منذ عقد القمة التاريخية التي جمعت الرئيس الامريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنغافورة، يوم الاثنين الماضي واجهت انتقادات كبيرة من قبل صحف أميركية،بسبب مزاعم انتهاك الأخير لحقوق الإنسان.

وأشارت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير لها عن قمة الاثنين في سنغافورة، إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يتعامل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون كمنبوذ، بل واجهه بالاحترام.

وقالت، إنه "بغض النظر عن ابتسامته البلهاء وقصة شعره المضحكة، يعد كيم شخصية وحشية يترأس إحدى أكثر دول العالم قمعًا، حيث تعرض آلاف المواطنين للقتل أو التعذيب أو السجن أو الاغتصاب، وحيث لا يحصل 18 مليون شخص على ما يكفي من الطعام، وفقًا لتقرير من الأمم المتحدة".

اما صحيفة لوس أنجلوس تايمز قالت إنه "علينا ألا نخدع أنفسنا، فهذه ليست المرة الأولى التي يوافق فيها رئيس أميركي على غض الطرف عن مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان سعيًا وراء تحقيق هدف ملموس آخر".

وتشير الصحيفة الى لقاء الرئيس الامريكي مع نظيره ماو تسي تونغ "بدايةً، المثال الأكثر وضوحًا لهذا

وضربت تايمز مثالاً آخر: "كما لم يمنع الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل من القتال في الحرب العالمية الثانية إلى جانب حليفهم جوزيف ستالين الدكتاتور الذي لا يرحم والذي كان مسؤولًا عن مقتل عشرات الملايين من الروس والأوكرانيين وغيرهم. والتقى الزعيمان بستالين وعقدوا قمة، وتوصلوا لاتفاقات معه وصافحوه ووقفوا لالتقاط صور معه"

وعلق تشرشل عندها عندما قال: "لدينا هدف واحد وغرض واحد لا رجعة عنه. نحن مصممون على تدمير هتلر وكل بقايا النظام النازي. ولن يردعنا أي شيء من تحقيق هذا، لا شيء".

ويعد ارتقاء حقوق الإنسان إلى مكان بارز في السياسة الخارجية الأمريكية تطور الحديث نسبيًا، وما زال يتم تجاهله على أساس منتظم منذ ارتقائه، هذا ما تعزوه الصحيفة.

وقالت الصحيفة الأمريكية، إن صفقة الرئيس أوباما التي تعرضت لانتقادات شديدة وهوجمت بشدة مع إيران للحد من تطوير أسلحتها النووية لم تعالج بشكل واضح وعن قصد كل ممارسات القمع الداخلي للدولة أو دعمها الدولي للإرهاب، ووضعت هذه القضايا جانبًا، رغم وجود بعض القلق بشأنها، لكن الإدارة كانت تعتقد أنه يجب الفصل بين هذه القضايا.

وترى لوس أنجلوس تايمز أن "التنازلات القبيحة تعد ضرورية في بعض الأحيان، بينما في أحيان أخرى لا يمكن الدفاع عنها إطلاقًا".

وتقول: "حتى الآن، من غير الواضح ما إذا كانت قمة ترامب المتأرجحة بين الاستمرار والتوقف والقائمة على الفوضى، مع هذا المستبد الوحشي، ستؤدي إلى أي نتائج ذات معنى".

وبحسب الصحيفة، فإنه رغم ذلك لا يجب التظاهر بأن صفقات خاطئة أخلاقيًا لم تعقد في السابق أو أنها لن تعقد في المستقبل".

وعلى صعيد متصل وصفت صحيفة واشنطن بوست القمة بأنها لا تعدو عن كونها "لوحة جميلة". اذ يحتاجها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من أجل "تعزيز الشرعية"، وترامب لاكتساب الثقة في النفس.

وتذهب الصحيفة إلى أن الوثيقة التي خرجت بها القمة، ليست ضمانة لنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، مضيفة "هذا يعني أن المفاوضات الآن ستتواصل بشان المفاوضات".

ويمضي الصحفي ديفيد أيكس من ذا ديلي بيست مفترضا أن الاتفاقية "السنغافورية" لا تلزم مطلقا كيم الامتناع بشكل تام عن السلاح النووي، بل ورأى أن كيم جونغ أون تفوق على دونالد ترامب، وذلك لأن الرئيس الأمريكي، بحسب قوله قد فضّل الثقة في كلمة الزعيم الكوري الشمالي، عن التوصل إلى اتفاق واضح بشأن نزع السلاح النووي كاملا".

ويرجح الكاتب نيكولاس كريستوف من ذا نيوورك تايمز أن يكون ترامب قد خُدع في سنغافورة، وأنه قدم تنازلا ضخما بإيقاف التدريبات العسكرية مع كوريا الجنوبية، وأسبغ بذلك، في الوقت ذاته، الشرعية على كيم جونغ أون.

ويزاد على ذلك بأن الرئيس الأمريكي اعترف بكوريا الشمالية كقوة عظمى مساوية، ومنحها ضمانات أمنية مقابل تأكيد كيم ببساطة بأنه "متمسك بنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية"، وهو الموقف الذي رددته بيونغ يانغ مرارا منذ عام 1992.

كريستوف يقول أن البيان المشترك يخلو من أي شيء عن "تجميد كوريا الشمالية لبرامج البلوتونيوم واليورانيوم، ولا يوجد به شيء عن تدمير الصواريخ العابرة للقارات، ولا شيء عن السماح للمفتشين بالعودة إلى المنشآت النووي.. ولم يكن هناك حتى مجرد وعد واضح بوقف التجارب النووية أو الصواريخ بعيدة المدى بشكل دائم"

وتوصل الكاتب إلى استنتاج يقول إن كيم حشر ترامب في الزاوية تماما، ورأى أنه من المخيف أن الرئيس الأمريكي لا يعي ذلك، وأن لديه الآن حظوظا أقل بكثير مما كان لدى المفاوضين السابقين الذين توصلوا إلى صفقة مع كوريا الشمالية في السابق. انتهى/ ع

 

اضف تعليق