ارجأت صحيفة "ذي اندبندنت" الأسباب التي تدفع "أحد أكثر الأنظمة (الدينية) المحافظة في العالم" إلى رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، مشيرة إلى أن قرار السلطات السعودية تخفيف بعض القيود الاجتماعية على المرأة، والدفع باتجاه توفير خدمات نقل عام للنساء، إنما يأتي بدافع ضرورة تعزيز اقتصاد (المملكة) لناحية جعل الرجال والنساء أكثر إنتاجية في سوق العمل على حد سواء.

وقالت الصحيفة البريطانية، تحت عنوان: "المملكة العربية السعودية رفعت الحظر عن قيادة المرأة للسيارة بدافع الضرورة الاقتصادية وليس من منطلق حقوق الإنسان" أن "المملكة العربية السعودية تجد نفسها حالياً، في وضع اقتصادي حرج"

وترجع ذلك الى أن نموذج الدولة الريعية، المرتكز إلى عائدات النفط الوفيرة، والذي ساعد الحكومة السعودية على توفير نظام وظيفي في القطاع العام يتسم بضعف الإنتاجية (سن تقاعدي مبكر، وكثرة الإجازات الممنوحة...) إلى جانب مزايا سخية أخرى لمواطنيها على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، على مر السنوات الستين الماضية لم يعد قائماً.

وأضافت الصحيفة أن "عدد سكان المملكة ينمو بوتيرة متسارعة، وسوف يواصل نموه على هذا النحو في المستقبل المنظور"، فيما تشكل فئة الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 عاماً حوالي 60 في المئة من سكان المملكة، مشددة على أن انخفاض أسعار النفط في العام 2014، تسبب بآثار "سلبية بالغة"، على مداخيل الحكومة السعودية.

و ذكّرت "ذي اندبندنت" بأهداف برنامج "رؤية 2030"، التي أرسى دعائمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحضور المرأة في أجندة ابن سلمان الإصلاحية. "فالنساء تلعب دوراً هاماً في الرؤية، ذلك أن النساء السعوديات، وبصورة عامة، هن أكثر تعليماً، وإن بشكل طفيف، من الرجال. لذلك، تعتقد الحكومة السعودية أنه بإمكانهن الاضطلاع بدور فاعل في تطوير البلاد.

وذهبت الصحيفة إلى أن ارتفاع نسبة البطالة في أوساط النساء السعوديات، قد يدفعهن إلى أن يكن أقل تردداً من أقرانهن من الرجال للقبول بتولي بعض المهن.

ويمكن تفسير ضعف حضور المرأة في سوق العمل السعودية، على أنه يرتبط في المقام الأول، بالعوامل الثقافية والاعتبارات الدينية التي تركز على حصر دور المرأة في الاهتمام بإدارة الشؤون المنزلية، وإعطاء الرجل أدواراً أكبر في سوق العمل، بحسب الصحيفة.

وتتابع الصحيفة في شرح الصعوبات التي كانت تواجه المرأة السعودية في سوق العمل، بمعزل عن الحواجز الثقافية، خصوصاً وأن مدن المملكة مصممة (هندسياً) على النمط الأمريكي، والذي يتميز بوجود مسافات بعيدة بين مقر الإقامة، ومراكز الخدمات والعمل والتسوق"، على نحو يجعل من قدرة النساء على التحرك "محدودة للغاية"، وذلك في ضوء "تخلف وسائل النقل العمومية" من جهة، و"عدم اعتبار سيارة الأجرة، خياراً (ملائماً) لاعتبارات ثقافية"، من جهة ثانية، فضلاً عن الحظر الذي كان مفروضاً على قيادة المرأة للسيارة، وهو ما كان يدفع النسوة إلى التنقل بصحبة أحد أقاربها، وهو الخيار الذي تلجأ إليه العائلات المحدودة الدخل، أو عن طريق الاستعانة بالسائق المعتمد من العائلة، وهو خيار لا يشكل مشكلة لدى العائلات الميسورة.

وخلصت صحيفة ذي اندبندنت إلى أن "قرار السلطات السعودية بمنح النساء الحق في قيادة السيارات، سوف يكون "له تأثير على مدى فاعلية الرجال، وإنتاجيتهم في سوق العمل"، بالنظر إلى أن أعراف سوق العمل تقتضي بالسماح للزوج، من قبل أرباب العمل، بمغادرة مكان عمله من أجل أن يقل زوجته سواء لدواع طبية، أو لدواع هامة أخرى، وعلى هذا الأساس، وأن القرار المذكور يعد "خطوة ضرورية من اجل جعل الاقتصاد السعودي أكثر فاعلية على المدى البعيد"، خصوصاً وأن ذلك "قد يفضي إلى إدخال المزيد من النساء المتعلمات في سوق العمل، وكذلك إلى زيادة فاعلية القوة العاملة من الذكور". انتهى/ ع

اضف تعليق