منوعات

الانتحار في العراق: ارقام مفزعة

دلال العكيلي

ارتفعت معدلات الانتحار في العراق إلى مستويات قياسية بسبب عوامل عدة أبرزها الفقر والبطالة، واليأس من وجود أمل في حل قريب للأزمات المتواصلة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد، وكشف مستشفى في العاصمة بغداد، عن استقباله 18 محاولة انتحار خلال شهر ونقلت وسائل إعلام محلية عن مدير المستشفى، الطبيب عمار حسن كاطع، أن "معظم حالات الانتحار كانت باستخدام السم، وعادة باستخدام المبيدات الحشرية، أو الإفراط في تعاطي الأدوية، وخاصة أدوية الاكتئاب أو المهدئات".

عن دوافع الانتحار تقول الباحثة الاجتماعية، رؤى مهدي، إن "ارتفاع معدلات الانتحار في الآونة الأخيرة يرجع إلى جملة أسباب، منها غياب الروابط العائلية، وارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الأسري، والحالة الاقتصادية المتردية لكثير من الأسر، إضافة إلى مواقع التواصل االاجتماعي التي باتت تشكل خطرا على حياة بعض المستخدمين من خلال تأثرهم بقصص ليست من الواقع الذي يعيشونه، فضلا عن انتشار السلاح، وتعاطي المخدرات، والبطالة والاكتئاب والأمراض النفسية والشعور باليأس والإحباط".

وبحسب تقارير كشفت أن حوادث الإنتحار اخذت بالتصاعد بعد العام 2003، ومؤشرات قياس تلك الحالات غائبة، ومحاولات البحث النوعي في الدوافع والاسباب غائبة ايضاً، فيما الحكومات المتعاقبة منذ 2003 لم تضع ببرامجها معالجة ظاهرة الانتحار المتنامية، بل حتى مؤسساتها تتعمد التغاضي عن الاعتراف بذلك.

وهناك إحصاءيات تشير إلى أن المنتحرون بالغالب اعمارهم اقل من 30 عاماً، لكن المؤشر الاكثر فزعاً انتحار الشُبان الصغار من جيل العام (2000) الذين ولدوا ضمن الحقبة الاكثر ظلامية في العراق، وهؤلاء هم مجرد ضحايا لثقافات القتل والعنف والحروب التي سلبتهم الطفولة والشباب في آن واحد .

وعلى الصعيد ذاته وخلال السنوات القليلة الماضية كانت هناك حالات إنتحار فردية في المحافظات الجنوبية من البلاد وتعود إلى أسباب عديدة منْهَا فشل دراسي أو عدم وجود فرص عمل لتأمين حياة كريمة وبعضها الآخر شخصي لضغوط نفسية ومجتمعية أو حالات إدمان المخدرات التي تعتبر سبباً يدفع متعاطيها للانتحار .

يذكر أن العراق يشهد بوتيرة متصاعدة حالات انتحار مشابهة يكون ضحيتها فئة الشباب والمراهقين من كلا الجنسين، وذكرت تقارير أن دراسة كمّية جديدة، اعدها مجموعة باحثين ضمن برنامج "الدراسة العراقية الوطنية عن الانتحار" بالتعاون مع وزارة الصحة، تَقَصّت قياس الظاهرة بين عامي (2015 – 2016)، استناداً على تقارير مراكز الشرطة التابعة لوزارة الداخلية في 13 محافظة عراقية (باستثناء محافظات كردستان ومحافظتي نينوى والانبار)، افادت بوقوع (290 حالة) في العام (2015) و(357 حالة) في العام (2016) بتفصيل جندري (55،9% ذكور) و(44،1% إناث)، مشيرة ان نسب الانتحار الاعلى كانت ببغداد والبصرة لكن في احصاءات اخرى تتصدر ذي قار وديالى.

فيما تفيد الاحصاءات الرسمية لمفوضية حقوق الانسان في العراق، عن تسجيل (544 حالة) في العام 2014، و(607 حالات) في العام 2015، بينها حالات لغير العراقيين كانت للاجئات سوريات في إقليم كردستان وإن سلطنا الضوء على حالات مشابهة في مجتمعات آخرى تقع في الجزء الآخر من العالم كالدول الأوربية والولايات المتحدة سنلاحظ أن الانتحار فيها يكاد يكون أمر طبيعي جداً .

وفي نظرة شمولية للواقع في العراق ولمن لا يعرف أو نسي وتناسى ما عاشهُ المجتمع العراقي في فترة من الفترات ومازلنا نعيشهُ حتى اليوم من مأساة تحمل أوجه متعددة نحن شَهدنا أسوء الأوضاع وكنا شاهدين عليها بأم أعيننا ، تلك المشاهد الأسوء على الإطلاق في مجال الطب النفسي حيث تترك أثراً لا يستهان بهِ من الإضطرابات والحالات النفسية .

 وبحسب تصنيف منظمة اطباء بلا حدود والصحة العالمية يعتبر العراق كـ"موطن للامراض النفسية ومع هذا لم تتوقف الحياة بل استمرت وبإصرار وقوة أكبر ولأن المصائب لا تأتي فرادى فالعراق مابين مصيبة وآخرى يحاول التمسك بفسحة الأمل وبصيص نور لحياة أفضل ولواقع يساعده على تجاوز كل المعاناة التي مضت .

439 حالة انتحار مسجلة في العراق

نشرت مفوضية حقوق الإنسان تقريرا عن معدلات الانتحار في العراق لهذا العام  تصدرت فيه محافظة ذي قار القائمة بـ 119 حالة انتحار ، مرتفعة بذلك عن معدلات سابقة بنسبة 60 بالمائة وذكر التقرير "ان 439 حالة انتحار مسجلة بشكل رسمي في العراق خلال عام واحد فقط، اغلب ضحاياها من الشباب".

وأشار إلى "ان حالات الانتحار  توزعت بواقع 119 حالة في محافظة  ذي قار و76  في ديالى و68  في نينوى و44  في بغداد و33  في البصرة و16 بالمثنى و15 في ميسان و12 في واسط،، فيما تراوحت طرق الانتحار بين الشنق والغرق واستخدام السلاح الناري والحرق".

 ارتفاع عدد حالات الانتحار في كردستان

شهد إقليم كردستان العراق ارتفاع عدد حالات الانتحار بشكل واضح، وفي حين يؤكد مسؤولون أكراد أن أغلب الحالات في محافظة السليمانية، ولأسباب اقتصادية، يشير باحثون إلى أن أسباب الانتحار اجتماعية قبل أن تكون اقتصادية.

وكشف المتحدث باسم شرطة السليمانية، كوسرت أحمد، أنه تم تسجيل أكثر من مائة حالة انتحار، لافتا إلى أن أغلبها تمت بسبب الأزمة المالية التي يمر بها الإقليم، وقال المتحدث باسم شرطة مدينة كرميان، علي جمال قدوري، إن المدينة شهدت عددا كبيرا من حالات الانتحار، مبينا خلال مؤتمر صحافي، أن القوات الأمنية اتخذت إجراءات وتدابير بينها محاولة القضاء على انتشار السلاح، لمواجهة هذه الوقائع التي يتم أغلبها داخل المنازل.

وحذرت هيئة حقوق الإنسان في كردستان، في وقت سابق، من تزايد حالات الانتحار في الإقليم، موضحة أن أغلب الحالات تقع بسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية، وأن أغلب حالات الانتحار تمت بواسطة إطلاق النار أو الحرق أو الخنق.

 أغلب الضحايا من النساء

تزايدت في السنوات الاخيرة حالات الانتحار وبالاخص في صفوف الشباب بمحافظة ذي قار، حتى وصلت الى مستويات خطيرة اثارت قلق ومخاوف بعض الجهات والمنظمات الانسانية، وتعود اسباب الانتحار بحسب السكان الى حالة الاحباط الكبير الذي يعاني منه الشاب العراقي في ظل استمرار الخلافات والصراعات الحزبية، التي اثرت سلبا على واقع الحياة في هذا البلد الذي اصبح يعاني من استفحال الازمات والمشكلات الاجتماعية والامنية والاقتصادية.

من جهته أوضح الناشط المدني، كاظم غريب، أن "أسباب كثرة ظاهرة الانتحار هو الرقابة الأسرية والضغط النفسي، وقلة التعيينات فضلاً عن انتشار السلاح وتوفره في كل بيت" وسجلت احصائيات حكومية أن غالبية حالات الانتحار تعود للنساء.

كما بين عضو مجلس محافظة ذي قار، داخل راضي، أن "البطالة والخلافات العائلية هي السبب الرئيسي وراء كثرة ظاهرة الانتحار في ذي قار".انتهى/ و

 ..............................

المصادر

العربي الجديد

الجزيرة

شفق نيوز

رووداونێت

اضف تعليق