كربلاء / عدي الحاج

لا يُمكن أن يختلف أثنان على دور الشباب الإيجابي في بناء المجتمعات وإنعكاس تطوّرها وبناءها الحضاري، حيث تُساهم تلك الطاقة الخلّاقة والمتدفّقة التي يمتلكها الشباب بدورها الفاعل في بناء المجتمعات بما تحمله من فكر وديناميكية متطوّرة في رفد الحياة وإبعاث روح التحدّي لمسيرة الحياة كقانون طبيعي آهلةً له لتقود زمام التغيّر والنهوض في حال توفّرت لديها الآليات والمقوّمات الأساسية لمرادفة هذه الإنتقالة النوعية في المجتمع لتبرز دورها الريادي والقيادي نحو مُستقبل مشرق مواكب للنمو والتطوّر الذي باتت معالمه واضحة في العالم المتحضّر اليوم.

كما لا يخفى أنّ الشباب العراقي يمتلك من مقوّمات القوّة للبلاد وأفكاراً فعّالة لها دورها في تطوير الفكر والمعرفة، وكذلك لديه رؤى مُبتكرة وثاقبة في تنمية وتطوير مهارات القيادة ومن ثمّ القيام بدور أساسي في تنمية المجتمع.

بدأ عهد الشباب في إدارة الدولة

يقول الكاتب فراس الحمداني:

"فوز الحلبوسي بمنصب رئيس البرلمان العراقي يفتح الباب أمام سؤال كبير: هل بدأ عهد الشباب في إدارة الدولة لنُغادر مرحلة الكهول من السياسيين المتردّدين أو الذين يبحثون عن تسويات في إدارة الأزمات؟ هذا يبدو مؤكّداً بعد الفوز الذي تحقّق للرجل وثقة النواب به، وقد تحدّث في جلسة تنصيبه مؤكّداً على المهمّات التي تنتظره في المرحلة المقبلة وتوفير الخدمات للشعب وتنقية جهة البرلمان ممّا يوجّه له من إنتقادات والتركيز على معالجة الأخطاء وتشكيل اللجان البرلمانية لمعالجة الخلل والسعي لضمان حقوق المواطنين العراقيين في الشمال والجنوب وتوفير متطلّبات العيش الكريم لهم ولأسرهم التي إنتظرت طويلاً".

ويضيف الحمداني، أنّ "فوز الحلبوسي هزيمة للمحاصصة، فبُرغم أنّه من السُنّة لكن غالبية من صوّتوا له من الشيعة ومعهم الكرد والتركمان وبقية المكوّنات التي إختارت بقناعة ودون ضغوط، وهنا سيكون على رئيس البرلمان الشاب أن يُركّز على قطاع الشباب الذين يُمثّلهم وعلى دعم الصحافة وحرّية التعبير وبناء الثقة أكثر بين مكوّنات الشعب".

ويقول الإعلامي غزوان المؤنس:

"جميع دول العالم تُعطي دوراً كبيراً للشباب من أجل النهوض بالبلاد كونهم يتمتّعون بطاقة إيجابية وميزة الحماس لإنجاز العمل، وأنّ ما حصل يوم أمس في مجلس النواب العراقي في إختيار شاب لتوّلي منصب رئيس مجلس النواب يُعد قفزة نوعية وحالة إيجابية لإعطاء الدور للشباب لتغيير وضع البلاد بعد أن تدمّر على أيادي كبار السن السُرّاق "مضيفاً "أمنيتي أن يتعامل الحلبوسي مع المعوّقات والخلافات والمشاكل العراقية من باب الروح الشبابية وليس باب المذهبية والحزبية والقومية القاتلة التي تبنّاها من كانوا قبله من الكهول".

المناصب ليست حكراً على سن معين

ويُبيّن الباحث الشاب محمّد الصافي:

"أنّ الشباب العراقي كان لهم دور كبير ولا زالوا، وهم أساس تحقيق النصر على تنظيم داعش الإرهابي سواء على الأرض أو إعلامياً، وحتى في الدعم اللوجستي كان للشباب دور محوري في هذا المجال، وكان لهم الصوت العالي وهم ينبذون العنف والتطرّف الذي طالما إنتهجته الجماعات الإرهابية المسلّحة بحق جميع المكوّنات العراقية، وبطبيعة الحال أنّ العراق يستطيع أن يُشكّل طفرة إقتصادية وتنموية حقيقية الى جانب تعزيز الإستقرار وتأمين البيئة الصالحة للمجتمع وذلك من خلال إستثماره لقدرات وطاقات شبابه في المجالات التنموية كافة".

ويُؤكّد الصافي، أنّ "الصعوبات التي يُواجهها الشباب اليوم تتركّز حول ضعف مشاركتهم في مجال السياسة، رُغم أنّ الشاب العراقي دائماً ما يحرص على فكرة التماشي مع حالة النقد من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، وبالتالي إرتفعت نبرته التصاعدية تجاه المشاركة بالتظاهرات التي جاءت على خلفية سوء الخدمات والبطالة وإرتفاع نسبة الفقر في البلاد".

القيادات الشابة لديها رؤية مبتكرة

ويُشير الكاتب الصحافي خالد الثرواني:

"أنّ الشباب العراقي يحملون من الأفكار الكثير، والتي من الممكن أن تدفع البلد الى الأمام لأنّهم عايشوا فترة العولمة وإستطاعوا الحصول على أفكار ومعلومات يفتقر إليها سياسيو الصف الأول، وقد نجد مسؤولاً كبيراً لا يُجيد إستخدام الحاسوب أو تطبيقاته أو لا يعلم عن الثورة التكنولوجية شيء وبالتالي إفتقاره لإمكانية إستثمار الإمكانات المتوفّرة حالياً في صناعة القرار "مضيفاً أنّ "العالم الآن توجّه نحو الطاقة النظيفة وتفعيل الإستثمار وتشجيع السياحة وتوجيه الإقتصاد نحو بدائل حديثة غير متوفّرة سابقاً، فالطاقة الشبابية يُمكنها المضي في تطويع كل هذه الإمكانيات الحديثة في خدمة البلد، كما وأنّ أغلب دول العالم تتّجه الآن الى إعطاء الشباب حصّة من التشكيلة الحكومية للإستفادة من طاقاتهم وخبراتهم في التطوّر العالمي المتسارع، بل أنّ دولاً كبيرةً مثل كندا تسنّم منصب رئاسة الوزراء فيها شاب، فيما عملت حكومة الإمارات الى تشكيل وزارتين للشباب".

ويُشير الثرواني، الى أنّ "أغلب الأفكار الإبداعية التي تُحرّك العالم اليوم هي من إنشاء الشباب، فلماذا لا يكون للشباب وجود في الكابينة الحكومية وتكون له تجربة فيها، لعلّ التصحيح يأتي على أيديهم خصوصاً وأنّهم لم يُسمّموا بالأيدلوجيات القومية والسياسية التي إنتشرت بعد منتصف القرن الماضي وتحرّروا من الأطر الطائفية الضيّقة والتفكير المناطقي، بل على العكس من ذلك كانت بُنات إنطلاقتهم نحو فضاء وطني جامع كل همّه أن يصل بالعراق الى مصاف الدول النامية على الأقل وإنتشاله من الواقع المزري الذي وضعه في صقور الأحزاب وسياسيي الصف الأول طوال 15 عام".

تصعيد الشباب للمناصب القيادية يُجدّد الدماء

ويوضّح طالب الدكتوراه مسلم عباس:

"أنّ إنتقال رئاسة البرلمان العراقي من النائب الأكبر سنّاً الى رفيقه أحد أصغر النواب سنّاً هو الحدث الأكثر دراماتيكية وتغيّراً، ففي الإنتخابات التي أفرزت البرلمان الذي يرأسه محمّد الحلبوسي رسمياً، هناك بعض التغيّرات حدثت مثل الإنشطارات الكبيرة لدى الكتل السنّية والشيعية والكردية، فالشيعة إنشطروا الى سائرون والفتح والنصر ودولة القانون والحكمة، أما السنّة فإنشطروا الى القرار والوطنية وحزب الحل، فيما إنشطر الأكراد الى عدّة أحزاب أبرزهم الإتّحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، وهذا يُعتبر تحوّل كبير في العملية السياسية العراقي "مضيفاً أنّ "التغيير طال صعود كتل صغيرة على حساب كتل كبيرة، ولم يكتفي التغيير في طبيعة التحالفات السياسية التي تهدّمت على أثرها الطائفية والقومية، بل وصل الى نوعية القيادات، كما نراه اليوم من تولّي الشباب أمثال الحلبوسي لقيادة مجلس النواب العراقي، إذاً هو برلمان إنهار فيه السقف فوق الكهول وبات من المُمكن للشباب أن يُمارسوا أدوارهم".

من جانبه يقول الصحفي عمر عبد اللطيف:

"العراق حقل تجارب منذ 2003 ولغاية الآن، فلنُجرّب أن يكون الشباب في المسؤولية، فرئيس فرنسا العظمى (ماكرون) من مواليد 1977 ولم نرّ أحد من أبناء الشعب الفرنسي قد إنتقده بسبب صغر سنّه، أي إنّ الفرق بينه وبين رئيس البرلمان العراقي الجديد الشاب محمّد الحلبوسي 4 سنوات فقط، فلما لا تُعطى فرصة للشباب بتبوّء مناصب مهمّة يُمكن أن تنهض بمستوى البلد".

مكاسبٌ عديدة إستطاع الشباب العراقي تحقيقها خلال السنوات الأخيرة الماضية، كانت خير دليل على الإستعانة بهم في توجيه سفينة الوطن نحو التنمية المستدامة والنهضة المنشودة ونشر الوعي القائم على ترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية القدرة على الحوار وقبول الآخر.

وكوني شاب عراقي أطالب رئيس الوزراء الجديد بإتاحة الفرصة لي ولأقراني للتواجد وبقوّة في مراكز صُنع القرار وإعداد كوادر شبابية وتقديمهم للمجتمع لضخ الدماء الجديدة في مختلف مؤسسات الدولة، كما أطالب الحكومة الجديدة بإنشاء أكاديمية على غرار الأكاديمية الفرنسية (إينا) التي أمر بإنشائها الرئيس الفرنسى شارل ديجول عام 1945م بهدف إعطاء الفرصة للكفاءات من كل الفئات والطبقات الإجتماعية في فرنسا تمهيداً لتمكينهم من شغل المناصب والوظائف العليا فى مؤسسات الدولة وذلك على أساس الكفاءة لا المحسوبية.انتهى/س

اضف تعليق