شهد عام 2018 العديد من محاولات الاغتيال السياسي التي هزت العالم، كان أبرزها -وربما آخرها- عملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، إلا أن هناك العديد من العمليات التي نفذت على مستوى العالم لكنها فشلت في إصابة الهدف.

عمليات الاغتيال الفاشلة التي وقعت خلال العام الحالي شملت رؤساء دول وحكومات وعملاء وشخصيات مهمة، كان من أبرزها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيرهما، استخدم فيها أنواع مختلفة من الأسلحة، وكان لبعض هذه الأعمال ردود فعل واسعة.

طائرات بدون طيار تفشل في استهداف مادورو

في الرابع من أغسطس (آب) الماضي نجا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من محاولة اغتيال باستخدام طائرات مسيرة تحمل متفجرات، لكن سبعة جنود أصيبوا في التفجير الذي وقع بالقرب من الاحتفال العسكري، الذي كان مادورو يلقي فيه خطابًا بمناسبة الذكرى 81 لتأسيس الجيش الفنزويلي المعروف بـ"الحرس الوطني"، وبعد ساعات قليلة من الحادث اتهم مادورو الرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، بالوقوف خلف الحادث، وأن التحقيقات المبدئية تشير إلى بوجوتا، وهو الاتهام الذي رفضه مسؤول حكومي كولومبي واصفًا ادعاء مادورو بالسخيف.

وبعيدًا عن اتهامات مادورو لكولومبيا وبعض المعارضين المقيمين في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت جماعة أنشئت عام 2014 لتجميع كل "جماعات المقاومة" الفنزويلية، ووصفتها وكالة رويترز بأنها غير معروفة، تطلق على نفسها اسم "الحركة الوطنية لجنود يرتدون قمصانًا"، مسؤوليتها عن الهجوم، وقالت في سلسلة تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي إنها خططت لإطلاق طائرتين بلا طيار، ولكن قناصة أسقطوهما، وأضافت: "أثبتنا أنهم غير محصنين، لم ننجح اليوم ولكنها مسألة وقت فقط".

وقالت كاتي واتسون مراسلة "بي بي سي" في أمريكا الجنوبية في تعليقها على الحادث: إن الرئيس الفنزويلي دائمًا ما يتهم معارضيه وكولومبيا أو الولايات المتحدة الأمريكية بمحاولة تخريب الحكومة، موضحة أنه من الصعب الوصول إلى الحقيقة في بلد لا يحترم حرية التعبير، ومن الصعب فيه القيام بعمل صحافي، بحسب تعبيرها، وأعربت عن تخوف الكثير من الناس من استغلال الحكومة الحادث لتبرير أي حملة تقوم بها ضد المعارضة السياسية.

وبعد أقل من 48 ساعة على الحادث أعلنت الحكومة الفنزويلية اعتقال ستة أشخاص وصفتهم بـ"إرهابيين قتلة ومأجورين" واتهمتهم بالضلوع في تنفيذ الحادث.

ماكرون ينجو من عملية اغتيال بسكين

خلال الاحتفال بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى في باريس، أعلنت الشرطة الفرنسية اعتقال ستة أشخاص بينهم امرأة ينتمون لليمين المتطرف، يشتبه في تخطيطهم لاغتيال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء الاحتفالية، وضربه بالسلاح الأبيض.

وخلال التحقيقات اعترف أربعة أشخاص بالتخطيط للعملية، كما تم الكشف عن العقل المدبر للعملية، وهو رجل أعمال فرنسي يدعى جان بيير يبلغ من العمر 62 عامًا، وبعد حملة تفتيش واسعة استطاعت قوات الأمن مصادرة السكين من سيارة رجل الأعمال.

وقال المتهمون إنهم خططوا لاغتيال ماكرون وتنفيذ العملية في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) خلال مشاركته في فعاليات مدينة شارلوفيل ميزيار، خلال التحضير لمراسم انتهاء الحرب العالمية الأولى التي حضرها العشرات من زعماء الدول وقادتها. وأطلقت السلطات الفرنسية سراح اثنين من المتهمين الستة بعد استجوابهم واعتراف أربعة منهم بالتخطيط للعملية.

ضباط سابقون بالمخابرات الإثيوبية يحاولون اغتيال آبي أحمد

ثلاث دقائق كانت الفاصل بين هجوم بقنبلة أثناء احتشاد عشرات الآلاف في ميدان ميسكل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبين مغادرة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد المنصة التي ألقى عليها كلمته أمام الحشد الكبير، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي. يقول أحد أعضاء اللجنة المنظمة للحشد، ويدعى سيوم تيشومي، في تصريحات لوكالة رويترز حينها: إن القنبلة التي ألقاها أحد الأشخاص كانت تستهدف المنصة التي كان عليها رئيس الوزراء، وأسفر الهجوم عن مقتل شخص وإصابة العشرات.

وبعد التفجير بساعات قليلة خرج رئيس الوزراء الإثيوبي على شاشات التلفزيون الإثيوبي ليؤكد أن التفجير محاولة فاشلة من قوى لا تريد أن ترى إثيوبيا موحدة.

محاولة التخلص من آبي أحمد -الذي لم يكن قد مر على استلامه مهام منصبه في هذا الوقت أكثر من أربعة أشهر- كان الهدف منها هو عرقلة النجاحات التي توصل إليها آبي أحمد خلال مدة وجيزة، سواء في الداخل أو الخارج، وهو ما أزعج الكثير من خصومه الذين يرفضون نجاحه.

يقول أحمد عبد الفتاح أستاذ العلاقات الدولية بالشؤون الأفريقية: إن "آبي أحمد صاحب شعبية كبيرة داخل إثيوبيا؛ لذلك كان من المتوقع أن يحاول خصومه عرقلته، لكنه لم يتصور أن يصل الأمر إلى حد الاغتيال"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى النجاحات والتفاهمات التي توصل إليها في وقت قصير، والتي تتعلق بملف التنمية الشاملة في إثيوبيا، بالإضافة إلى عقد تحالفات قوية في الغرب والخليج العربي، والتوصل إلى اتفاقات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة، وتوفير دعم مادي للبلاد من الخارج لسد العجز المالي بالداخل.

وفي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كشف النائب العام الإثيوبي بيرهانو تسيجاي خلال مؤتمر صحافي أن قيادات سابقة في جهاز الاستخبارات خططت ومولت عملية الاغتيال، مشيرًا إلى احتجاز 63 شخصًا على خلفية التحقيق العملية.

رئيس زيمبابوي ينجو من تفجير المنصة

نظل في القارة الأفريقية، وننتقل إلى محاولة أخرى في زيمبابوي؛ حيث استُهدِف الرئيس المؤقت حينها إيمرسون منانغاغوا، أثناء مشاركته في تجمع انتخابي جنوب غربي البلاد، وهو ما جعل البعض يلقب يوم 23 من يونيو 2018 بيوم الاغتيالات السياسية الفاشلة في أفريقيا.

وعلى الرغم من التوافق بين الحادثتين في التاريخ، إلا أن تشابهات أخرى كانت حاضرة في المشهد، منها الشخص المستهدف، والطريقة التي تم الاستهداف بها، وأيضًا مكان الحادث.

فبعد أن أنهى رئيس زيمبابوي كلمة ألقاها أمام حشد انتخابي في استاد «وايت سيتي» بمدينة بولاوايو جنوب غرب البلاد، وعقب نزوله من المنصة وتوجهه نحو الخيمة المخصصة لكبار الشخصيات العامة، وقع انفجار شديد بالقرب من المنصة أدى إلى مقتل اثنين من مساعدي الرئيس منانغاغوا، بحسب ما أوردته شبكة "SABC" الجنوب أفريقية الرسمية.

كما نقلت وكالة الأناضول عن صحيفة ذا هيرالد المحلية الخاصة "إصابة نائب الرئيس كيمبو موهابي في قدمه، ووزير المياه والبيئة والمناخ (أوبا موشينغوري كاشيري)، واثنين من المسؤولين، وعدد من أفراد الأمن الشخصيين".

محاولة اغتيال مفخخة لرئيس الوزراء الفلسطيني

رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله كان هدفًا هو الآخر لعملية اغتيال فاشلة وقعت في قطاع غزة، خلال شهر مارس (آذار) الماضي، إذ وقع انفجار لدى مرور موكب الحمد الله في منطقة بيت حانون شمال القطاع، وأسفر الانفجار عن إصابة سبعة أشخاص وتهشيم سيارتين، وقطع الحمد الله زيارته دون عقد أي لقاءات مع قيادات حركة حماس في القطاع، وعاد مباشرة إلى الضفة الغربية.

ورغم إدانة حركة المقاومة الإسلامية حماس للعملية، وإعلانها البدء في تحقيق فوري للكشف عن هوية المتسبب، إلا أن السلطة الفلسطينية بادرت باتهام حماس بتدبيرها، وخلال افتتاح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اجتماع القيادة الفلسطينية في مدينة رام الله، اتهم حركة حماس بتنفيذ محاولة اغتيال رامي الحمد الله، ورئيس المخابرات العامة ماجد فرج.

وقال عباس: إن "حماس تقف وراء الاعتداء على موكب رئيس الوزراء الحمد الله في غزة"، معلنًا رفضه لأي معلومات أو تحقيق تجريه الحركة حول محاولة الاغتيال التي وقعت شمالي القطاع، كما اتهم حماس بأنها "هي من اخترعت هذا النمط من الاغتيالات في الوطن العربي".

لكن حماس تؤكد أنها لم تتوقف عن ملاحقة المتورطين في العملية والتحقيق مع المشتبه بهم، وبعد أقل من 10 أيام استطاعت وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة الوصول إلى المتهم الأول في التفجير وعدد من مرافقيه، وأثناء تبادل لإطلاق النار قتل المتهم الرئيسي وأصيب اثنان من مساعديه.

وفي نهاية شهر أبريل (نيسان)، اتهم المتحدث باسم داخلية غزة إياد البزم في مؤتمر صحافي مسؤولين في جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة الفلسطينية في رام الله بالمسؤولية عن التفجير، ومحاولة اغتيال المدير العام لقوى الأمن الداخلي توفيق نعيم قبل ذلك، بالإضافة إلى اتهامهم بالقيام بأعمال تخريبية داخل سيناء المصرية تحت غطاء جماعاتٍ تكفيرية متشددة تعمل من خلال ما يعرف بـ"المنبر الإعلامي الجهادي"، وهو -بحسب الاتهام- منتدى خاص على الإنترنت تم تأسيسه عام 2011 بتوجيهٍ من جهاتٍ أمنيةٍ (في رام الله)، لاستقطاب بعض الشباب واستغلالهم لتنفيذ أعمال إجرامية بغطاء تكفيري في ساحات مختلفة، وأن الخلية كانت تخطط لاستهداف شخصيات دولية تزور قطاع غزة، بما فيها الوفد الأمني المصري وقيادات بارزة في حركة حماس. انتهى/خ.

المصدر: ساسة بوست

اضف تعليق