إخلاص داود/ وكالة النبأ للأخبار:

تبددت احلام الامريكيين التي علقوها على وعود ترامب التي قدمها وفق برنامجه الانتخابي والذي جاء فيها "تغيير الكثير من سياسات أوباما سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي".

وبعد توليه زمام الامور في البيت الابيض في كانون الثاني/ يونيو 2017 اكد ترامب في تصريحا له "على "قيام الحكومة الأمريكية بتوفير العديد من الوظائف للعاطلين عن العمل، وأن الاقتصاد الأمريكي يشهد نمواً كبيراً".

إلا أن دراسة أجراها معهد أبحاث "أربين" كشفت بأنه من بين كل عشرة أمريكيين، هنالك أربعة منهم غير قادرين على دفع تكاليف احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الطعام وإيجار السكن وأن هذه المشكلة متفشية بين الطبقة الوسطى والفقيرة في المجتمع الأمريكي.

كما وأشارت العديد من التقارير الإحصائية إلى أن معدّل التضخم في أمريكا ازداد خلال السنوات القليلة الماضية بشكل غير متوقع، حيث سجّلت معدلات النمو السنوية في شهر يوليو الماضي تضخمّاً يقدّر بـ "% 2.4" في حين كانت التوقعات تتنبأ بأن التضخم سيكون بمعدل "% 2.3" وهذا الارتفاع في التضخم أثار العديد من المخاوف في الشارع الأمريكي بشأن مستقبل الوضع الاقتصادي داخل أمريكا خلال الحقبة الترامبية.

وفي سياق اخر قدم فيليب ألستون المقرر لدى الأمم المتحدة والمعني بأمور الفقر وخبير مخضرم في شؤون حقوق الإنسان وأستاذ قانون في جامعة نيويورك تقريره مستندا فيه إلى مهمة قام خلالها بزيارة عدد من الولايات الأميركية في ديسمبر، وشملت الزيارات آلاباما ولوس أنجلوس وكاليفورنيا وبورتوريكو.

لمعرفة لماذا يعيش "41" مليون أمريكي في الفقر ومن هنا رافقت "الجارديان" ألستون في مهمة لمدة أسبوعين إلى الجانب المظلم لأغنى أمة في العالم.

قال ألستون: إنه "على الرغم من تقليص الرعاية الاجتماعية وإمكانية الحصول على تأمين صحي فقد منح الإصلاح الضريبي الذي قام به ترامب كبار الأغنياء والشركات الكبرى مكافآت مالية غير متوقعة مما زاد من التفاوت".

وأضاف: "بات الفقر في الولايات المتحدة واسع النطاق، ويستفحل، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي يبدو أن هدف سياساته إلغاء شبكة الأمان التي تحمي ملايين الفقراء فيما تكافئ الأغنياء، غير أن الفقر المدقع في الولايات المتحدة ليس جديدا. و إن السياسات الأميركية المتبعة منذ الحرب التي أعلنها الرئيس ليندون جونسون على الفقر في ستينيات القرن الماضي كانت تتسم بالتقصير في أفضل الأحوال".

وأشار ألستون: "لكن السياسات التي تم انتهاجها في العام المنصرم استهدفت عن عمد فيما يبدو إلغاء وسائل الحماية الأساسية للأكثر فقرا ومعاقبة العاطلين وجعل حتى الرعاية الصحية الأساسية امتيازاي تم اكتسابه بدلا من أن تكون أحد حقوق المواطنة".

وفي سياق اخر اكد: "بأن العمل المنهجي لحكومة ترامب، أثّر بشكل كبير على برنامج الرعاية الاجتماعية في أمريكا وأدّى إلى تأزم الأوضاع المالية والمعيشية للملايين من أبناء الشعب الأمريكي الذين تزداد أوضاعهم الصحية والمعيشية سوءاً يوماً بعد يوم".

وهنا حذر ألستون من موت ملايين الأمريكيين الذين يعيشون اليوم في حالة يرثى لها، حيث قال: "إذا لم يتم منح القسائم الغذائية والخدمات الصحية والمساعدات السكنية، فإنه سيكون لذلك تأثير سيئ للغاية على الأشخاص الذين يعيشون على خط الفقر".

وأضاف ألستون: "إن السياسات التي تم انتهاجها في العام المنصرم استهدفت عن عمدٍ فيما يبدو إلغاء وسائل الحماية الأساسية للأكثر فقراً ومعاقبة العاطلين وجعل حتى الرعاية الصحية الأساسية امتيازاً يتم اكتسابه بدلاً من أن تكون أحد حقوق المواطنة".

ووفقاً لما قاله ألستون، فإن الرئيس الأمريكي ترامب يوجه أمريكا نحو تغيير كبير، يصبح فيه الأغنياء أكثر ثراء، والفقراء أكثر فقراً بحيث لا يستطيعون تلبية وتأمين احتياجاتهم الأساسية وطالب ألستون السلطات الأمريكية بتوفير حماية اجتماعية قوية ومعالجة المشكلات الكامنة وراء ذلك بدلاً من معاقبة ومحاصرة الفقراء.

وأضاف: "إن الإصلاح الضريبي الذي أقره الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون في ديسمبر سيضمن أن تبقى الولايات المتحدة أكثر المجتمعات غير المتكافئة في العالم المتقدم".

وفي الوقت الذي أعلنت حكومة أمريكا بأن معدلات التوظيف فيها قد وصلت في وقتنا الحاضر إلى أعلى مستوى ممكن لها، إلا أن" 39.4٪ " من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين( 18-64)، أعربوا بأنهم كانوا يعانون الكثير من المشكلات المالية في عام ( 2017) أصدرت إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة والتي أشارت فيه إلى أن عدد الفقراء في أمريكا يبلغ( 40) مليون شخص

فيما نشرت مجلة "تايم" الأمريكية مؤخراً سلسلة من التقارير حول وضع المعلمين الذين يعيشون داخل أمريكا، ساعية بذلك لإيجاد حلول جذرية لمعالجة هذه المشكلة الاجتماعية التي تفشّت في مختلف الولايات الأمريكية وفي هذه التقارير سلّطت الـ"تايم" الضوء على المعلمة "هوب براون"، الحاصلة على درجة الماجستير والتي لديها (16) عاماً من الخبرة في مجال التدريس، والتي أجبرت على العمل في ثلاث وظائف مختلفة وبيع بلازما دمها وملابسها لدفع الفواتير والأقساط المعيشية ولفتت هذه المجلة إلى أن "هوب براون" تحصل على( 60) دولاراً في الأسبوع عن طريق بيع بلازما دمها، وأنها تكسب المزيد من المال إذا قامت ببيع ملابسها لمتجر يقوم ببيع الملابس المستخدمة وذلك من أجل دفع فاتورة الكهرباء أو دفع أقساط السيارة وأعربت هذه المجلة بأن هذا الوضع الاقتصادي السيئ أصبح جزءاً من حياة "هوب بروان" اليومية وحول هذا السياق قالت براون، بأنها تعشق التدريس ولكن المال الذي تحصل عليه من هذا العمل لا يكفيها لدفع جميع فواتيرها والتزاماتها المعيشية ولهذا فإنها تعمل أيضا في ثلاث وظائف أخرى.

كما وتشير إحصائيات منظمة التعليم في أمريكا إلى أن هناك ( 2.3) مليون من المدرّسين الذين يعملون في المدارس الحكومية الأمريكية بدوام كامل، يعانون الكثير من المشكلات المالية نظراً لعدم رفع مرتباتهم وكشفت تلك الإحصائيات بأن متوسط دخل المعلمين الأمريكيين حالياً وبالنظر إلى التضخم الحاصل في العالم، أقل مما كان عليه في عام 1990 وفي الوقت نفسه، تشير تلك الإحصائيات بأن الفجوة في الدخل بين المعلمين والوظائف الأخرى التي يشغلها أشخاص لديهم مؤهلات مماثلة، وصلت إلى أعلى مستوياتها ووفقاً لمعهد السياسة الاقتصادية "أحد مراكز الفكر اليسارية"، فإن دخل معلمي المدارس العامة في أمريكا عام( 1994 ) مقارنة بالموظفين في وظائف مماثلة، كان يمثل أقل من" 1.8 ٪ "ولكن إحصائيات العام الماضي أظهرت بأن هذا الرقم قد وصل إلى "18.8٪".

وفي وقتنا الحاضر، علت أصوات المعلمين المطالبة باستعادة حقوقهم وامتيازاتهم وبالفعل قام عدد من المعلمين الذين تقطعت بهم السبل في ولاية واشنطن بالخروج في مظاهرات والقيام باعتصامات مفتوحة، وهدد آخرون في ولايتي لوس انجليس وفيرجينيا بالإضراب والتوقف عن العمل وقال معلمون آخرون بأنهم سيشاركون في انتخابات الكونغرس النصفية المزمع إجراؤها في منتصف شهر نوفمبر المقبل وذلك من أجل العمل على تحسين وزيادة الدعم للمدرسين وللمدارس الحكومية داخل أمريكا وفي سياق آخر حاول العديد من المعلمين تذكير الجمهور العام بأن المعلمين هم الطليعة التي تعمل على حفظ الأمن الاجتماعي داخل أمريكا، لأنهم يتعاملون مع الأطفال الذين يواجهون العديد من أزمات المخدرات، ويعيشون في الفقر

ويرى المراقبون للشأن الأمريكي أن إدارة ترامب تقيس الأمور وفق معاييرها الخاصة دون الاكتراث إلى القوانين والقرارات الدولية، وعليه سترفض كل ما يتعارض ومصالحها بما يشمل الحقائق التي تدلي بها منظمات دولية حول الوضع المجتمعي المزري في هذا البلد. انتهى/خ.

اضف تعليق