أدرك المواطن العراقي خطورة صراع الأحزاب والقوى السياسية فيما بينها، ولم يعد للعنف علاقة كبرى داخل المجتمع، ولا يمكن للمنطق السياسي ان يمسك بإرادة المواطن في هذا الاتجاه.

يقول الكاتب الصحفي علي الطالقاني، ان "تداعيات العملية الانتخابية تعدت الحدود من جهة مخاطرها على العملية الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة، بحيث سادت أجواء من العنف الانتخابي تبعها أعمال إرهابية حتى وصل الأمر الى حرق صناديق الاقتراع وانتداب مفوضين جدد".

ويضيف في حديث لوكالة النبأ للأخبار، ان "التهديد بفراغ دستوري وحرق أصوات الناخبين كلها وسائل من أجل إيجاد صيغة توافقية بعيدا عن النتائج الحقيقية للانتخابات".

ويرى الطالقاني ان "ما يمارس من جرائم انتخابية يراد منها تزييف إرادة الناخب وعدم وصول صوته، وإيصال صوت الفائزين المزورين للبرلمان". مشيرا "إعادة الانتخابات ليس حلا، وما يجري يدخل العراق في أجواء مشحونة تتبعها تهديدات أمنية والانتداب لقضاة بدلا عن المفوضية لا يلاقي تعاون".

ويمضي بقوله "لقد أدرك المواطن العراقي خطورة صراع الأحزاب والقوى السياسية فيما بينها، وجعل دائرة القلق داخل هذه الجماعات ولم يعد للعنف علاقة كبرى داخل المجتمع، ولا يمكن لمنطق السياسي ان يمسك بإرادة المواطن في هذا الاتجاه".

وتابع، "صحيح ان القوى السياسية تحاول إيجاد جماعات تحميها، لكن الحالة الاجتماعية أدركت ان هذا الصراع يجرها إلى الحروب".

وزاد الطالقاني بالقول،بأن "رغبة الناخب العراقي في رؤيته لشكل الحكومة الجديدة تختلف عن رؤية السياسي، ولو استطلعنا رأي الجماهير بعد ائتلاف سائرون والفتح سنجد رأي جريء يقف بالضد من هذا الموقف، هناك وعي جماهيري مكتوم ويتداول في المجالس الخاصة، وطبيعة هذه الائتلافات تقف بالضد من إرادة الناخب الذي بدأ يخون بخطاب (سائرون) قبل الانتخابات.

ففي الوسط الشيعي يدور الحديث بقوة عن خوف عودة ائتلاف شيعي مكرر في وقت كان يأمل الناخب ان تكون الائتلافات عابرة للطائفية وخطاب وطني.

مبينا، ان "أربع سنوات ستمر من عمر عملية سياسية جديدة، هل ستلبي رغبة المواطنين في الخدمات لتتجاوز عامل الثقة الذي أنفقد بسبب الوعود غير الصادقة وتجاوزها.

وينوه الكاتب الى انه "في حال بقاء الدكتور العبادي لولاية ثانية وحسب التحديات الحالية سيكون ليس من مصلحة البلاد، برغم التوافق الأمريكي الإيراني حول ذلك لكن ما يجري من ممارسات بغيضة أضعفت كثيرا سياسته في محاولة لإبقاء البلاد غير متماسكة.

ـ الموصل صعقة هجوم

وعن ما جرى من احداث في العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري، يبين الطالقاني ان في الحرب حين تدور رحاها فأنها تنتقل في اقطار البلاد وتتخذ ملامح جديدة، فبعد ما جرى في الاعوام التي تلت سقوط النظام مرورا بتنظيم القاعدة وداعش، لم يعد العراق يشكل مادة أخبار الحروب الان لكن تصنف الموصل ومدن أخرى ضمن المناطق المعارضة للنظام السياسي في عراق 2003، وتعد من أكثر المدن التي تضم رتب عسكرية في زمن النظام السابق.

ويعتبر الكاتب، ان الموصل من المدن المهمشة في مقياس التنمية البشرية المتدنية، كما تقع في مقدمة قائمة المحافظات العراقية في مستويات الفقر، وقد غابت عن الخطط التنموية لأسباب أمنية وسياسية وخصوصا منذ سيطرة تنظيم القاعدة، ولم يتغير هذا الواقع حتى سقوطها بيد تنظيم داعش، اذ تنبهت الحكومة الى الخطر الأمني في المناطق المحاذية لشرق سوريا، فأخذ التنظيم يعمل على ضمان ولاء الاهالي والوجهاء سواء بالإقناع أو القوة.

 

ويتابع حديثه، تبعت الموصل ما جرى في الانبار من تجمعات وتظاهرات عنيفة كانت تبدو في بدايتها وكأنها تعبر عن رؤية سياسية واعية، فلم تنظم الموصل الى حركة الانبار في بداية الامر حتى حدث الهجوم الصاعق خلال اقل من اسبوع.

ويشير الكاتب الى العوامل التي ساعدت على سقوط المدينة، اهمها: خروج قرى وارياف الموصل عن سيطرة الحكومة، علما انها تشكل امتداد لشرق سوريا العاصف، ما دفع المجاميع المسلحة الى التوجه للموصل للسيطرة على بعض المواقع الاستراتيجية مثل السدود والجسور وابار النفط والمطارات، ومما دفعت مخاوف الحكومة العراقية والمرجعيات الدينية الشيعية في فتوها بالجهاد الكفائي الى فرض وجود عسكري لإيقاف مد التنظيمات الارهابية.

ويستدرك الطالقاني "اما العامل المهم الذي اسقط المدينة بشكل سريع، تعاون واسع بين الحركات المسلحة فأصبحت الموصل ملاذا للمقاتلين والمعارضين على اعتبارها خارج سيطرة الحكومة", مضيفا ، هنا دخل العامل الدولي بزعامات دولية معروفة في تسهيل التنسيق بين المقاتلين مما خلق تواصل جغرافي بين سوريا والعراق وسهولة تنقل المقاتلين والاسلحة".

ـ الصحافة ولجم الأفواه

وفي علم الصحافة والاعلام الواسع الحدود يتحدث الكاتب علي الطالقاني قائلا: ان "في عالم الثقافة تظهر سلوكيات بشكل واعي تؤدي الى انهيار الثقة حيث تكمن في مقارنات حسودة". مبينا" كم افلحت المنظمات والاعمال الحرة في تطوير الامكانيات وتحقيق التعاون؟ فكلما ابتعدنا عن العمل المهني تبرز حالة اللامساواة مع توسع شريحة العنصرية والطبقية، اذن كيف يمكن للمهنية ان تُستخدم للأبحار في مواجهة هذه الامواج المتشربة؟".

ويبين الطالقاني ان "الحل يكمن في الكياسة المهنية في مواجهة اللامساواة المفروضة، صحيح انها تضعنا أمام امتحان عسير، لكن بنفس الوقت تساعد على تجاوز الشعور بالاركاع من خلال آداب السلوك والاستمرار بتحقيق النجاحات مرة تلو الاخرى".

ما يتعرض له الصحفي اليوم في العراق من قمع او لجم الافواه او التهديد سيؤدي الى المزيد من العداء الداخلي والخارجي، موضحا، المتلقي لا يصوغ وعيه من خلال برامج سياسية، انما يعبر عن شعور عموم الناس المتأتي من الوعي اليومي، حيث تنتشر القناعة ان المسؤول هو مسؤول فاسد.

وبحسب الطالقاني، لازال بعض المسؤولين الحكوميين يصر على قراءة الاعلام، تارة اعلام تابع لجماعات مضادة وتارة هو اعلام خارجي واخر طائفي، وما يزعج في الامر ظهور محاور مسلحة تؤثر في عدم ظهور اعلام قوي والحديث هنا عن احزاب وشخصيات لا تؤمن بالنقد ولا تؤمن بمهام الصحفي.

ـ أي الكتب مؤخرا قرأت؟

الاشخاص والجماعات الذين يعيشون بالمثاليات ولايعيشون الواقع ولو بشكل جزئي، يصطدمون فيما بعد عند التعامل مع هذا الواقع بهده العبارة عبر الكاتب عن بعض الحالمين، متابعا بقوله، "بالتالي سينتفضون وتتغير رؤيتهم ويكتشفون انهم كانوا يعيشون في الاحلام، وهذا سيتركهم امام خيارين اما الهروب وعدم مواجهة واصلاح شؤون الحياة أو الاحباط، متطرقا الى ان الحل يكمن في الاستماع للأخرين الذين لديهم تجارب اجتماعية والاذعان لتلك التجارب.

ويوضح الكاتب ان "ما تعيشه اليوم أغلب الجماعات كانت دينية او سياسية هذه الحالة المزرية من التفكير الذي عادة ما أخر ايجاد حلول للمشاكل وخصوصا تلك التي تتعلق بمصير الناس والمشاريع، وما يعجبني ان اطالعه بتمعن كتب عديدة من بينها حول الاسلام والحداثة".

ـ هل الاسلام في محتواه الفكري صلابة وخصوصا عندما يتعلق الامر بأسلمة المجتمعات؟

يقول الطالقاني، ان "الكاتب الفرنسي المعروف أوليفييه روا بكتابيه الذي طالعته يحاول ان يعطي الامل بدفع الشبهات وتوضيح مكامن الخلل التي جعلت التوترات تقف حائلا أمام التعايش بين الاسلام والغرب، حتى بات الاسلام يدخل بتنافس شديد وصراع عندما يقارن مع العلمانية، والكاتب يفسح المجال امام الحوار بل يتعدى هذا الحوار ليصل الى النزاعات، حيث ان عولمة الاسلام والاسلام والعلمانية، عناوين متجانسة للكاتب، الأول 220 صفحة والثاني 175 صفحة.

أما عن الحداثة والاخلاق يجدد الكاتب القول "أنها تعاني من مأزق أخلاقي يستحيل ان يقوم من خلالها مشروع سياسي اسلامي نموذجي، وهو ما وسع فجوة الخلاف حول بناء دول اسلامية بمعايير الدولة الحديثة". انتهى/خ.

اضف تعليق