجواءه على العالم ودخول التقنية حدوده، لاسيما بوجود مطالبات سياسية لتنفيذ أدارة البلاد وفق نظام (الحكومة الالكترونية)، لكن واقع الحال صورة أعمق وأوضح مغزى من اي كلام يذكر، فالمواطن المغلوب على أمره لا يزال تحت رحمة الموظف ومزاجه، فيما شعارات الحكومة الالكترونية هواء في شبك.

يقول بكر ربيع مراجع لدائرة العقارات في أمانة بغداد أنه اعتاد المباشرة بمعاملته بعد الساعة التاسعة حتى العاشرة صباحاً، فالموظفين يمارسون طقوس الإفطار الصباحي من الساعة (8- 9 ربما تتجاوزها الــ10 صباحاً.

ربيع يضيف، انه وبسبب مراجعاته المتكررة لذات الدائرة والموظفين اعتاد أن يجلب إفطاره معه وهو ينتظر الموظفين لينهوا وجبتهم الصباحية فيما تتراكم أعداد المراجعين.

أثير الربيعي مراجع أخر يشاطر بكر المعاناة في ذات الدائرة انتقد آلية المراجعات الحكومية التي لم تغادر السجلات والروتين القاتل، لافتاً إلى أن "وهم الحكومة الكترونية لحكوماتنا المتعاقبة والمتصارعة على حكم السلطة والنفوذ هواء في شبك".

مروة خليل انتقدت تعامل الموظفين الغير أنساني بحسب قولها وتبين ان "انجاز أي معاملة مرتبط بمزاجية الموظف المسؤول".

خليل تقول أن "شعار الموظفين اليوم هو (تعال باجر) في حين أن انجاز المعاملة ربما لا يتطلب أكثر من ختم أو توقيع لا يتجاوز عدة دقائق، لكن المراجع اليوم أصبح تحت رحمة موظف حكومي جنسيته عراقية".

ثقافة الفطور الجماعي وإذلال المراجعين ظاهرة قديمة ولا زالت راسخة في اغلب مؤسسات الدولة، فالموظف لا يعي حتى الآن حقيقة أن خدمة المواطن هي من جعلته خلف المكتب او الشباك والمطلوب اليوم وقفة حكومية جادة للقضاء على هذه الظاهرة، هذا ما طالب به الأكاديمي دكتور خليل الناجي الذي دعا قادة المؤسسات الحكومية وجهات التشريع في مجلس النواب إلى أقرار قانون يلزم موظفي الدولة بتجاوز ظاهرة الفطور في المؤسسات بقوانين عقوبة صارمة".

وأضاف "ان  كان لابد من الإفطار في المؤسسات الحكومية لبعض الموظفين الذي تضطرهم خطوط النقل الحضور باكراً أن تلتزم تلك الدوائر والمؤسسات الحكومة، بالإفطار في كافتيريا الدائرة ويتم تحدد وقت ثابت للاستراحة أو الصلاة".

الخليل أشار إلى أن "من الضروري وتشريع المزيد من القوانين وتطبيقها على أرض الواقع، ومساعدة أجهزة الإعلام في رفع وعي وثقافة المجتمع لحماية الزمن والطاقة والجهد والمال من الهدر والمساهمة في تحقيق مطالب المراجعين من دون الحاجة أو اللجوء إلى أي استثناءات حتى تتحقق العدالة".

أزمة الروتين الحكومي في العراق تبتدأ من وجبة فطور الموظفين مروراً بتوقيتات الصلاة والانشغال بالهواتف النقالة، أبواب صنفها البعض بأنها وجه من أوجه الفساد الإداري المتشعب في مؤسسات الدولة.

فإرباك المواطن والتأخير المتعمد في انجاز المعاملات اضطرت العديد من المراجعين إلى تبني فكرة المعقبين وانتهاج أسلوب الرشوة تحت عنوان تسهيل الأمر.

(م-ص) موظفة في دائرة صندوق الإسكان التابع لوزارة الأعمار رفضت التطرق المباشر لاسمها لدواعي أمنية تقول أن "زملاءها يتعمدون إرهاق المراجع بحجج التوقيعات وتحت مسمى (روتين حكومي)، لافتة إلى أن "بعضهم يحارب المواطن نفسياً للضغط علية ودفع المقسوم".

وتضيف، "بعض الموظفين يمتلك من جراء اضطهاد المراجعين أكثر من عقار في أرقى أحياء بغداد، ناهيك عن امتلاكه افخر الماركات العالمية من السيارات والسبب روتين حكومي سهل أمر الموظفين، وعقد حياة المواطنين".

المراقب حامد عبد الحسين الجبوري عرج في مقال له على أهم التحديات التي تقف عائقاً أمام تطور تطبيق الحكومة الالكترونية.

وقال الجبوري أن "صعوبة تكوين حكومة الكترونية في العراق تعالج مرض الروتين الحكومي المستشري في جسد المؤسسات الحكومية أن الحكومة السابقة تكمن في عدم الجدية في تطبيق الحكومة الالكترونية أو رفع الكفاءة والإنتاجية وإنهاء الفساد".

لافتا إلى أن "وجود الحكومة الالكترونية في العراق على شبكة الانترنيت حيث وما تسمى بحكومة المواطن الالكترونية يمكن من خلالها تقديم الطلبات إلى 52 جهة رسمية من وزارات ومحافظات وجهات أخرى، إلا إنها لا تزال غير فعّالة بشكل حقيقي".

الجبوري أشار إلى أن "ما شاع عن حكومة الكترونية في العراق لم تعمل كما هو الحال في البلدان المتقدمة وبعض دول المنطقة"، منوها إلى "محدودية دور الحكومة الالكترونية في العراق واضحة مع باحتلاله المرتبة 141 ضمن مؤشر تطوير الحكومة الالكترونية التابع للأمم المتحدة".

وتابع أن "النسبة المئوية لمستخدمي الانترنيت في العراق تتراوح ما بين 20-25%، تدلل على ارتفاع حجم الأمية وعدم تغطية كل مناطق العراق بشبكة الانترنيت وانخفاض متوسط دخل الفرد تعتبر من أهم التحديات التي تقف عائقاً أمام تطور تطبيق الحكومة الالكترونية".

اضف تعليق