كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الانسان، اليوم الاربعاء، عن قيام قوات "الأسايش" في اقليم كردستان باعتقال متظاهرين وصحفيين وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم انتقاد حكومة الاقليم، مؤكدة ان عمليات الاعتقال تمت دون أوامر قضائية.

وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة لمى فقيه، ان "رد حكومة إقليم كردستان على الاحتجاجات يتجاوز بكثير حقها في اعتقال ومحاكمة المسؤولين عن العنف".

واضافت "يبدو أن التكتيكات القاسية التي تنتهجها القوات المسلحة في الإقليم هي محاولة لإسكات النقد، رغم الرواية الرسمية بأن السلطات تحترم حقوق المواطنين في حرية التعبير والتجمع".

واشارت المنظمة في تقريرها الى ان قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان "اعتقلت مشاركين في احتجاجات كانون الأول 2017 في مختلف أنحاء السليمانية، وأجبرتهم على توقيع تعهدات بعدم انتقاد الحكومة".

وبينت ان المتظاهرين تم "احتجازهم لمدة ثمانية ايام دون عرضهم على قاضٍ، وأُجبروا قبل الإفراج عنهم على توقيع تعهدات بعدم الاحتجاج أو انتقاد الحكومة على وسائل الإعلام الاجتماعي. كما احتجزت قوات الأسايش في كردستان العراق 3 صحفيين كانوا يغطون الاحتجاجات، بسبب عملهم على ما يبدو".

وتابعت المنظمة "احتج موظفو الخدمة المدنية وحشود من أنصارهم في تسع مدن وبلدات على الأقل في محافظة السليمانية بسبب عدم دفع أجور موظفي الخدمة المدنية. على مدى السنوات الثلاث الماضية، دفعت حكومة الإقليم أجورا جزئية فقط كل بضعة أشهر بدلا من الرواتب الكاملة كل شهر"، وفقا لمجموعة من المعلمين الذين ساعدوا في تنظيم الاحتجاجات.

واكدت ان جميع المعتقلين قالوا إن قوات الأسايش "احتجزتهم لمدد تتراوح بين يوم وثمانية أيام دون توجيه تهم إليهم أو تقديمهم إلى قاض. ولم يُسمح لهم الاتصال بأسرهم أو بمحامين. وأجبِر تسعة رجال على توقيع تعهد بعدم المشاركة في أي احتجاجات في المستقبل، واضطر ستة إلى التعهد بعدم نشر أي شيء ينتقد حكومة الإقليم أو يشجع الاحتجاجات على وسائل الإعلام الاجتماعي".

واضافت ان قوات الاسايش "اعتقلت سبعة من المحتجين في بلدة رانية شمال غرب السليمانية، بعد ظهر يوم 21 كانون الأول".

ونقلت عن المعتقلين قولهم إنهم "من بين 32 شخصا اعتقلتهم الأسايش هناك، وأُخبروا أن ذلك بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات. وتم نقلهم إلى مكتب الأسايش المحلي حيث أجبروا على توقيع بيان لم يسمح لهم قراءته. واحتُجزوا ليلة في سيارات مزدحمة ونقلوا صباح اليوم التالي إلى قاعدة فرمندي العسكرية في السليمانية".

واردفت المنظمة بانه تم احتجاز الرجال بين يوم واحد و4 أيام. وقال 6 منهم إن ضابطا من الأسايش قابلهم وكتب تصريحا يتضمن معلوماتهم الشخصية والتزامهم بعدم المشاركة في أي احتجاجات في المستقبل، أو نشر أي بيانات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد حكومة إقليم كردستان أو تشجع الاحتجاجات. قالوا إن الضابط جعلهم يوقعون ويبصمون.

وقال رجل احتُجز 3 أيام إنه بينما ضغط الضابط عليه للتوقيع على التعهد، أصر على قراءته أولا وسأل عما إذا كان يمكن أن يرفض التوقيع. قال إن الضابط أخبره والمحتجزين الـ17 الآخرين في القاعة "إذا لم توقعوا، فلن نطلق سراحكم".

وقال رجل آخر إنه عندما استُجوب طلب منه الضابط الحصول على معلوماته على "فيسبوك"، وفتح صفحته لمراجعة محتوياتها قبل توقيعه على التعهد والإفراج عنه.

وقال الرجال إنهم أُعيدوا إلى مركز الأسايش المحلي في رانية وأُمروا بالتوقيع على نفس البيان مرة أخرى قبل أن يعيد العناصر إليهم ممتلكاتهم الشخصية وإطلاق سراحهم في 24 و25 كانون الأول.

ونقلت "هيومن رايتس ووتش" عن احد المعتقلين قوله "بالطبع سوف نواجه المزيد من المتاعب إذا قبض علينا في احتجاج آخر بعد أن وقّعنا على هذه الوثيقة. لكن حتى لو كنت أخاطر بأن أُقتل، سأخرج للاحتجاج - أنا ببساطة أطلب احترام حقوقي ولن أتمكن من العيش إذا لم يتغير الوضع".

وقابلت المنظمة صحفيين اثنين احتُجزا لتغطيتهما احتجاجات مماثلة في مدينتي كويسنجق وحلبجة. قال صحفي في إحدى وسائل الإعلام المعارضة البارزة، والذي عرض وثائقه القضائية على المنظمة إنه اعتقل في 19 كانون الأول في كويسنجق.

واوضح انه بينما كان يقف في الشارع لتصوير الاحتجاجات في الظهيرة "أتت قوات الأسايش، وأخذت الميكروفون والكاميرا والهاتف الخليوي واحتجزتني هناك 30 دقيقة، رغم أني أريتهم بطاقتي الصحفية. ثم أعطوني معداتي مرة أخرى وواصلتُ العمل"، مضيفا "غادرت البلدة الساعة 3 مساء، وعندها اتصل بي صديق مرتبط بالأسايش وقال لي إنه سيقبض علي".

واضاف "بعد 15 يوما عدت إلى بيتي وسلمت نفسي في مركز الأسايش، حيث احتجزوني 3 أيام قبل أن يعرضوني على قاض بتهمة تشجيع الناس على المشاركة في المظاهرات والتحريض على العنف. أنا حاليا في البيت بكفالة، ولكنني خائف جدا من العودة إلى العمل، وخائف جدا من مغادرة المنزل لأنني قلق على عائلتي وأمني".

وقال صحفي ثالث يعمل لنفس وسيلة الإعلام إن الأسايش اعتقلته في 22 كانون الأول في السليمانية، وأجبره مركز أسايش مجاور على توقيع وثيقة تفيد بأنه سيترك وظيفته، ثم أطلِق سراحه دون تهمة في وقت لاحق من ذلك اليوم. قال "ما زلت أعمل، لكنني قلق كل يوم من أن يأتوا ورائي".

من جانبه، منسق حكومة إقليم كردستان للدفاع الدولي ديندار زيباري، ان "قوات أمن السليمانية التزمت ضبط النفس والتسامح لدرجة كبيرة أثناء المظاهرات. تم القبض على عدد من الناس مؤقتا لمنع انتشار العنف فيما ساعدت القوات أيضا في حماية آخرين، وما إن أصبح الوضع مستقرا تم إخلاء سبيلهم دون تحقيق أو اتهامات".

لكنه لم يرد على استفسارات المنظمة حول ما فعله أفراد الأسايش، حيث أجبروا الأشخاص على التنازل عن حقوقهم في التظاهر والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أو على أنهم أوقفوا لأيام بعد انتهاء التظاهرات دون السماح لهم بالتواصل مع محامٍ، المثول أمام قاضٍ، أو التواصل مع عائلاتهم. انتهى/خ.

اضف تعليق