يترقب العراقيون الاتفاق بين الكتل السياسية الرئيسة لتشكيل نواة كتلة نيابية كبيرة، وإعلان أسماء مرشحي الرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية، ورئاسة البرلمان، ورئاسة الحكومة.

وفي وقت يعج فيه العراق بالأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، يقف إقليم كردستان عند مفترق طرق؛ حيث يستعد النواب الاكراد لتأييد الكتلة الأكبر بقيادة مقتدى الصدر، ودعم رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، باعتباره أفضل الأمرين.

الاكراد أقرب لـ"سائرون"

يؤكد المحلل السياسي والمراقب الانتخابي، هوشيار مالو، أن النواب الاكراد باتوا أقرب للتحالف مع كتلة "سائرون"، بزعامة الصدر، الذي يتحالف مع ائتلاف النصر، بقيادة العبادي، وتيار الحكمة الوطني، بقيادة عمار الحكيم، وائتلاف الوطنية، بقيادة إياد علاوي، مرجحا إعلان دعم الاكراد للعبادي رئيسا للوزراء، مجددا على الرغم من الخلافات.

وقال مالو، في تصريحات نقلتها وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "المحور الأقرب للكرد، في الوقت الحالي، هو الصدريون والعبادي والحكمة، وهو محور الاعتدال، وأعتقد أن الكرد إذا تحالفوا مع المحور الثاني ممثلا في قائمة الفتح (بزعامة أمين عام منظمة بدر، هادي العامري) ودولة القانون (بزعامة نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي)، فإن ذلك سيكون بناء على تنازلات وعلى حساب مصالح المواطن الكردي، في الأساس".

انقسامات داخلية

وأضاف مالو "الكتل الكردية ستكون أنجح إذا تحالفت مع المحور الأول، وجرى نوع من الحوارات مع قائمة النصر، والوطنية، وسائرون في المرحلة الماضية، الذين أبدوا استعدادا لتلبية مطالب الكرد أكثر من المحور الثاني"، متابعا "دولة القانون والفتح، قالوا إن مطالب الكرد يمكن مناقشتها فيما بعد تشكيل الحكومة، أما سائرون فقالوا إن هذه المطالب مشروعة، ويجب أن نتحدث عن آليات تنفيذها".

ولفت المحلل السياسي إلى أن "الانقسامات موجودة بالفعل داخل البيت الكردي، لكن الحزبين الكبيرين الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، بدأوا بالتفاهم مع الكتل الشيعية والسنية في بغداد، حول كيفية تشكيل الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة المقبلة".

ومن المتوقع أن تنعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، في الخامس أو السادس من الشهر المقبل.

العبادي أحسن الأمرين

وحول مسألة تأييد الكرد للعبادي، على الرغم من الخطوات التي اتخذتها حكومته ضد الإقليم، عقب إجراء الأخير، استفتاء الاستقلال عن العراق، في سبتمبر/ أيلول الماضي، قال مالو "العبادي أكثر حظوظا من الآخرين لتولي منصب رئيس الوزراء، والحصول على تأييد الكرد أيضا، على الرغم من وجود خلافات عميقة وكبيرة بين الكرد حول ذلك، لكنه الأكثر مقبولية، محليا ودوليا، لهذا المنصب".

وأضاف مالو "في النهاية يجب عليه (العبادي) أن يعرف كيف يجذب الجهات الكردية والسنية للموافقة والانضمام إليه"، متابعا "هناك شخصيات أخرى مرشحة، مثل نوري المالكي، وهادي العامري، لكن حظوظهما أقل من العبادي بكثير".

وأوضح مالو "العبادي من أقوى الأسماء المطروحة، وهو يحاول أن يرضي الكتل الكردستانية، ولكن هذه المرة أعتقد أن القيادة الكردستانية والأحزاب ستطالب بضمانات أقوى لتحقيق المطالب التي سمعناها ونسمعها منذ 2003، دون تنفيذ، وأعتقد أن من بينها آليات وضمانات دولية للتنفيذ".

رواتب الموظفين

وحول ما إذا كانت الخطوات التي اتخذها العبادي بإعادة فتح المطارات في الإقليم، وصرف رواتب الموظفين، قد خففت من حدة الخلافات مع الكتل الكردية، قال مالو "نحن نرى أن هذه الخطوات هي حقوق أساسية لشعب كردستان، وليست منة أو خيرا ممنوحا من العبادي".

وأضاف المحلل السياسي "هذه الخطوات جاءت كالمثل العراقي القائل: نشوّفك الموت حتى ترضى بالحمى، فخطوة إغلاق المطارات، في الأصل، كانت قراره، وأيضا قام بمحاربة المواطنين الكرد في اقتصادهم"، متابعا "حتى التيارات والكتل التي ذهبت لبغداد لبحث التحالف مع العبادي عليها علامات استفهام كبيرة في الشارع الكردي، ولكن بالنسبة لنا هو أحسن الأمرين، فهناك المُر وهناك الأمّر".

المطالب الكردية

تطرح الأحزاب في كردستان ثلاثة مطالب أساسية على طاولة التفاوض السياسي في بغداد، بحسب مالو وهي "تسوية وضع المناطق المتنازع عليها، ودفع الرواتب وميزانية إقليم كردستان، والمناصب التي سيحصل عليها الكرد".

ويقول المحلل السياسي "نحن كجهات مراقبة للشأن السياسي في الإقليم والعراق نرى أنه من الضروري أن يكون أي تحالف قائما على أساس حقوق المواطنين، لكن ما يحصل، حتى الآن، هو أن أغلب هذه التحالفات على أساس المصالح الحزبية، وأحيانا الأشخاص، سواء في كردستان أو في بغداد".

وأضاف مالو "هناك خلافات واختلافات كبيرة بين الأحزاب الكردية داخل الإقليم، لكنها غالبا ما تتوحد عند التفاوض في بغداد، فلا يوجد حزب كردي يختلف على موضوع الرواتب وحقوق المواطن الكردي".

مكونات ثلاثة

وتابع قائلا "هناك 61 نائبا كرديا في البرلمان، لكن عدد النواب لا يؤثر كثيرا عندما لا تكون هناك نية حقيقية للشراكة في العراق، يجب أن تكون المكونات الثلاثة الرئيسة (الشيعة، والسنة، والاكراد) على اتفاق، إلى جانب عدم انتهاك حقوق الأقليات، ولا يمكن أن تشكل أي حكومة ناجحة في العراق دون التوافق بين هذه المكونات الثلاثة".

أما عن المناصب التي يطالب بها الكرد، قال مالو "الأهم من المناصب هو تحقيق الشراكة الحقيقية، فما حدث، في الماضي، هو ما أدى بالكرد للمطالبة بالانفصال والاستقلال، فمثلا وجود الكرد في منصب رئيس الجمهورية، أو وزير ما أو غيره لا يعني أن هناك شراكة حقيقية".

واتهم المحلل السياسي حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي والسابق بمحاولة "السيطرة على المناصب الرئيسية في كل هيئات الدولة"، موضحا "منصب رئيس الجمهورية عادة ما يحصل عليه الكرد، وكان في الأعوام الماضية كذلك، في المقابل يكون للسنة رئاسة مجلس النواب، وللقوائم الشيعية رئاسة الحكومة".

الأوفر حظا

وكان القيادي في ائتلاف "النصر"، محمد نوري عبد ربه، قد صرح بأن "وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، ونائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي، هما أقرب شخصيتين لتولي منصب رئيس البرلمان الجديد"، موضحا "الأوفر حظا هو العبيدي إذا لم يكن هناك جديد خلال الأيام القليلة المقبلة".

وأصدرت قوائم النصر، والوطنية، وسائرون، وتيار الحكمة الوطني، بيانا مشتركا، الأحد الماضي، أعلنت فيه اتفاقها على تشكيل نواة الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة المقبلة.

وأكد الرئيس فؤاد معصوم، ونائبه المالكي، على ضرورة انعقاد الدورة الرابعة لمجلس النواب في الموعد الدستوري، وأوضح بيان أصدرته رئاسة الجمهورية، اليوم الأحد، أن معصوم والمالكي بحثا "مساعي تكوين الكتلة النيابية الأكبر التي سيكلف مرشحها بتشكيل الحكومة المقبلة". انتهى/خ.

المصدر: سبوتنك

اضف تعليق