كالسنوات السابقة، وبمناسبة شهر رمضان العظيم، وفد على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدّسة، جموع كثيرة من النساء المؤمنات والناشطات في المجالين الديني والثقافي، واستمعن إلى توجيهات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بخصوص الشهر العظيم، وذلك مساء يوم السبت المصادف للسابع عشر من شهر رمضان العظيم 1439للهجرة (2/6/2018م).

 إليكمّ أهمّ ماجاء في توجيهات سماحته دام ظله:

 أرجو ببركة مولانا رسول الله والعترة الطاهرة صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، وبالأخص مولانا الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف، أن تشمل الجميع رعايتهم صلوات الله عليهم، رجالاً ونساء، وكباراً وشباباً، وتلاميذ وجامعيين، لكي يوفّقوا لأداء مسؤولياتهم.

خاطب الإمام جواد صلوات الله عليه الله تعالى في دعائه في أول ليلة من شهر رمضان العظيم، وقال: (اَللّـهُمَّ وَلا تَجْعَلْنا ... مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَل يَتَّكِلُ).

 وبيّن سماحته بقوله: إنّ كل شيء مناط بشروط. على سبيل المثال: إنّ شفاء المريض مناط بعمله بقول الطبيب. وهكذا التوكّل على الله تعالى مناط بالعمل الصالح.

 لقد روى الإمام الرضا صلوات الله عليه رواية واحدة لأهل نيسابور حينما وصلها وهو في طريقه نحو خراسان، وقال: (كلمة لا إله إلاّ الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي). ولتوضيح الرواية عقّب الإمام صلوات الله عليه وقال: بشروطها وأنا من شروطها.

وأردف، هذا يعني انّ التوحيد يجب أن يكون مع النبوّة، وانّ التوحيد والنبوة يجب أن يكونا مع الشهادة بالولاية للأئمة صلوات الله عليهم. فالنبوة والولاية من شرائط القبول بالتوحيد. مثلما انّ السعادة بحاجة إلى شروطها.

وشدّد قائلاً: إنّ الأدعية المروية عن الأئمة صلوات الله عليهم هي كنوز ثمينة جدّاً. ولذا علينا أن نسعى إلى الاستفادة من هذه الأدعية والأحاديث لكي نضمن سعادتنا في الدنيا والآخرة.

وأوضح سماحته: علينا أن ننتبه إلى أمرين مهمين جدّاً، ومهما تقدّمنا في هذين الأمرين علينا أن نسعى لمزيد من التقدّم فيهما والارتقاء والنمو، وهما:

 الأول: تزكية النفس، كما قال تبارك وتعالى في كتابه الحكيم: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا). وهذا يعني انّ السبيل الوحيد للسعادة هي تزكية النفس. وهذا العمل مناط بالتصميم الراسخ لكل واحد منّا. فتزكية النفس واجب عيني، وعلى كل واحد أن يلتزم بها كالتزامه بالصلاة والصوم.

إذن، وحسب قول الإمام الجواد صلوات الله عليه الذي صدّرنا به كلامنا، فإنّه لا يمكن التوكّل على الله تعالى بدون تزكية النفس. وشهر رمضان العظيم فرصة مناسبة لتزكية النفس وربيعها، وعلى الإنسان أن يسعى إلى تزكية نفسه ليلاً ونهاراً، وأن يتضرّع إلى الله تعالى ويتوسّل بأهل البيت صلوات الله عليهم في هذا السبيل.

الأمر الثاني: واجبنا جميعاً هداية الناس. فعلى كل واحد، بمقدار استطاعته وتمكنّه، أن يهدي الآخرين، إلى حد إقناعم، فإن شاؤوا اهتدوا، وإن شاؤوا لم يهتدوا. وهذه المسؤولية هي واجب كفائي، ولكن لا يوجد حالياً من فيه الكفاية، والدليل عليه هي كثرة المعاصي، ووسعة الضلالة بين الناس في العالم كلّه.

وبيّن أيضاً: حسب الروايات الشريفة فإنّ شرط الورود في الجنّة الخالدة هي كلمة (لا إله إلاّ الله). ولكن هذا لوحده لا يكفي استناداً إلى ما بيّنته روايات أخرى، وهذا مناط بشروط. فالإمام الرضا صلوات الله عليه قال: (وأنا من شروطها). ولا يخفى انّ معاوية وأمثاله قد قال (لا إله إلاّ الله) أكثر من كثير الناس، ولكن لا مكان له ولأمثاله في الجنّة.

وأضاف، ذا علينا أن نسعى في هذا الشهر العظيم، شهر رمضان، إلى الاستفادة من الأدعية الشريفة المروية عن أهل البيت صلوات الله عليهم في سبيل نيل شروط كلمة (لا إله إلاّ الله)، حتى لا نصاب بالحسرة في يوم القيامة. 

نحن مسؤولون جميعاً تجاه الآخرين، وعلينا بمقدار طاقاتنا وإمكاناتنا أن نبلّغ الإيمان والاعتقاد بالله، والإيمان والاعتقاد بالمعاد، والإيمان والاعتقاد بالإمامة.

كما يجب أن يكون التبليغ بشكل يقنع الآخرين، وهذا الأمر يتطلّب فرصاً كثيرة. فممارسة التبليغ في الأزمنة السالفة كان صعباً جدّاً، ولكن اليوم فإنّ الأرضية لتبليغ الدين متوفّرة وواسعة ومبسوطة، فيجب الاستفادة من هذه الفرصة.

وختم سماحته، "وصيّتي في هذه الليلة من شهر رمضان العظيم، للنساء والرجال كافّة، وبالأخص الشباب والشابات، هي أن يلتزموا بالأمرين اللذين ذكرتهما آنفاً، أي تزكية النفس وهداية الآخرين، في كل لحظة من حياتهم، وأن يهتمّوا للأمرين المذكورين أكثر وأكثر".انتهى/س

اضف تعليق