ما بين جيش الحسين وجيش يزيد يتنقل المسرح الحسيني في شوارع العاصمة بغداد كما هو في اغلب محافظات العراق من أقصى شماله لأقصى جنوبه حيث تتعالى أصوات المعزين باللعن على قتلة الحسين وأهل بيته الأطهار عبر موكب التشابيه الحسينية المرافقة للعاشر من محرم الحرام.

اذ تمثل التشابيه الحسينية جزءا من التراجيديا الشعبية لطقوس الشعائر الحسينية خلال محرم الحرام لأهل العراق واغلب البلدان الإسلامية والجاليات الشيعة في البلدان الأوربية.

والتشابيه: مفردة اقترنت مع عاشوراء الإمام الحسين (ع)، وهي نوع من التمثيل يحاول الممثلون من خلاله تجسيد واقعة "الطف" التاريخية بأطلاله شعبية تتجاوز الصناعة السينمائية وأبجدية الكتب وأثير المحاضرات الدينية.

طقوس سنوية

السيد مجيد المبرقع ينضم سنوياً موكباً للتشابيه الحسينية يجمع شباب المنطقة ويوزع الأدوار فيما بينهم بين موالين للحسين(ع)، وخصوما له.

يقول انه في كل عام وقبيل شهر محرم الحرام نستعد لموكب التشابيه الحسينية في يوم عاشوراء نوزع الأدوار فيما بين المشاركين وكذلك الملابس الخاص بكل دور.

ويضيف "يزداد سنوياً عدد الشباب وحتى كبار السن ممكن يتبرعون للمشاركة في تجسيد أحداث معركة الطف التاريخية، وكثير من النسوة يحملن أطفالهنً الصغار للمشاركة سعياً لإعطائهم دروس غير مباشرة حول مذهب اهل البيت الأطهار".

جيش الحق والباطل

الا ان السيد المبرقع يواجه تحديات كبيرة في مسرحه الحسيني لرغبة اغلب المشاركين في تجسيد ادوار الصحابة وإتباع الإمام الحسين (ع) والقليل من يجسد أدور جيش وأعوان ابن زياد وأصعب الأدوار هي إيجاد شخصية الشمر الذي غالبا ما يواجه النفور المجتمعي لتقمص شخصية قاتل الإمام الحسين(ع).

جعفر مهدي شاب عشريني يجسد شخصية علي الأكبر ابن الامام الحسين عليهما السلام ومن الملاحظ أن اختيار جعفر جاء لوسامته ووجه الجميل وصوته الجهوري وهي صفات عرف بيها عن الإمام علي الأكبر (ع).

رواج اقتصادي

الأسواق المحلية تشهد خلال هذه الايام رواجا لبيع ادوات ومستلزمات التشابيه الحسينية من سيوف ودروع وزناجل المواكب والطبول، اذ واستكمالا لجولتنا الي حطت رحالها في سوق الأولى بمدينة الصدر شهدنا الإقبال الواسع لبيع مستلزمات المواكب والتشابيه.

يحدثنا الأربعيني حسن سعدون وهو يمتلك متجر صغير لبيع تلك الأدوات عن أسعارها ومناشئ صناعتها، فبحسب سعدون أن "أسعار الطبول تتجاوز الـ (150 ألف دينار) فيما تختلف أسعار الزناجل بين صغير وكبير ما بين(5 – 10 ألف دينار) أما اسعار السيوف والدروع فتتراوح بين (20- 40) ألف دينار". ويصف سعدون اتساع مهرجانات التشابيه موسم انتعاش اقتصادي لعمله.

ويطرح الدكتور فاضل السوداني في ملف تفصيلي حول اصل الطقوس الدينية المعروفة بالتعزية عبر اطروحة علمية مشيرا الى ان تلك الطقوس ما زالت تقام حتى اليوم من قبل الشيعة المسلمين في العراق ولبنان والبحرين إيران، وهي ذات أهمية خاصة لأنها تقترب من مسرح الفرجة والعرض الشعبي، وبالرغم من طابعها الديني إلا أن طبيعة العلاقة بين الجمهور والمؤدي تعتمد دائما على تغريب الحدث والشخصية، مع إمكانية تميزنا لملحمية الأحداث أيضا.

تشابيه النسوه

التشابيه الحسينية لم تقتصر على تجسيد الأدوار من صنف الرجال فقط فدور المرأة لا يقل أهمية فتجسيد دور الشخصيات النسوية لمعركة الطف بداً من بنات الإمام الحسين "ع" وعياله حتى السيدة زينب الكبرى وباقي نسوه ال البيت الأطهار وهنا تبرز مشاركة للمرآة في تمثل الأدوار النسوية.

اذ توضح السيدة ام محمد وهي مشاركة في تشابيه حسينية في مدينتها : انها تشارك سنويا ومنذ خمسة أعوام مع أطفالها الثلاثة، وتضيف "مشاركتي هدفها إيصال رسالة الإمام الحسين ع  ومشاركة أطفالي جزء من رسالة توعية وتثقيف ومعرفه بالمذهب".

وتبقى مأساة الحسين عليه السلام وتجسيدها بإبعادها دروس مجانية تقام كل عام في الأول من شهر محرم ولمدة عشرة أيام، فتتحول ساحات المدن إلى تجمع سكاني هائل لأجل المساهمة في هذه الشعائر الدينية، التي تتضمن المسيرات والتظاهرات التي تصور الواقع وتنقله من الماضي الى الحاضر. انتهى/خ.

سوزان الشمري/ بغداد

اضف تعليق