نشرت صحيفة "العرب" اللندنية، اليوم الثلاثاء، تقريراً تحدثت من خلاله عن ملف اعتقالات المسؤولين العراقيين المطلوبين للقضاء بتهم فساد، ومن بينهم وزراء وأشخاص بدرجتهم الوظيفية، فيما لفتت الى أن التوجه يأتي بإرادة أميركية، بهدف تقليص أذرع طهران في البلاد. بحسب قولها. 

وقالت الصحيفة في تقريرها، إن "الأوساط الرسمية والشعبية في العراق تنشغل هذه الأيام بمتابعة تحول كبير في طريقة التعاطي مع ملفات الفساد، بعد أن تمكنت الطبقة السياسية من طمرها ومنح التحقيق فيها على مدى أكثر من 14 عاما".

واضافت، أن "الأغلبية الساحقة من العراقيين كانت يائسة من تحريك أي ملف من ملفات الفساد بسبب ارتباطها بالطبقة السياسية وخاصة الأحزاب المهيمنة على مفاصل الدولة والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية".

وتابعت، أن العراقيين لم يستغربوا، قبل أسابيع، هروب محافظ البصرة ماجد النصراوي المتهم بملفات فساد كثيرة والمنتمي للمجلس الأعلى الإسلامي، عبر إيران، رغم السخط الشديد الذي أثاره بينهم، وذلك بسبب يأسهم من إمكانية تحريك ملفات الفساد المتغلغل في الطبقة السياسية".

وأشارت الى أن "اعتقال وزير التجارة الأسبق عبد الفلاح السوداني في لبنان نقطة تحول كبيرة في ملفات الفساد، لكنهم استغربوا إلقاء القبض على عصام جعفر علوي مدير شركة التجهيزات الزراعية السابق بعد ساعات من ضلوع مسؤولين في تهريبه من السجن ومحاولة إدخاله إلى إيران".

وأوضحت، أن "العراقيين وجدوا في ذلك نقطة تحول في تحريك ملفات الفساد حتى لو كان ذلك نتيجة صراع بين القوى السياسية الفاسدة، في ظل تصاعد الرفض الشعبي للأحزاب الإسلامية التي حكمت العراق منذ عام 2003".

ونوهت الى أنه "سرعان ما دخل التحول مرحلة جديدة بإعلان توقيف وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني المنتمي لحزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والذي تم تهريبه من العراق في عام 2010 رغم ملفات الفساد الكبيرة المتعلقة بسرقة مليارات الدولارات من الحصة التموينية".

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم، إن "الطبقة السياسية في العراق دخلت في مرحلة إنذار قصوى بسبب توقيف المسؤولين، الأمر الذي يمكن أن يفتح ملفات كبيرة تطال رموزا سياسية كبيرة في الأحزاب الإسلامية الكبيرة".

وأشارت الى أن "الخطر يكمن في وجود تسريبات عن وجود محققين أميركيين لتعقب ملفات الفساد العراقية"، مبينة أن "التسريبات تشير إلى زيارات للمحققين الأميركيين إلى بيروت ولندن ودبي وعمان للتحري عن سير الأموال العراقية المنهوبة من قبل الفاسدين في النظام السياسي".

وأكدت الصحيفة، بحسب مصادر مطلعة، أن "تلك الدول تتعاون بشكل كبير مع التحقيقات وقدمت تفاصيل كبيرة عن الأموال والعقارات والاستثمارات المرتبطة بالمسؤولين العراقيين والأحزاب المتنفذة".

ولفتت الى أن "ذلك الرأي يؤكده توقيف عبد الفلاح السوداني الجمعة الماضي، في لبنان، والذي يقول مراقبون إنه تم بناء على أوامر أميركية".

وأكملت الصحيفة، أن "حزب الدعوة العراقي سرعان ما تنكر لعلاقته بالسوداني رغم أنه كان يدافع عنه طوال السنوات الماضية، وهو ما يؤكد شعوره بالخطر من امتداد الاتهامات إلى المالكي، الذي ارتبط عهده بضياع مئات مليارات الدولارات".

وأعلنت الحكومة العراقية، أمس الاثنين، أن "سفارتها في بيروت سلمت السلطات اللبنانية 7 ملفات فساد صادرة بها أحكام قضائية ضد المدان عبد الفلاح السوداني وزير التجارة الأسبق"، وفق الصحيفة.

ونسبت وكالة الأناضول إلى محمد اللامي، مدير عام دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة أن "الهيئة أنجزت 7 ملفات تتعلق بالفساد ضد السوداني وصدرت فيها أحكام قضائية غيابية بالسجن 35 عاما، ولا تزال قضية أخيرة لدى القضاء لم تكتمل التحقيقات فيها".

وأوضح اللامي، أن "الملفات الخاصة بالمدان عبد الفلاح السوداني أرسلت إلى السفارة العراقية في لبنان كي يتم تسليمها السلطات اللبنانية ضمن إجراءات استلام المدان ونقله إلى العراق".

وأشار اللامي إلى أن "التأخير في عملية إلقاء القبض على المدان السوداني يعود إلى امتلاكه الجنسية البريطانية، حيث كان يتنقل بجوازه الأجنبي طيلة السنوات الماضية".

وشغل السوداني منصب وزير التربية خلال فترة ترؤس إبراهيم الجعفري للحكومة في عام 2005 ثم شغل منصب وزير التجارة في حكومة نوري المالكي الأولى للفترة من 2006 وحتى عام 2009.

وكانت هيئة النزاهة الحكومية قد طالبت في العام الماضي الدول التي تأوي عددا من الوزراء السابقين المطلوبين بتسليمهم للحكومة العراقية وبينهم وزير الكهرباء الأسبق أيهم السامرائي ووزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان وزير النقل الأسبق لؤي العرس، إضافة إلى عبدالفلاح السوداني.

وأكدت الهيئة في ذلك الحين إحالة 2171 مسؤولا رفيعا بينهم 13 وزيرا ومن هم بدرجته إلى محاكم الجنح والفساد، بعد أسابيع من بدء رئيس الوزراء حيدر العبادي بحملة واسعة للإصلاحات في المفاصل الأمنية والخدمية والسياسية بتأييد سياسي وشعبي.

وأكمل التقرير، أن "العراق دخل في مخاض عسير مع اقتراب تحرير جميع مناطقه المحتلة من قبل تنظيم داعش في وقت يقترب من الانتخابات التشريعية المقررة في أبريل من العام المقبل".

ونقلت عن محللين قولهم، إن "تحريك ملفات الفساد الراكدة ما كان ليحدث بإرادة محلية بسبب هيمنة الأحزاب الإسلامية المرتبطة بملفات الفساد الكبيرة وارتباطها بالنفوذ الإيراني في العراق"، ورجحوا أن "الزخم الجديد لتحريك ملفات الفساد مرتبط بإرادة أميركية معلنة تسعى لتقليص أذرع النفوذ الإيراني الكبير في العراق".

واختتمت تقريرها بالقول، إن "حالة من التفاؤل تسود في الأوساط الشعبية بأن تكون الحملة مقدمة لتمهيد الطريق لإقصاء الأحزاب الطائفية الفاسدة من الساحة السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة بعد إدانة الكثير من رموزها". انتهى /خ.

اضف تعليق