تفجرت قضية اختفاء رجل الدين اللبناني البارز موسى الصدر التي تتهم اطرافا لبنانية ليبيا بالضلوع باختطافه، ابان حكم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، على خلفيه منع وفد حكومي ليبي الدخول الى الاراضي اللبنانية للمشاركة في القمة الاقتصادية المنعقدة في بيروت.

الى ذلك، طالب مجلس الدولة الليبي، الاثنين، بتجميد العلاقات مع لبنان عقب أنباء عن منع لبنان دخول وفد ليبي أراضيها لحضور القمة الاقتصادية التنموية العربية التي تعقد في بيروت من 18 إلى 20 يناير/كانون الثاني الجاري في حين هاجم شبان ليبيون السفارة اللبنانية في العاصمة طرابلس وحطموا بعض محتوياتها.

وكانت قد بدأت الأزمة بين لبنان وليبيا عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة مقطعاً مصوراً يوثق إزالة مجموعة من الشبان المنتمين لحركة أمل (فصيل سياسي لبناني يقوده نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، العلم الليبي من أمام المقر الذي تنعقد به القمة الاقتصادية في بيروت، ورفع علم الحركة بدلاً عنه فيما رفع آخرون صوراً للإمام موسى الصدر أحد مؤسسي الحركة احتجاجاً على مشاركة ليبيا في القمة.

في حين، تسبب الفيديو في غضب الليبيين الذين طالبوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي رئيس المجلس الرئاسي الحالي فايز السراج باتخاذ موقف ضد ما وصفوه "إهانة العلم الليبي” داعين إلى مقاطعة القمة الاقتصادية العربية التي تعقد ببيروت.

لم يقتصر الامر على البيانات الحكومية من ليبيا بل وصل الى مطالبات شعبية غاضبة بالرد بالمثل، حيث طالب الناشط حاتم الزوي سلطات بلاده "بالرد بحزم على هذه الإهانة والمطالبة بتسليم مواطنها المخطوف في لبنان هنيبال القذافي"، بينما دعا الناشط أنس القبلاوي إلى "الرد بالمثل وحرق علم لبنان" مستطرداً "هذا ما يحدث عندما تحكم الميليشيات لبنان وليبيا"، على حد قوله.

جهات تشريعية ليبية هي الاخرى تحدث بالامر، فاعتبر النائب بالبرلمان الليبي صالح فحيمة، ما حدث "عملاً فردياً قام به بعض الغوغائيين ولا يمثل الشعب اللبناني ولا سياسة الدولة اللبنانية" مشدداً على أنه "لن يؤثر بأي حال على علاقة الشعبين الشقيقين".

واخيرا، أعلن وزير خارجية حكومة الوفاق الليبية محمد سيالة الاثنين 14 يناير إلغاء رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج مشاركة بلاده في قمة بيروت".

وأضاف الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الليبية بحكومة الوفاق الوطني أحمد عمر الأربد "قررت الوزارة رسمياً عدم المشاركة على أي مستوى في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المزمع إقامتها بالعاصمة بيروت" مردفاً "سيكون مقعد دولة ليبيا شاغراً".

فوزية الفرجاني رئيسة مجلس أصحاب الأعمال الليبيين ببنغازي، أكدت عدم حضورها القمة رغم تلقيها دعوة من رئيس مجلس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري.

من ناحيته أوضح فحيمة أن إلغاء ليبيا مشاركتها في القمة جاء "تحسباً لأي رد فعل ممنهج من تيار سياسي بعينه، قد يتسبب بإهانة الضيف والمضيف على السواء".

غير أن صحفاً ليبية محلية كشفت عن السبب الحقيقي لانسحاب وفد بلادها، لافتةً إلى أن السلطات اللبنانية منعت وفد اتحاد المصنعين الليبيين من دخول أراضيها للمشاركة في المعرض الاقتصادي والصناعي المقام على هامش القمة الاقتصادية والاجتماعية والمقام خلال الفترة من 15-17 يناير الجاري.

تجميد العلاقات اللبنانية الليبية

لم يقتصر الرد الليبي على الانسحاب، بل طالب مجلس الدولة الليبي بتجميد العلاقات مع لبنان رداً على الإهانة المزدوجة بإنزال العلم ومنع الوفد من دخول أراضيه، كما هاجمت مجموعة من الشبان الليبيين مقر السفارة اللبنانية في طرابلس وحطموا بعض محتوياتها.

يشار إلى أن السفير اللبناني في ليبيا يقيم في جزيرة جربة التونسية (جنوب) ويمارس مهام عمله من هناك كل الوقت بسبب الأوضاع غير المستقرة أمنياً بليبيا.

لماذا يعترض لبنانيون على المشاركة الليبية ؟

وشهد لبنان جدلاً واسعاً بشأن المشاركة الليبية في القمة الاقتصادية قبل أيام، إذ اعترضت حركة أمل على حضور وفد ليبي بسبب "موقف السلطات الليبية من قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين بليبيا في سبعينيات القرن الماضي، وعدم تعاونها في الكشف عن تفاصيل هذه القضية" على حد قولها.

كما هدد نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني وزعيم الحركة الحالي بتنفيذ "سادس شباط سياسي وغير سياسي في حال تطلب الأمر" اعتراضاً على المشاركة الليبية، في إشارة إلى العمليات المسلحة التي قادتها الحركة برئاسته، فبراير عام 1984، في بيروت ضد الرئيس السابق أمين الجميل خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

واحتج رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان عبد الأمير قبلان، أيضاً على توجيه الدعوة إلى ليبيا للمشاركة في القمة. داعياً إلى اجتماع طارئ لبحث "تداعيات تلك الدعوة" ومشدداً على "الثوابت الوطنية في متابعة قضية اختطاف الإمام الصدر ورفيقيه".

ويلاحق القضاء اللبناني منذ 2017، عبد السلام جلود ورئيس المخابرات ووزير الخارجية الليبي السابق خلال عهد القذافي، وموسى كوسا، بتهمة المشاركة في عملية الخطف.

وطالما نفت ليبيا اختفاء الصدر على أراضيها وأثبتت بالوثائق مغادرته ليبيا ودخوله الأراضي الإيطالية حسب سجلات الخروج الليبية والدخول الإيطالية، بحسبها.

وأقرت إيطاليا دخوله أراضيها قادماً من ليبيا كما عثر على حقائبه وحقائب رفيقه محمد يعقوب بفندق "هوليداي إن" في روما، حسبما يؤكد المحلل والباحث الليبي جبريل العبيدي، وفي المقابل يصر المجلس الشيعي الأعلى على أنه اختفى في ليبيا.

وتعاني ليبيا من أوضاع أمنية واقتصادية غاية في السوء منذ إسقاط نظام القذافي في 2011، كما تجد طرابلس نفسها مطالبة بين الحين والآخر بدفع تركة النظام السابق من ديون وتعويضات جراء الجرائم الدولية التي ارتكبها القذافي ويبرز الموقف اللبناني الآن نوعاً من محاسبة ليبيا على جرائم ارتكبها نظام كان أكثر إجراماً بحق شعبه.

تحرير: عامر الشيباني

اضف تعليق