لعبت السعودية دورا كبيرا في المشهد العراق بعد عام 2003، وكانت في تماس مباشر مع المشهد العراقي وتقلباته.

لم يكن هذا الدور دورا إيجابيا أبدا، فما إن صعدت القوى المعارضة لنظام البعث، والتي تنتمي في اغلبها إلى الأكثرية الشيعية إلا واستشاطت نار الغضب والحقد لدى المملكةلتخريب الواقع الجديد.

أذكت السعودية ومن معها من أعراب الخليج النار الطائفية في العراق, وقد لعبت بشكل كبير على هذا الوتر الحساس، فبدأت بتسيير قوافل الإرهابيين من داخلها وتمويل تجنيد الإرهابيين من باقي دول العرب والدول الأجنبية.

ترى السعودية إن العراق منافس قوي لها في المنطقة سواء منافس على الصعيد الاقتصادي أم على الصعيد العقائدي وإن أي استقرار في العراق, يهدد وجود هذه المملكةويُعد الشيعة الخطر الأكبر الذي يقف حجر عثرة أمام مخططاتها.

كما إن السعودية ترى إن العراق ساحة صراع مباشرة مع القوة الصاعدة في المنطقة وهي إيران وإن إيران ذات العقيدة الشيعية ستجد لها المساحة الكبيرة في العراق، بسبب الانتماء العقائدي لغالبية السكان العراقيين.

مخططات السعودية بإذكاء النار الطائفية, وإبادة الشيعية باستخدام المجاميع الإرهابية, باءت بالفشل, واصطدمت بحكمة وقيادة الزعامة الشيعية التي لم تنجر لإصدار فتاوى ضد المكونات الأخرى وكانت مواقف سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني رائعة في هذا المجال.

وحينما حاولت السعودية ومن يقف وراءها من دول الغرب الإجهاز على العراق وإسقاطه من خلال إدخال داعش وإعلان دولتهم المزعومة وفشل الحكومة العراقية بقيادة المالكي بضبط الوضع الأمني تصدت المرجعية لهذه المجاميع وأصدرت فتواها العظيمة بالجهاد الكفائي لتُفْشِل المخطط الإرهابي الجديد.

الفشل الذي مُنِيَتْ به السعودية في العراق وتيقنها بأن العراق سيصمد إذا تعرضت عقيدته لسوء جعل المملكة تفكر بسلوك آخر لتخريب الوضع الجديد وإسقاط الشيعة.

عملت السعودية على احتضان ودعم الحركات المنحرفة, كحركة الصرخي واليماني والمولويه ورواة الحديث وبعض أدعياء المرجعية وكذلك استغلال ما يسمى بالحراك المدنيواستغلال مسميات الناشطين والإعلاميين لفك الجماهير عن قيادتهم الروحية المتمثلة بالمرجعية العليا ليسهل الإجهاز على العراق كما استخدمت شتى الوسائل لإشعال فتيل حرب شيعية-شيعية في الجنوب من خلال الحرب الناعمة.

استغلت السعودية أيضا إعلان التيار الصدري ابتعاده عن سياسة المحاور,ومناداته بالوطنية فوجدت السعودية في هذا السلوك مدخلا لاختراق التيار الصدري –وخصوصا بعد تصدي التيار للحراك المدني- وبدأت بإنشاء أكبر جيش الكتروني بصفحات ممولة لبث الإشاعات والدعايات ما بين التيارات والمكونات الشيعية لتأزيم الموقف.

تم الشحن وتأزم الموقف كثيرا وخصوصا مع إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة وصار الحديث عن وقوع حرب أهلية حديثا علنيا كما صرح بذلك السيد نوري المالكي بتاريخ السادس من شهر مايو أي قبل الانتخابات بستة أيام.

كان تفجير مدينة الصدر بمثابة إشعال فتيل أو شرارة القدح للحرب الشيعية- الشيعية واعتقد أنا إن السعودية متورطة عن طريق بعض عملاءها بهذا التفجير.

حكمة القيادات الشيعية –في هذا الموقف- وتدخل إيران المباشر لحل هذه الأزمة بين القوى الشيعية فوت الفرصة على السعودية وكان إعلان تحالف الفتح وسائرون بمثابة السهم الأخير في المخطط السعودي للاقتتال الشيعي.

كان تحالف الفتح وسائرون صدمة كبيرة للسعودية وللخليج وكذلك للغرب ولإذناب النظام السابق الذي راهنو على شق الصف الشيعي مستغلين شاعرات التيار الصدري الوطنية والمنادية بالنأي بالنفس عن سياسة المحاور وعن سياسة الأقطاب والصراع على المصالح وبهذا تخسر السعودية ساحة أخرى من ساحات المواجهة أمام إيران.انتهى/س

اضف تعليق