بعد اندلاع تظاهرات عارمة تطالب بالخدمات وتوفير فرص عمل للعاطلين في مدينة البصرة، التي تضمّ أكبر احتياط نفطيّ عراقيّ، وفي معالجة سريعة لمطالبات المتظاهرين، أعلن مجلس الوزراء العراقيّ في 12 آب/أغسطس أنّه وافق على مقترح يقضي بإلزام المستثمرين الأجانب تشغيل الأيدي العاملة المحليّة بنسبة لا تقلّ عن 50 في المئة من إجماليّ الأيدي العاملة في المشاريع الاستثماريّة بالبلاد، كما أنّ محافظ البصرة أسعد العيداني كان قد كشف في 31 تمّوز/يوليو من عام 2018 عن اتفاق مع الشركات النفطيّة العاملة لإيجاد فرص عمل لأبناء البصرة.

أمّا هذا القانون الذي قد يرضي الجمهور الغاضب من البطالة، فـ"يفرض المزيد من القيود على الشركات النفطيّة التي تخشى من ضعف الأمن وتهديدات العشائر التي تعرّضت لها شركات النفط منذ عام 2003″، وفق الخبير النفطيّ في وزارة النفط حمزة الجواهري.

ولقد قام المتظاهرون في 13 تمّوز/يوليو من عام 2018 باقتحام مقرّ شركة "لوك أويل" النفطيّة الروسيّة في حقل غرب القرنة، وحزم العاملون في الشركة أمتعتهم، وتمّ إجلاء الكثير منهم عن طريق المروحيّات.

وقال حمزة الجواهري إنّ "إيجاد وظائف لأبناء العشائر سيقلّل من فرص عرقلة أعمال الشركات وفضلاً عن المشروع، سيكسب العمّال المحليّون المهارات اللاّزمة في مجال الأعمال النفطيّة، وسيتهيّأ كادر متخصّص في البلاد، ومن الأفضل للشركات العمل بهذا الاتّجاه حتّى لو كلّفها ذلك جهوداً وأموالاً إضافيّة".

من جهته، لفت المتحدّث باسم وزارة العمل عمّار منعم إلى أنّ "مقترح وزارة العمل إلزام الشركات الأجنبيّة بتشغيل عمالة عراقيّة بنسبة لا تقلّ عن 50 في المائة من العمالة الكليّة لديها هو خطّة موضوعة من أجل إيجاد الوظائف للعراقيّين وزجّهم في المشاريع النفطيّة لاكتساب المهارات واشار المنعم الى ان "مخالفة هذا القانون ستجبر العراق على عدم صرف المستحقّات الماليّة للشركات المخالفة".

واكد ان "مقترح وزارة العمل سيمنع العمالة الأجنبيّة من العمل داخل العراق، إلاّ بعد الحصول على إجازة عمل يمنحها قسم الأجانب في الوزارة، إذ أنّ القرار السابق الصادر عن مجلس الوزراء يمنح صلاحيّات إلى مدير الإقامة أو رئيس البعثة حصراً لمنح سمات الدخول من دون الرجوع إلى وزارة العم".

وكشفت وزارة العمل في 7 آب/أغسطس من عام 2018 عن وجود أكثر من 100 ألف عامل أجنبيّ صدرت لهم تصاريح دخول خلال عامي 2017 و2018، وقد كان ذلك دافعاً لوزير العمل محمّد شياع السوداني في 11 كانون الثاني/يناير من عام 2018 للطلب بضرورة تشغيل 50 في المئة من العمالة الوطنيّة في الشركات النفطيّة خلال لقائه مع المدير الإقليميّ لشركة BP النفطيّة البريطانيّة زيد الياسري، الذي أكّد التزامات الشركة تجاه العراق بتشغيل العمالة الوطنيّة.

وأوضح المتحدّث باسم وزارة النفط عاصم جهاد أنّ "العراق ألزم شركة جنهوا الصينيّة، بموجب العقد معها في 23 أيّار/مايو من عام 2018، بتدريب الأيدي العاملة العراقيّة، فضلاً عن إنشاء وحدات سكنيّة للعاملين، وكذلك مرافق خدميّة مثل المدارس والمستوصفات".

واضاف ان "وزارة النفط اشترطت على الشركات في عقود جولات التراخيص الثانية، تشغيل الأيدي العاملة الوطنيّة بنسبة تزيد عن 85 في المئة وتصل أحياناً إلى 90 في المئة".

واشار جهاد الى ان "عقد حقل شرقيّ بغداد ليس ضمن جولات التراخيص ،ولهذا كانت له خصوصيّة تختلف عن الحقول الأخرى ومع ذلك  تمّ الاتفاق على أن تكون نسبة العمالة المحليّة في حدود 50 و80 في المئة".

وتزامناً مع التظاهرات التي هدّدت أعمال شركات النفط، اعترف وزير النفط جبار اللعيبي في 7 آب/أغسطس من عام 2018، بأنّ "الشباب في البصرة يشعرون بالإحباط بسبب عدم توافر فرص العمل، لكنّ وزارة النفط وحدها كانت قد وفّرت أكثر من 139 ألف فرصة عمل لأبناء البصرة".

وعمليّاً، هناك تأكيدات على خطوات جادّة لزجّ العمالة العراقيّة في الأعمال النفطيّة، إذ قال مدير حقل السيبة في جنوب البصرة أسعد عبّود المطوري ،إن "إدارة الحقل شرعت في قبول طلبات العمل ضمن أعمال الشركات النفطيّة العاملة في الحقل، بحدود 10 آلاف درجة وظيفيّة، بين دائمة وموقّتة".

وكدليل على نجاح مساعي المتظاهرين بالضغط على الحكومات المحليّة والشركات لتوفير فرص العمل، أعلن معاون مدير شركة نفط البصرة للشؤون الإداريّة خالد حمزّة عبّاس في 4 آب/أغسطس من عام 2018 أنّ "الشركة تهيّئ قائمة بعدد الدرجات الوظيفيّة المتوافرة لديها".

من جهته، قال قائمقام قضاء الزبير عبّاس ماهر في 8 آب/أغسطس من عام 2018، ان " 370 فرصة عمل خصّصتها شركة نفط البصرة لأهالي المنطقة، توزّع على الشركات الأهليّة العاملة مع شركات جولات التراخيص النفطيّة، مثل شمس الصباح، الصناعات العربيّة، تعز للحماية، وهالبيرتون الأميركيّة".

وقال الخبير النفطيّ في وزارة النفط محمّد زكي ابراهيـم ، إنّ "الشركات النفطيّة التي تعمل بموجب جولات التراخيص لا تملك عمالة كبيرة داخل العراق، فهي لا تستخدم سوى بضع عشرات من المهندسين والفنيّين الأجانب، من بينهم عدد من العراقيّين أيضاً، أمّا عمليّات الحفر والتشغيل والإنتاج والنقل والتصدير التي تحتاج إلى أيدٍ عاملة ضخمة فتدار من قبل عمالة عراقيّة صرفة تابعة إلى الشركات النفطيّة المملوكة للدولة".

واستطرد ان "تخصيص نسبة 50 في المئة من العمالة الكليّة للعراقيّين لا يعني إلاّ أعداداً يسيرة من الحمايات والحرّاس وعمّال التنظيف والخدمة، يضاف إلى العمالة العراقيّة والآسيويّة الموجودة بالفعل وغالباً، فإنّ هذه الشركات حينما يشتدّ حولها الضغط تعمد إلى تشغيل عدد إضافيّ من الحرّاس الأمنيّين لا غير".

إنّ حكومة العراق، التي قرّرت في7 نيسان/إبريل من عام 2018 زيادة صادرات النفط عبر تشجيع الاستثمارات في المشاريع النفطيّة والغازيّة، يتوجّب عليها توفير فرص العمل والخدمات وتحسين الأوضاع الاجتماعيّة من أجل توفير بيئة آمنة للشركات في استثمار مربح وأمين. انتهى.

اضف تعليق