تقرير لوكالة الاستخبارات الأميركية تم الكشف عنه مؤخراً أظهر أن الوكالة نظرت في استخدام "مصل للحقيقة" مع معتقليها من تنظيم القاعدة لإجبارهم على تقديم المعلومات خلال الاستجواب عندما فشلت وسائل التحقيق الأخرى، لكنها قررت عدم القيام بذلك لأسباب متنوعة.

فبعد أن قامت "سي آي إيه" باستخدام وسائل تحقيق مع معتقلها "ابي زبيدة"، شملت الإغراق ومنعه من النوم ووضعه في صناديق ضيقه، فشل المحققون في الحصول على معلومات مهمة منه، بل تعرض المشرفون على عملية التحقيق لمشاكل نفسية جراء مشاركتهم في وسائل استجواب قاسية وصفت لاحقاً بـ"التعذيب". هذا الأمر دفعهم إلى التفكير في طرق أخرى "أقل إزعاجا"، كما وصف التقرير، للحصول على المعلومات التي يريدونها من قيادي تنظيم القاعدة.

ومن هنا جاء التفكير في استخدام "مصل للحقيقة"، بناءً على تجارب "سي آي إيه" المثيرة للجدل في الخمسينيات.

المصل الذي كانوا يفكرون فيه ما هو إلا أنواع مختلفة من المهدئات. ورغم أن الدراسات السابقة كانت قد أثبتت أن المهدئات غير فعّالة لهذا الغرض، إلا أن المحققين اعتقدوا أن المصل ربما يعطي السجين حجة نفسية تساعده على التعاون مع المحققين.

وفي هذا السياق، يقول درور لادن، وهو محامٍ مع "اتحاد الحريات المدنية": "أن يكون أطباء الـ"سي آي إيه" قد اعتقدوا أن استخدام أدوية على المعتقلين في تجارب بشريه هو شيء أخف ضرارا من وسائل الاستجواب الأخرى يظهر مدى قساوة برنامج التعذيب الذي أدارته الوكالة".

هذه المعلومات التي لم تكشف سابقاً، جاءت في التقرير الذي كتبه المشرف الطبي في وكالة الاستخبارات الأميركية عام 2007 ويصف برنامج الاستجواب الذي استخدمته "سي آي إيه" على معتقليها الـ97 بين عامي 2002 و2007 في مواقع الاعتقال حول العالم. طول التقرير 90 صفحة، والكثير من المعلومات التي يوفرها حول وسائل استجواب الوكالة كانت قد سربت لاحقا. التقرير يصف دور الأطباء في ما لقب لاحقا بـ"برنامج تعذيب"، وخوف الـ"سي آي إيه" من سحب الرخص الطبية لموظفيها من أطباء الجسد والنفس، رغم أن هذا لم يحدث لغاية الآن، لحفاظها على سرية أسمائهم.

من جهته، حصل "اتحاد الحريات المدنية" على التقرير عبر "قانون حرية المعلومات". ويقول محامو المؤسسة إن التقرير، رغم قدمِه، مهم للحصول على الشفافية، حيث إن "الوثيقة توضح الدور الأساسي الذي لعبه الأطباء في التواطؤ مع برنامج "سي آي إيه" للتعذيب، ولو رفض الأطباء المشاركة لانتهى البرنامج".

في نهاية الأمر، قررت الوكالة عدم استخدام الأدوية لدفع المعتقلين للتعاون، فهي استخلصت أن مصل الحقيقة ليس حقيقيا أو فعالا، كما أن هناك تعليمات قديمة تمنع استخدام الأدوية على معتقلين بدون إرادتهم. وربما أهم سبب دفع وكالة الاستخبارات إلى عدم استخدام "مصل الحقيقة" هو أنها لم ترد طلب ترخيص من وزارة العدل لاستخدام أساليب تحقيق غير مشروعة قد تلقب بـ"التعذيب".

وعن هذا الموضوع يقول ادم ايرلي، وهو سفير سابق ومتحدث سابق باسم وزارة الخارجية: "فكرت وكالة الاستخبارات بشتى الطرق التي تستطيع اتباعها للحصول على المعلومات، ولكن في نهاية الأمر لم تقم بالكثير منها بسبب الحاجة للحصول على تصاريح، فالجهد اللازم لتطبيقها كان أكبر من النتيجة المرجوة".

المصدر: واشنطن بوست

اعداد: وصال الاسدي

اضف تعليق