يعد الاقتصاد في اغلب دول العالم العصب الرئيس لبناء ورسم السياسات الاقتصادية والتي على ضوئها تضع الدولة خططها التنموية والامنية وغيرها، اذ تعمل على تحليل ووضع تصورات ورؤى مستقبلية للشأن العام.

 لكن بالنظر الى التراجع الحاد الذي يشهده العراق بالجانب الاقتصادي وتصدر ملفات على حسابه تقع في الاولوية منذ تغيير النظام السابق سنة 2003.

 وبروز الملفين السياسي والامني وتصدرهما للمشهد في العراق منذ حوالى عقد ونيف لم يشهد ملف الاقتصاد تحلحلا والذي يعتمد بشكل اساس على النفط على الرغم من امتلاك العراق للموارد الطبيعية فضلا عن البشرية، وبقي متخلفا في تسلسل اولويات القوى السياسية الحاكمة طيلة الفترة الماضية.

 ويعزو اقتصاديون ومختصون السبب في تهميش الكفاءات الاقتصادية العراقية، بان القوى الحاكمة تعمل على إقصاء الكفاءات الاقتصادية وتستعين بشخصيات حزبية وفقا للمحاصصة الحزبية والطائفية والقومية في رسم سياسات الدولة، بحسب قولهم.

 يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطون في تصريح صحفي تابعته وكالة النبأ للأخبار، ان " السياسي يسعى الى كيفية الحصول على مكاسب وغنائم له ولحزبه وكتلته وعشيرته، ويبقى الاقتصاد العراقي متخلف بالبلد رغم هول المبالغ التي دخلت الى العراق".

ويؤكد انطون انه "تجد هناك مشاكل اقتصادية كبيرة، وقسم من السياسيين لا يفهم ولا يدرك الاقتصاد واهميته والقسم الاخر منشغل بالفساد وكم سيحقق من مغانم".

ورغم رفع الاحزاب شعارات حملت برامج اقتصادية وتنموية متعددة الاوجه الا ان تنفيذها على ارض الواقع بحاجة الى شخصيات ذات كفاءة عالية.

اما الخبير المالي صفاء قصي اشار الى ضرورة منح دور للسياسة الاقتصادية لخلق بيئة مستقرة حيث يقول، ان "من الواجب اعطاء دور للسياسة الاقتصادية لقيادة المجتمع من اجل خلق استقرار حقيقي",

ويشير قصي في حديثه الى، ان "معظم السياسيين يعتقدون بأولوية الامن على حساب الاقتصاد والذي اخذ الحيز الكبير"

ويرى الخبير المالي بالنقيض من ذلك بقوله، اننا "نعتقد العكس حيث ان العمل على جذب الاستثمار الاجنبي والانفتاح على اقتصاديات المنطقة والعالم ستساهم في خلق بيئة سياسية مستقرة

ويردف قصي ان بعملية فرض السيطرة الامنية اولا على الواقع العراقي ومن ثم الجانب الاقتصادي ثانيا لا يفضي الى خلق بيئة مستقرة للسياسيين.

ويذهب مراقبون واعلاميون الى ابعد من ذلك حيث يرون ان السياسيين بعد التغيير الذي حصل سنة 2003 وجدوا ان الامور جاهزة لكسب المغانم بعد ان تسنموا المناصب، حيث يقول الكاتب والاعلامي عبد الامير المجر في تصريح تابعته وكالة النبأ للأخبار، ان "ساسة العراق لم يأتوا لكي يبنوا دولة وينضجوا واقع دولة يتفاعل بها الاقتصاد والسياسة والثقافة وكل فعاليات الحياة".

ويتابع المجر الحديث بقوله "انما وجدوا دولة جاهزة ذات اقتصاد ريعي متمثلا بالنفط". مشيرا الى، ان "النفط اصبح مغنم للقوى المتصارعة داخل السلطة وداخل الدولة".

ويوضح في معرض حديثه ان "الصراع بين السياسيين من اجل السلطة وليس من اجل بناء الدولة"

ويبين الكاتب ان "الثقافة التي تكرست الان في العراق بعد 2003، هي ثقافة كيف تقفز الى السلطة، ومن خلالها كيف تحصل على المال"، مؤكدا ان "بما ان المال يأتي من خلال النفط فلا يوجد عناء".

ولم يخرج العراق من الاعتماد بشكل رئيسي على وضع الميزانيات العامة للسنوات الخمسة عشر الماضية على موارده من بيع النفط الخام وجعله اسيرا له، على الرغم من وجود بدائل تتيح للعراق التنوع بمصادر الدخل والخروج من الاقتصاد الريعي وتحقيق الاستقرار على جميع المستويات. انتهى/ ع

اضف تعليق