الماء، الهواء، التربة، هذه هي عناصر البيئة والتي تعاني من ارتفاع مستمر في مستوى تلوثها، منذ أن توقفت خدمات الدولة الاساسية للحفاظ على سلامة البيئة بعد فرض الحصار على العراق سنة 1991.

و لم تستطع معالجتها الحكومات المتتالية بعد سقوط النظام عام 2003 بالرغم من الموازنات الانفجارية التي خصصت لبناء العراق وإنقاذه من هاوية الأمراض المتزايدة.

العراق الى يومنا هذا يعاني من تلوث بيئي كبير ناتج من الحروب والتفجيرات الارهابية، ورمي الملوثات الكيمياوية ومخلفات المصانع في الأنهر والمناطق غير المأهولة بالسكان، و الإهمال الشديد لمشاريع استصلاح الأراضي و التجريف الجائر للبساتين وزيادة مساحات الأرض البور، وارتفاع نسبة الغازات السامة المنبعثة من عوادم السيارات لزيادة عدد السيارات وما تجلبه من دخان وحوادث، وغيرها من المشاكل البيئية التي تؤدي لزيادة نسبة التلوث بمعدلات خطيرة ورتفاع نسب الإمراض السرطانية والخطيرة والانتقالية وارتفاع عدد الأطفال المشوهين خلقيّاً.

وعلينا اولا ان نعلم ان كل هذا التلوث سببه عوامل سياسية وإهمال الدولة وعدم التخطيط الصحيح وتلكؤ في الانجاز وليس هناك عوامل طبيعية.

ففي عام 2009 صرح رئيس قسم إدارة البيئة بالأكاديمية العربية في الدنمارك الدكتور"كاظم المقدادي" بوجود نحو 363 موقعا ملوثا يحتاج إلى مليارات من الدولارات وعشرات السنين لمكافحته ، وهو تلوث نجم عن استخدام قوات التحالف الدولي لأسلحة تحوي كميات قدرت بـ 1500 – 2100 طناً من اليورانيوم. وفي ابريل 2015 أعلنت وزارة البيئة، عزمها رفع دعوى قضائية في المحاكم الدولية ضد الجيش الأمريكي لاستخدامه أسلحة محرمة دوليا في حربه على العراق.

وقال قتيبة الجبوري في مؤتمر صحفي عقده بمجلس النواب أن: "في نية العراق رفع دعوى قضائية على الجيش الأمريكي في المحاكم الدولية، لاستخدامه أسلحة اليورانيوم".

وأكد أن رفع الدعوى سيتم بعد استكمال الدراسات في الوزارة لإثبات حالات السرطانات التي تعرَّضَ لها العراق.مشيرا إلى :"انتشار أمراض السرطانات وخاصة اللوكيميا في المحافظات نتيجة تلوث البيئة".

فيما ذكر مدير أعلام دائرة صحة الرصافة ببغداد الدكتور قاسم عبد الهادي 2018، إلى أن "مسببات الأمراض السرطانية في العراق تجاوزت حدود تلوث الهواء وان كان مسببا أولا لانتشارها مع تلوث التربة بالمواد والإشعاعات الذرية بسبب الحروب، لافتا إلى وجود مسببات أخرى واكبت تطور العصر منها الإقبال على الأكلات السريعة وهي احد أهم مسببات أمراض سرطان القالون والمعدة.

وأضاف عبد الهادي، "السنوات الأخيرة شهدت مسببات جديدة لانتشار الأمراض المعدية والخطيرة منها عدم اخذ الحيطة لعمال مصافي النفط او العاملين في مركز تعبئة الوقود ما أفرزته من انتشار لأمراض سرطان الرئة".

عبد الهادي أشار الى وجود "حالة من التصدي لبعض الأمراض من خلال برامج التوعية التي تطلقها وزارة الصحة لكن بالعموم فان ارتفاع الأمراض السرطانية والخطرة زادت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة". مؤكداً ارتفاع نسب تلك الإمراض في منطقة جسر ديالى بما يعرف بمفاعل تموز بسبب تلوث المنطقة بالإشعاعات الخطرة.

إلى ذلك اعتبر الخبير البيئي أيمن العبيدي ان "انتشار الأمراض في العراق لم يعد يرتبط بما سببته الحروب من إشعاعات أثرت على نسبة تلوث الهواء والتربة، وإنما ارتبط بمعالجة بعض المشكلات المجتمعية منها انتشار ظاهرة المولدات في معظم مناطق العراق لتوليد الطاقة الكهربائية للمواطنين بعد أن تفاقمت مشكلة توفير الكهرباء الوطنية لهم".

العراق الذي أجتمعت به الاقوام والامم على مدار العصور لخصوبة ارضه ونقاء بيئته وكثرة خيراته وأنشأت الحضارت فيه واليوم بسبب الفساد والاطماع والاهمال وتكميم الافواه والاجراءات البطيئة تشوهت بيئته ويموت سنويا بين 10 آلاف و12 ألف شخص منها المسجلة وغير المسجلة ، ويفوق عدد المصابين بالامراض السرطانية والخطيرة بعشرات آلاف والارقام في تزايد مستمر!.

وكالة النبأ للأخبار/ اخلاص داود

اضف تعليق