يخوض موقع "ساسة بوست" في تحليل المشهد السياسي العراقي وبالخصوص في انتخابات مجلس النواب العراقي وما تلاها من احداث ووقائع قد تشهد متغيرات في نتائج الانتخابات او حتى ابعد من ذلك.

حيث تقول : "وصفه البعض بـ"الانقلاب الأبيض"، إنه قرار البرلمان العراقي الذي اتخذ قبل أيام والذي يقضي بإعادة العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات العراقية الأخيرة المثيرة للجدل، والتي اتهمت فيها جهات عدة المفوضية ومجلسها بتدبير تزوير ممنهج في الداخل والخارج، الأسطر التالية تقرأ في اتهامات التزوير هذه وتأثيرها على العملية السياسية في العراق، وهل ستعبر البلاد هذه المرحلة فيما لو ظهرت نتائج مغايرة للتي حصلت عليها الكتل الفائزة؟

وكانت الانتخابات الأخيرة قد شهدت تصدر كتلة "سائرون" تليها كتلة "الفتح" كتلة ثم ائتلاف النصر بـ 42 مقعدًا.

إشكالية قانونية في قرار البرلمان بشأن الانتخابات

يقول الخبير في الدستور العراقي جمال الأسدي إن الأزمة الراهنة خلقتها سلسلة الإجراءات التي قام بها البرلمان سواء على صعيد إبقاء الجلسة مفتوحة، وهي إشكالية بحد ذاتها بعد أن كانت المحكمة الاتحادية أعلنت عدم دستوريتها عام 2014، أو لجهة إصداره تشريعًا قانونيًا، هو الآخر مطعون في شرعيته بسبب عدم دستورية الجلسة، بالإضافة إلى سلسلة مخالفات أخرى قسم منها يتعلق بالنصاب وسوى ذلك.

يضيف الأسدي أن "المخالفات البرلمانية كانت أيضًا في إلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين ، حيث إن مجموع الأصوات الملغاة بلغت أكثر من مليون ونصف المليون صوت بما يعادل نسبة 9% من أصوات الناخبين العراقيين ككل".

ويوضح الأسدي أن مجلس القضاء الأعلى ارتكب مخالفة أيضًا بقبوله قرار البرلمان الذي يفضي بانتداب تسعة قضاة محل مجلس المفوضين ليشرفوا على عملية إعادة العد والفرز اليدوي للنتائج، وأوضح الأسدي أن ذلك أدخل السلطة القضائية في مهام السلطة التشريعية وهذا مخالف للدستور، بحسبه.

كيف ستكون العملية السياسية في العراق بعد قرار البرلمان؟

يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور علي أغوان أن "عملية العد والفرز اليدوي وإعلان النتائج النهائية والمصادقة عليها ستستغرق على الأرجح 90 يومًا على أقل تقدير، مع الاخذ بنظر الاعتبار أن السلطة القضائية في العراق غير مهيأة للإدارة الفنية لعملية العد والفرز، حيث إنه خارج اختصاصها، لكنها تبقى أكثر جهة موثوق بها حتى الآن"، بحسب أغوان.

ويضيف أغوان "ما حدث في البرلمان تحديدًا هو الغاء نتائج الانتخابات وإعادة الجميع للمربع الأول، وهذا يعني أنه لا يوجد الآن أي فائز أو خاسر بالانتخابات ما لم تصادق المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية خلال 90 يومًا على أقل تقدير"

يذكر أن الفترة القانونية لعمل البرلمان تنتهي مع نهاية شهر يونيو الجاري، وكذلك مهمة الحكومة الحالية حيث ستتحول في الأول من يوليو (تموز) القادم الى حكومة تصريف أعمال.

 

ولا زالت ذاكرة العراقيين حية في تجربتهم الانتخابية، إذ إنه وقبل اربع سنوات بالضبط، شهدت البلاد سيطرة مسلحي «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش) على ما يربو من نصف العراق ووصلت جحافل مقاتليهم حتى أطراف بغداد.

يقول المحلل السياسي عرفان الحديثي إن "التجربة الانتخابية الماضية كانت قاسية جدًا على العراقيين إذ شهدت البلاد وضعًا أمنيًّا مزريًا توّج باحتلال مقاتلي «داعش» لمحافظات عراقية بأكملها، ما يدفع العراقيين إلى التفكير فيما سيحدث في قابل الأيام في ظل وضع سياسي متشنج.

ويستدرك الحديثي حديثه بالقول: إن "النتائج النهائية للانتخابات قد تشهد تغييرًا يصل الى نسبة 40% في بعض المحافظات".

من جهة أخرى يرى آخرون أن الولايات المتحدة وتواجدها الكبير في العراق الآن يعد ضامنًا أمنيًّا إلى حد ما، وتختلف هذه المرحلة عن التي كانت عليها البلاد عام 2014، يقول الخبير الأمني والاستراتيجي أحمد العلم، إن "الولايات المتحدة تقرأ الآن الوضع عن كثب خاصة ما يتعلق بـ التغلغل الإيراني واحتمالية حدوث أي خروقات أمنية في ظل ضغط أمريكي غير مسبوق على جمهورية ولاية الفقيه وملفها النووي، بحسب العلم.

 

ويقول الباحث في الشؤون الاقتصادية حامد محي الدين إن "العراق مقبل على فراغ اقتصادي إضافة إلى السياسي".

يضيف محي الدين قائلًا: "نحن الآن في منتصف عام 2018 وإجراءات العد والفرز التي ستتولاها السلطة القضائية في البلاد ستستغرق ما لا يقل عن شهرين، وبعد المصادقة على النتائج النهائية، ستستغرق الكتل السياسية أيضًا أشهرًا حتى الاتفاق على تشكيل حكومة من الكتل الفائزة خاصة أن الكتل الفائزة غير مؤهلة لتشكيل حكومة أغلبية ، حيث إن أحدًا لم يحقق النصاب القانون بـ 165 مقعدًا".

ويختتم محي الدين حديثه بالقول إن أي استثمارات كبيرة في البلاد لن تكون ممكنة في ظل حكومة تصريف أعمال، وبالتالي سيشهد الوضع الاقتصادي في العراق ركودًا غير مسبوق، بحسبه.

وما بين إعلان النتائج والطعن فيها وقرار البرلمان بإعادة العد والفرز، يترقب العراقيون ما ستؤول إليه أوضاع البلاد، في ظل مكتسبات أمنية حققتها الحكومة الحالية، ويخِشى العراقيون من فقدانها مجددًا. انتهى/ ع

 

اضف تعليق