خصصت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية افتتاحيتها ليوم الجمعة، للحديث عن اختفاء الصحفي السعودي المعروف والكاتب الأسبوعي لديها، جمال خاشقجي.

وقالت الصحيفة إن خاشقجي، الذي حول الأعين على بلاده وقيادتها، دخل قنصلية السعودية في اسطنبول يوم الثلاثاء، لاستخراج أوراق روتينية. وفي الوقت الذي تؤكد فيه خطيبته أنه لم يغادر المكان منذ دخوله، تقول المملكة السعودية إنه غادر، فيما لم تر تركيا أي علامة على مغادرته المبنى. يبدو أن السيد خاشقجي أحد كتابنا قد اختفى فعلا. ونحن قلقون عليه.

وأضافت الصحيفة أن خاشقجي ليس فقط معلقا ومحللا، فعلى مدى مسيرته الطويلة، كان على اتصال وثيق مع ملوك السعودية، ويعرف أكثر من غيره عن طريقة تفكيرهم وعملهم. انتقاده الذي عبر عنه العام الماضي، أغضب بالتأكيد محمد بن سلمان، الذي تمت ترقيته إلى ولي عهد السنة الماضية، وقام بحملة واسعة لإسكات المعارضة. ومن بين الأشخاص الذي اعتقلوا في تلك الحملة، رجال دين ومدونون وصحفيون وناشطون. كما قام بسجن النساء اللاتي دافعن عن الحق في قيادة النساء السيارة، وهو الحق الذي مُنِح لهن حتى أثناء معاقبته لهن.

تتابع الصحيفة: "بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، علق السيد خاشقجي على الفوز خلال مداخلة له في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن المملكة كانت قلقة (متوترة) من ترامب".

وتلفت الصحيفة إلى أنه يبدو أن هذا التعليق أغضب القيادة السعودية التي كانت تأمل أن تندمج مع الرئيس الجديد. وقد طلب من السيد خاشقجي أن يتوقف عن الكتابة واستخدام تويتر حينها".

بعد ذلك، تضيف الصحيفة أن خاشقجي "رأى الكثير من الأشخاص سجنوا بسبب آرائهم، لذلك قرر مغادرة البلاد. كتب منشورا في أيلول/ سبتمبر 2017 : "لقد تركت بيتي وعائلتي وعملي، وأرفع صوتي. إن فعل خلاف ذلك قد يكون خيانة لأولئك الذين يقبعون في السجن. يمكنني التحدث، في حين لا يستطيع الكثيرون فعل ذلك".

وتابع خاشقجي كتابة الأعمدة للصحيفة بعد ذلك. وكتب في شباط/ فبراير أن "القيود التي يفرضها ولي العهد على حرية التعبير قد امتصت الأوكسجين من الساحة العامة التي كانت محدودة في السابق، ولكنها موجودة. يمكنك أن تقرأ بالطبع، ولكن عليك أن تفكر مرتين فقط في المشاركة أو الإعجاب بأي شيء لا يتماشى تماما مع تفكير المجموعة الحكومية الرسمية.

وتقول الصحيفة إنه "في يونيو، أشاد خاشقجي بقرار ولي العهد السماح للنساء بالقيادة، لكنه حثه على إطلاق سراح ناشطات سعوديات. وفي آب/ أغسطس، نبه القيادة السعودية إلى أنه كان من الخطأ اختيار معركة مع كندا حول حقوق الإنسان".

وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "لقد كان ولي العهد في جميع أنحاء الولايات المتحدة يبشر برؤيته لمجتمع سعودي أكثر حداثة، رؤية تخرق القوانين والممارسات الدينية القديمة، وتدعو للانفتاح على الترفيه والاستثمار الأجنبي. إذا كان ملتزمًا حقًا بهذا الأمر، فإنه سيرحب بالنقد البناء من جانب الوطنيين مثل السيد خاشقجي. وسيبذل كل ما في وسعه لضمان أن السيد خاشقجي حر وقادر على مواصلة عمله".

نشرت الصحيفة مقالا فارغا في العمود الأسبوعي، الذي من المفترض أن ينشر فيه الكاتب السعودي المختفي جمال خاشقجي.

وعلقت الصحيفة في تغريدة على "تويتر": "هذا العمود كان من المفترض أن يكون مكتوبا من قبل جمال". 

من جهتها اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنه في حال أن السعودية احتجزت الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، فسيكون ذلك اختفاء قسريا، وتصعيدا غير مسبوق من ولي العهد محمد بن سلمان ضد الناقدين السلميين والمعارضين.

وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا قامت السلطات السعودية باعتقال خاشقجي، فسيكون ذلك تصعيدا آخر لسلطان ولي العهد محمد بن سلمان القمعي ضد المعارضين والنقاد السلميين".

وأضافت: "يقع عبء الإثبات على المملكة العربية السعودية لتقديم أدلة على مزاعمها بأن خاشقجي غادر القنصلية وحده، وأن العملاء السعوديين لم يحتجزوه".

ودعت المنظمة السلطات التركية إلى تعميق تحقيقاتها في مكان خاشقجي، الذي لم يره أو يسمع عنه أحد منذ أن زار القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018.

ونفت السلطات السعودية أن الصحفي جمال خاشقجي محتجز داخل القنصلية، لكن السلطات التركية تقول إنه لا يوجد دليل على أنه غادر المبنى. إذا احتجزت السعودية خاشقجي دون الاعتراف بذلك، فإن اعتقاله سيشكل اختفاء قسريا، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وأعلنت خطيبة خاشقجي في تصريح صحفي عن فقد الاتصال بالصحفي المخضرم، بعد توجهه لمقر قنصلية بلاده بإسطنبول، للقيام ببعض الإجراءات الرسمية.

فيما اكدت الرئاسة التركية، مساء امس الخميس، على لسان ناطقها اليوم مقتل الصحفي السعودي.

وقال المتحدث بإسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، في مؤتمر صحفي إن "وزارة الخارجية والهيئات المعنية الأخرى في تركيا تابعت بدقة تطورات قضية خاشقجي"، مشيرة إلى أن التحقيقات بيّنت أن الكاتب السعودي قتل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول"..

واضاف في تصريحات لوكالة الأناضول، أن "جثة جمال خاشقجي متواجدة حالياً داخل القنصلية السعودية في أسطنبول وأظهرات إحدى كاميرات المراقبة بأن على رأسه علامات إطلاق نار". انتهى/خ.

اضف تعليق