ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية ضمن ملتقى النبأ الاسبوعي اليوم السبت  الورقة  النقاشية  الموسومة "اختيار رئيس الوزراء العراقي القادم.. مابين تصارع مصالح الكتل السياسية وتضارب المواقف الدولية"، والتي قدمها الباحث في المركز والتدريسي في جامعة بابل الدكتور قحطان الحسيني، بحضور عدد من الاكاديميين والصحفيين والناشطين.

وقال الحسيني لوكالة النبأ للأخبار، ان "عملية اختيار رئيس مجلس الوزراء في العراق محكومة بقيود عدة منها الصراعات السياسية على المستويين الافقي والعمودي، ففي المستوى الافقي يوجد تنافس بين الاحزاب والكتل التي تدعي تمثيل فئات اجتماعية على اساس قومي او مذهبي، اذا تسعى هذه الاحزاب الى التأثير وبقوة على اختيار شخصية رئيس الوزراء وتعمل على ذلك من خلال عقد الصفقات قبل الدخول الى البرلمان من اجل التصويت على المناصب بسلة واحدة"، مشيرا الى ان "انتماء رئيس الوزراء وكعرف سياسي اصبح من المكون الشيعي لكن الاحزاب الكردية والسنية تعمل باتجاه اختيار رئيس الوزراء بالتوافق مع الاحزاب الشيعية وان يكون محل ثقة لديها".

وبين الحسني "أما الصراع الافقي فيتمثل في التنافس الواضح والكبير ما بين الاحزاب الشيعية للاستئثار بمنصب رئيس الوزراء والحصول على المكتسبات السياسية والمصلحية التي يوفرها هذا المنصب وواضح جدا طبيعة وحجم هذا الصراع من خلال الكم الهائل من الجهود والمساعي التي تقوم بهذا هذا الاحزاب لخلق قناعة لدى الاخرين بانه يستحق او يمتلك المؤهلات المطلوبة لتقديم مرشح لرئاسة الحكومة".

واشار الحسيني الى ان "عملية اختيار رئيس الوزراء في العراق قضية محلية صرفة بسبب الانغماس الواضح لدول معينة في الشان المحلي العراقي ولطبيعة الصراعات السياسية ما بين دول تمتلك نفوذ واضح في العراق وغم ان العديد من الدول تسعى للتأثير في عملية اختيار رئيس الوزراء، لكن اقوى دولتين سيكون لهما دور فاعل في تحديد الشخصية المرشحة لهذا المنصب هم ايران والولايات المتحدة نتيجة لحجم النفوذ والتأثير الكبيرين الذي تمتلكهما هاتين الدولتين في العراق، وكل من هاتين الدولتين تحاول ان تسخر كل امكانياتهما المتاحة في هذا المجال الى الحد الذي ترسخت في قناعات الاحزاب السياسية والجماهير على حد سواء ان الشخصية الاكثر حظوة لتولي رئاسة الوزراء في العراق هو من تتوافق عليه الادارتين الامريكية والايرانية".

وتابع انه "بعد كل انتخابات تبأ الكتل السياسية الفائزة بعملية مفاوضات ماراثونية الهدف منها تشكيل الكتلة النيابية الاكثر عددا والتي تكون قادة على ترشيح رئيس مجلس الوزراء".

مبينا ان "النظام الانتخابي في العراق بعد 2005، اعتمد الية التمثيل النسبي في توزيع المقاعد على الكتل الفائزة في انتخابات البرلمان، وعلى الرغم من ان هذه الالية تضمنت عدالة التمثيل لجميع الكتل، الا انه وفي الوقت نفسه وبناءا التجارب النيابية في العالم، فأن نظام التمثيل النسبي لا يسمح لحزب او كيان سياسي ان يحصل بمفرده على الاغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة ولا بد من تشكيل تحالفات بين اكثر من حزبين او اكثر لغرض الحصول على الاغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، وهذه التحالفات تتطلب وقتا طويلا".

مؤكدا ان "تأخر عملية تشكيل الحكومة تؤثر سلبا على الاداء الحكومي وتزعزع ثقة الجماهير بالجدوى من الانتخابات كما يؤدي الى مشاركة اغلب الكتل والاحزاب الفائزة في الحكومة مما يترتب على ذلك غياب المعارضة القوية داخل البرلمان واللازمة لمراقبة اداء الحكومة".

وتابع الحسيني "لا يمكن اغفال رأي المرجعية الدينية والشروط التي تطالب بتوفيرها في شخصية المرشح لمنصب رئيس الوزراء، فالتأثير الكبير الذي تمتلكة المرجعية على المستوى العقائدي والروحي على نسبة كبيرة من الشعب العراق وخصوصا الشيعة دفع الكتل الكبيرة وحتى الدول المتدخلة في الشأن العراقي تولي اهماما لموقف المرجعية وارائها المتعلقة بعملية اختيار رئيس الوزراء ورغم ان بعض المراقبين يرون بأن دور المرجعية الدينية في العملية السياسية بدأ يتراجع، لكن الحقيقة ان المرجعية الدينية لا زالت تمتلك الكثير من عوامل التأثير في لمجتمع مما يجعلها قادرة على فرض رغباتها على الفاعلين في العملية السياسية".

واكمل "علي لم تعد عملية اختيار رئيس الوزراء في العراق يسيرة بل هي معقدة ومتشابكة وتكون في نهاية المطاف محصلة لتلاقي عوامل عدة المحلية منها والخارجية".

يذكر ان المادة 76 من الدستور العراقي حددت الية تشكيل مجلس الوزراء، فقد اشارت الى ان رئيس الجمهورية يكلف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل الحكومة خلال 15 يوما من انتخاب رئيس الجمهورية.

وخلفت هذه المادة الجدل حول مفهوم الكتلة النيابية الاكثر عددا وهل المقصود بها الكتلة التي تشكل قبل ان تفوز باكبر عدد من المقاعد في الانتخابات أم تلك التي تشكل بعد إعلان نتائج الانتخابات، مما اضطر رئاسة الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية لسنة 2010 الى تقديم طلب للمحكمة الاتحادية لتفسير نص المادة 76 من الدستور".

واصدرت المحكمة الاتحادية اصدرت بتاريخ 25/3/2010 رأيها التفسيري بخصوص المادة 76 وفسرت بموجبه تعبير (الكتلة النيابية الاكثر عددا) بأنها تعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة ودخلت الانتخابات بأسم ورقم معينين وحازت على العدد الاكثر من المقاعد، او الكتلة التي تجمعت من قائمتين او اكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات باسماء وارقام مختلفة، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب".

وفي الختام قدم الحسيني للحاضرين سؤالين لفتح باب النقاش للحضرين:

السؤال الاول: هل ستنجح الكتل السياسية في الاتفاق على شخصية لرئاسة الوزراء مقبولة من الجميع؟ أم ستفرض القوائم المشكلة للكتلة الاكبر  مرشحها على الكتل الاخرى؟

السؤال الثاني: كيف ستكون نتائج الصراع الاقليمي والدولي في قضية اختيار رئيس الوزراء العراقي؟ وهل سيتم التوافق بين رغبات الدول المتصارعة في نهاية المطاف؟. 

خالد الثرواني

اضف تعليق