افتقدت الكثير من وسائل الاعلام التركيز على موضوع مصير العائدين بين صفوف داعش الى بلدانهم، وكذلك موضوع قدرة التنظيم القتالية، من هنا أجرت وكالة النبأ الأخبار مقابلة صحفية مع الكاتب الصحفي علي الطالقاني الذي يكتب باستمرار عن الجماعات المسلحة.

نص المقابلة

كم هو عدد المقاتلين الذين عادوا الى بلدانهم ومن اي الجنسيات؟ وهل تراجعت قدرة التنظيم عسكريا؟

عاد قرابة 6000 مقاتل من تنظيم داعش عادوا الى أوطانهم، وهم من جنسيات المانية وبريطانية وسويدية اضافة الى الولايات المتحدة الامريكية وطبعا هنا النسب والاقام مختلفة، اضافة الى دول أخرى، وتراجعت قدرة داعش لكن السؤال هل تأثيره تناقص؟ لدى التنظيم شبكة عالمية وانتشار الذئاب المنفردة، فأين اختفى هؤلاء؟

من الملاحظ ان التنظيمات الارهابية قامت على انعكاسات الخلافات الدولية والداخلية للدول التي تأثرت بالارهاب، وهناك خلاف حول مصيرهم فهناك رؤيتين تجاه من اثبت تورطه، الرؤية الأولى ترى في احتواؤهم وتأهيلهم واعادة دمجهم في المجتمعات ومن اجل عدم ان تكون السجون مفقس للارهابيين، والرؤية الأخرى في معاقبتهم وزجهم في السجون وسحب جنسياتهم.

الخوف يأتي من ان تكون هذه البلدان مقاعد احتياط بحيث تكون هذه الجماعات جاهزة للقتال في معرارك محتملة بحيث يتم استدعائهم.

كيف تعمل التنظيمات الارهابية على الانترنت؟

خلال عام 2017 هبطت نسبة الحسابات على الانترنت التابعة للتنظيمات المتطرفة الى 20% حيث بلغ نسبة المواقع التي علقت نحو 649,299 حساب 75% من هذه الحسابات علقت مع اول منشور لها قد نشر.

اما تويتر مطالب بتعليق مامجموعه 357,210.1 حساب بسبب الانتهاكات المتعلق بالانشطة الارهابية وهذا ضمن الفترة 2015 الى عام 2017، سياسيا، هناك تباين في العلاقة بين صانعي السياسة من جهة وشركات وسائل التواصل الاجتماعي.

من أين يستمد افراد التنظيمات الارهابية قوتهم؟

يستمد الجهاديون من السلفيين عزمهم من شوق وحنين الماضي في زمن صدر الاسلام، ولبعض الايات القرآنية يستمدون منها العزم فمن بين هذه الايات، الاية التاسعة من سورة التوبة والآية الثامنة من سورة الأنفال، من بين الاسباب التي دعت هذه المجموعات الاستعانة بهذه الايات انهم يرون انفسهم فئة قليلة تواجه دول عظمى.

ووفقا لاجتهاد بعض قادة هذه المجموعات ان البشر يتقسمون الى ثلاث اصناف (مسلمون، كفار، منافقون) اما المسلمين المجاهدين يكونوا مهاجرين وانصار .

كيف يعمل تنظيم داعش الان؟

لازال تنظيم داعش يتبنى قواعد للعب الاولى: توجيه ضربات للاهداف الناعمة كما وصفها سكوت أتران هدف هذه القاعدة تنوع وتوسيع ضربات معينة في مناطق مختلفة تزعج القوات الأمنية هدفها تشتيت التعاون الداخلي بين القوى الأمنية وكذلك استنزافها.

القاعدة الثانية: استهداف لاشخاص أو لمناطق من أجل نشر الذعر وضرب الاماكن التي يتراود عليها الناس وذلك من أجل زيادة النفقات في حماية مناطق أخرى مما يفرض تكاليف اقتصادية على البلاد.

هل لك ان تحدثنا عن مشاهداتكم لعمل التنيظمات الارهابية؟

من ذكرياتنا مع ماشاهدناه من تنظيم القاعدة في بغداد وضواحيها وفي ليلة حالكة لازال الخوف يتهدد كل من يؤمن بالتغيير بعد عام 2003، رن الجوال الذي لايمتلكه إلا القلة في وقتها، تهديد ووعيد وندم على مافات التنظيم من فرصة لصيد بعضنا. السبب كان لدينا رغبة عارمة في بناء المؤسسات الثقافية وفعلا أنشأنا إحداها كان للمؤسسة رواد من الشباب بالعشرات وفتح باب الانتماء وكانت جميع الأنشطة تصور لتصبح النشاطات موثقة لكن مع مرور أشهر وقعت هذه الوثائق بيد تنظيم القاعدة لأنها كانت توزع على اعتبارها نشاطات ثقافية، التنظيم استغل ذلك وبدأت التصفيات على أساس الانتماء.

التنظيم بدأ يستهدف كل من له علاقة مع الحكومة المؤقتة، لكن سرعان من تطورت الأحداث ليكون القتل بمجرد الاشتباه بشخص يعمل لدى الحكومة أو قريب منها.

زراعة الرعب أخذت تدب وتسري كالنار وسط الهشيم وبات التعايش مع القتل اليومي أمر مسلم له وتحت ذرائع عديدة من بينها الجاسوسية والشيعة وقوات بدر ومجوسية ووو.

لازلت أتذكر جيدا كيف بدأت الحرب الداخلية تستعر شيء فشيء لكن ماينقصنا الانقضاض على الذاكرة قبل فقدانها من أجل تدوين كل ما مر بنا من مآسي.

كيف ترى عمل الجماعات المسلحة التي تقف خلفها أحزاب؟

نحن بحاجة الى بناء رؤى لسلام دائم من ابجدياته تحويل القوى السياسية العسكرية الى قوى اجتماعية سلمية، العائق الذي يقف امام هذا هو ان الحكومة يديرها فئة صغيرة لها مصالح كبيرة تهتم بنفسها. لذلك أمام الناشطين تشجيع نخب كفوءة وان يعملوا على ان تكون السلطة بيد المحكومين.

كيف ترى عمل حكومة عادل عبد المهدي وهي حديثة العهد؟

المتفائلون بالحكومة الجديدة هل مقتنعون بان المحاصصة انتهت وان السياسي يقبل بان تكون سلطة الدول فوق كل اعتبار؟ أشك بهذا المصالح الحزبية، والاستحقاق الانتخابي، واللجان الاقتصادية، وانعدام الثقة بين المكونات، والتدخلات الخارجية بمصالحها، عوامل لا تدع مجال لبناء دولة حضارية.

سياسيا كيف ترى علاقة الاحتلال مع العراق

من المتعارف ان العلاقة بين المُحتل والبلاد المحتلة تبقى علاقة قائمة حتى عند انسحاب المُحتل بحيث تتغير تكلفة الاحتلال ذي الكلف المادية العالية إلى احتلال محلي متأثر بأقل كلفة ويخضع إلى المحتل الرئيسي من خلال الاقتصاد والثقافة والسياسة. في العراق رغم أن الاحتلال الأمريكي المعلن لم نرى ذلك بسبب عدة عوامل منها أن الأكثرية الشيعية لم تسلم زمام الأمور للامريكيين وان التأثير العقائدي الذي يرتبط بشكل كبير بيد المرجعية الدينية في النجف تارة وبيد محور المقاومة الذي يرتبط بإيران تارة أخرى.

السلبي في الأمر أن النخب السياسية بقيت جاثمة فوق صدور العراقيين وهو مالم يتغير ذلك إلا بحدوث ثورة ثقافية وسياسية تهدف إلى تصعيد نخب جديدة إلى الحكم.

وعندما دعي الامريكان لمغادرة العراق فسر الأمر على انها خطوة نحو اجراء تحالف قوي مع ايران وتأزيم العلاقة مع واشنطن، هذا التفسير عقد المشهد السياسي وخلط الاوراق لكن برغم ذلك استثمرت الولايات المتحدة الأمريكية الجهد والوقت بعد سنوات انسحابها.

في مقابل ذلك أرسلت طهران قبل اشهر قريبة رسائل الى المسؤولين العراقيين تنص على انها يد في تشكيل الكابينه الوزارية للحكومة الجديدة لانها تدعم رؤية اكثر من 140 نائب في البرلمان العراقي. اضافة الى التنافس الكبير بين واشنطن وطهران لضم العراق الى ساحتهما فالاولى تضغط على الحكومة العراقية من أجل فك ارتباط اقتصادها مع طهران. في ظل ذلك فان العراق مطالب بتحقيق توازن داخلي لانه حسب رؤية الحكومة مضطرة لاتباع سياسة تقوم على أساس الحفاظ على المصالح الإيرانية.

المواطن العراقي بدوره يعلم جيدا حجم التدخلات الخارجية لكنه لايزال يأمل خيرا في بلاد لازالت مفتوحة على مصارعها أمام الصراعات ومنها ان العراق خسر تعاطف العالم معه.

كيف توصف لنا حال المؤسسة الدينية اليوم من جهة الادارة؟

نقد المؤسسات الدينية بات من المحرمات بل قد يسبق ذلك التكفير في كثير من الحالات، فالمؤسسة الدينية التي تختزل القوانين الشرعية كما تختزل الله في رؤيتها، سمة أصبحت تتقبلها المجتمعات وأصبح الله تعالى وشريعته حكرا على جماعة دون أخرى، حتى ان أصحاب هذه المؤسسات لا يمكن نقدهم أو الاعتراض عليهم أمر مفروض وربما الراد عليهم كالراد على الله مهما كانت صفة الشخص.

ما كنا نسمع عنه عن كيفية التعامل من قبل الأفراد في ايران مع رجال الدين لم نصدق ذلك لكن في العراق بات هذا السماع يتجسد على الأرض وهناك سخط كبير على المؤسسة الدينية وهذا له عدة أسباب.

الأول: بعض إدارات هذه المؤسسات الدينية لايعيشون معاناة الناس.

الثاني: تهميشهم لأبناء جلدتهم بحيث أصبح من يعمل في هذه المؤسسات دوره هامشي فإن قرار المال والسلطة بيد جماعة دون أخرى.

الثالث: من يعمل في هذه المؤسسات أن يكون من بيوتات معينة ولا تقبل في القرار مشاركة أحد حتى وان كان كفوء.

رابعا: العيش الرغيد للكثير من رجال الدين دون مراعاة من يعمل معهم وهذا خلق فجوة كبيرة.

الإصلاح يصعب في المؤسسة الدينية لأسباب أن المال والسلطة تتركز بيد جماعات معينة دون محاسبة ومراقبة من خارج هذه الجماعات، وكذلك فإن انعدام الشفافية والنزاهة له وجود قوي داخل هذه الجهات.

اضف تعليق