تخيم على قمة مجموعة السبع ظلال الخلافات الحادة بين الولايات المتحدة والأعضاء الستة الآخرين بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية بعشرات المليارات من الدولارات على حلفائه إضافة إلى اقتراحه عودة روسيا إلى المجموعة الذي يرفضه الأوروبيون.

فرض دونالد ترامب الجمعة جدول أعماله على حلفائه الغاضبين في قمة مجموعة السبع في كندا، مقترحا إعادة روسيا إلى المجموعة بعد استبعادها في 2014، ومتهما في رد مضاد الاتحاد الأوروبي وأوتاوا بالحمائية.

وأعلن الرئيس الأمريكي في وقت لاحق الجمعة تحقيق تقدم في المحادثات التجارية مع كندا، خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على هامش القمة.

وقال ترامب ممازحا لدى جلوسه إلى جانب ترودو "وافق جاستن على إلغاء كل الرسوم وكل العوائق التجارية"، وهو كان قد وجه قبل ساعات انتقادات لرئيس الوزراء الكندي.

ثم وبنبرة جدية، أكد ترامب "حققنا تقدما كبيرا اليوم"، معتبرا أن العلاقات بين البلدين الجارين أفضل من أي وقت مضى.

وفي معرض حديثه عن محاولات لإعادة التفاوض حول معاهدة التبادل الحر في أمريكا الشمالية "نافتا"، أوضح ترامب "قد يكون الأمر -نافتا- بشكل مختلف"، متوقعا نتائج "مفيدة جدا" للبلدين.

وكانت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند قد أعلنت قبيل ذلك أن فرض واشنطن رسوما على وارداتها من الفولاذ والألومنيوم "مخالف للقانون" وسيواجه بإجراءات انتقامية.

وقالت فريلاند إن "كندا لن تغير رأيها في ما يتعلق بفرض رسوم غير قانونية وغير مبررة على الإطلاق على الصلب والألومنيوم، لا تقتصر على ما تصدره كندا بل تطاول ما تصدره كافة الدول الحليفة في مجموعة السبع المجتمعة هنا".

وتوقع ترامب أن يتوصل قادة دول مجموعة السبع إلى اتفاق على بيان مشترك في نهاية القمة.

وقال "أعتقد أننا سنصدر بيانا مشتركا"، وذلك بعد أن توقع عدد من المشاركين في القمة فشل القادة في التوصل إلى اتفاق على بيان مشترك بسبب خلاف حول الرسوم التجارية الأمريكية.

وهي أول مواجهة جماعية لترامب مع قادة الدول الست الأخرى منذ فاجأ حلفاءه بفرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم.

لكن هذا لم يمنع ترامب من أن يشارك مبتسما في الصورة الجماعية التقليدية. ورغم تبادل التغريدات الحادة قبل 24 ساعة فقط، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على حدة لبضع دقائق بعيد وصوله إلى مالبي. وتحدث الإليزيه عن لقاء "ودي".

ورحب ماكرون الجمعة بتحقيق تقدم بشأن التجارة في المفاوضات مع ترامب.

وصرح للصحافيين لدى بدء اجتماع له مع ترامب على هامش القمة "أجرينا مناقشة أولى، تشكل بداية نقاش حول مواضيع آنية كالتجارة، لكنها سمحت على ما أعتقد بإزالة الكثير من احتمالات سوء الفهم. هناك نية للعمل، وللتقدم معا".

وتابع ماكرون "الأمور تتقدم في مجموعة السبع، الأمور لم تحسم بعد... لكننا نعيش أوقاتا شديدة الصعوبة تتطلب حوارا دائما".

الأوروبيون يعارضون عودة روسيا إلى مجموعة السبع

وقبل أن يغادر واشنطن، كان ترامب قال للصحافيين في البيت الأبيض "طردوا روسيا وعليهم إعادة روسيا لأنه يجب أن تكون روسيا معنا على طاولة المفاوضات".

أضاف "أنا أسوأ كوابيس روسيا. لكن رغم قول ذلك، فإن روسيا يجب أن تكون في الاجتماع". وسأل "لماذا نجتمع بدون وجود روسيا في القمة؟".

وأوضح "سأوصي، والأمر يعود إليهم. لكن روسيا يجب أن تكون في الاجتماع، يجب أن تكون جزءا منه".

وسرعان ما أيد رئيس الوزراء الإيطالي الجديد جوزيبي كونتي دعوة ترامب مؤكدا في تغريدة أن "من مصلحة الجميع" أن تعود روسيا إلى المجموعة.

لكن القادة الأوروبيين المشاركين في القمة وبينهم كونتي عقدوا اجتماعا منفصلا لإظهار موقفهم الموحد وسارعوا إلى التفاهم على موقف مشترك: الأوروبيون لا يزالون ضد عودة روسيا لكنهم منفتحون على "حوار" مع الرئيس فلاديمير بوتين المدعو أولا إلى تغيير سياسته.

وأكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الجمعة أن الأعضاء الأوروبيين في مجموعة السبع متفقون على أنه لا يمكن إعادة روسيا إلى المجموعة ما لم يتم تحقيق تقدم لحل الأزمة في أوكرانيا.

الحرب التجارية

كان الرئيس الأمريكي آخر الواصلين إلى قمة مجموعة السبع وسيكون الأول الذي سيغادرها متوجها إلى سنغافورة حيث تعقد في 12 حزيران/يونيو القمة التاريخية مع كيم جونغ أون، وهي أولوية منذ أسابيع بالنسبة إلى ترامب.

في الملف التجاري، يسعى ماكرون والأعضاء الآخرون في مجموعة السبع إلى إقناع ترامب بعدم استهداف قطاعات صناعية أخرى برسومه الجمركية.

وقال ماكرون "إنني مقتنع بأن أوروبا ستحافظ على وحدتها وستبقى كذلك لوقت طويل"، متحدثا عن تشكيل جبهة مشتركة.

وتبقى معرفة المدى الذي ستذهب إليه اليابان التي لا تريد أن يتم تهميشها في المفاوضات بين واشنطن وكوريا الشمالية، وكذلك الحكومة الإيطالية الجديدة الشعبوية وألمانيا الأكثر تأثرا بسياسة واشنطن الانتقامية من سائر الأوروبيين.

وكان ترامب قد كتب على تويتر أن "الاتحاد الأوروبي يعاملنا في شكل سيء جدا وكندا" أيضا، مشيرا إلى الرسوم الكندية الباهظة على منتجات الحليب ومطالبا الأوروبيين بفتح أسواقهم.

تاريخ مجموعة الدول السبع الاقتصادية الكبرى

ورفع الاتحاد الأوروبي شكوى ضد الولايات المتحدة إلى منظمة التجارة العالمية وأعد لائحة بالرسوم الجمركية ضد بعض المنتجات الأمريكية مثل الويسكي وزبدة الفول السوداني أو الدراجات النارية.

لكن هذه التدابير الانتقامية لم تدخل بعد حيز التنفيذ إذ على الدول الأعضاء أن توافق على القائمة، غير أن ألمانيا قد تفضل الحذر خوفا من أن يقوم ترامب بفرض رسوم على السيارات الأجنبية قريبا.

والسبت، سيتم ترقب ما سيحدث بشأن الإعلان الختامي التقليدي للقمة.

وسيشدد الأوروبيون على الدفاع عن اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران مع ضرورة تحديد "قواعد مشتركة" للتبادل الحر. ويبدو أنهم مستعدون مع كندا واليابان لعزل الولايات المتحدة إذا رفض ترامب التنازل.

أما المظاهرات المناهضة لقمة مجموعة السبع فكانت حتى الآن محدودة جدا مقارنة بالقمم السابقة. واعتقلت الشرطة بعض الأشخاص في كيبيك على بعد 140 كلم من مالبي بعد حوادث متفرقة.

اضف تعليق