اخلاص داود

يمر العراق بمنعطف سياسي وتحدي جديد بعد الخروج من عنق الزجاجة الدستورية بنصف التشكيلة الحكومية، فهل نجحت حكومة العبادي في وضع اسس الدولة العراقية بعد الحرب مع داعش والخراب في البنى التحتية والفوقية والانسانية؟ هذا ما ناقشته وكالة النبأ للأخبار مع الكاتب الصحفي علي الطالقاني.

في البداية عرف الطالقاني مفهوم الدولة بالقول انه "من المتعارف عليه إن الدولة هي جزء أو هيئة يكون وجودها داخل المجتمع تندمج أو تنسجم مع هيئات المجتمع بمختلف مسمياتها كانت تجارية أو عشائرية، لكن الفارق أن أجهزة الدولة عبر مؤسساتها تضع قواعد محددة لسلوك المواطنين، بنفس الوقت اذا كانت الدولة قوية يمكنها أن توسع قدراتها وفقاً للتحديات. ما يوجد عندنا بالعكس تماما حيث تؤثر السلوكيات الحزبية وأفراد الأحزاب على الدولة ومؤسساتها. وان السياسي يعمل على إضعاف الدولة التي بدورها ستقوي الأشخاص بحيث يطبقون قواعد تتناقض مع القوانين الحقيقية".

وحول الفساد قسم الطالقاني محاربة هذه الافة في العراق خلال فترة حكومة العبادي الى مراحل وهي:

المرحلة الأولى: المراهنة على الإصلاح.

المرحلة الثانية: تراجع في فرض العقوبات.

المرحلة الثالثة: انقلاب الرأي ومطالبات بتنحي رئيس الوزراء العبادي.

المرحلة الرابعة: ضغط دبلوماسي أعقبه تراجع عن مشروع محاربة الفساد والإصلاح.

مستدركا "مع ان الرجل أوقف نزيف الفساد إلى حدٍ كبير وحافظ على ما تبقى من أموال لكن تيار القوى السياسية اقوى منه ولم يستطع مجابهته، فهل يستطيع خلفه عبد المهدي إكمال المسيرة؟، أشك بهذا فإن الرجل سيصطدم بما مره به سلفه".

وحول ماهية العلاقة بين المحتل والبلاد المحتلة قال الطالقاني انه "من المتعارف إن العلاقة بين المُحتل والبلاد المحتلة تبقى علاقة قائمة حتى عند انسحاب المُحتل بحيث تتغير تكلفة الاحتلال ذي الكلف المادية العالية إلى احتلال محلي متأثرا بأقل كلفة ويخضع إلى المحتل الرئيسي من خلال الاقتصاد والثقافة والسياسة. في العراق رغم أن الاحتلال الأمريكي المعلن لم نر ذلك بسبب عدة عوامل منها أن الأكثرية الشيعية لم تسلم زمام الأمور للامريكيين وان التأثير العقائدي الذي يرتبط بشكلٍ كبير بيد المرجعية الدينية في النجف تارة وبيد محور المقاومة الذي يرتبط بإيران تارة أخرى".

وفيما يخص اخفاقات النخب السياسية ذكر الطالقاني ان: "السلبي في الأمر أن النخب السياسية بقيت جاثمة فوق صدور العراقيين وهو ما لم يتغير ذلك إلا بحدوث ثورة ثقافية وسياسية تهدف إلى تصعيد نخب جديدة إلى الحكم... المتفائلون بالحكومة الجديدة هل مقتنعون بان المحاصصة انتهت وان السياسي يقبل بان تكون سلطة الدولة فوق كل اعتبار؟ أشك بهذا.... المصالح الحزبية، والاستحقاق الانتخابي، واللجان الاقتصادية، وانعدام الثقة بين المكونات، والتدخلات الخارجية بمصالحها، عوامل لا تدع مجال لبناء دولة حضارية... اما علاقة رجل الدين بالسياسي احجية يصعب فهما على العامة، ظاهرها شفاف وفي الخفاء مصالح متبادلة، لا الاول يتنازل عن كبريائه وبنفس الوقت يحتاج السياسي، ولا الثاني يستغني عن الاول في اتخاذ الشرعية أو تسهيل قضاياه عبر نفوذ الطرف الأول. وهذه العلاقة غير منسجمة إلا ما شذ وندر".

واضاف إن "تجار الموت ينعمون على حساب البسطاء والفقراء، يتغنون باسم الدين تارة وأخرى باسم الوطن... في مطلع عام 2004 بدأت الدعايات تشاع بعنوان العمالة للامريكان وكانت الاغتيالات بشكل منظم وكان القتل تحت مظلة الاتهام بالعمالة وتدرجت الحوادث وبات القاتل يستهدف الشباب تارة وموظفي الدولة تارة أخرى بذرائع مختلفة، اليوم ومع شديد الأسف أصبح اتهام الاخر بالعمالة سلاح الضعفاء الذين لايمتلكون اي مشروع سوى العيش على انعاش الطائفية والفساد".

وحول الارهاب قال الطالقاني ان "السلفية والحركات الجهادية هل التنظيمات التي تدعي الجهاد مثل القاعدة وداعش تنبع أصولها ومنهجها الفكري من السلفية، هناك اشتباك بين من يؤيد بوجود علاقة وبين من ينفي ذلك. وهل العقيدة الوهابية ترفض الحركات الجهادية أم تؤيدها، إلى الآن لم يستطع علماء السنة إيضاح ذلك بشكلٍ كافٍ ولم ينفك التفكير لدى الناس البسطاء من إيجاد أي فرق بين هذه المسميات. هناك قوالب مشتركة بشكلٍ فعلي من بين هذه المشتركات التطبيق الدقيق للعقوبات ورفض التعايش مع "الكفار" إضافة إلى فرض نظام على المسيحيين وتكفير طوائف إسلامية معينة". انتهى/خ.

اضف تعليق