{ }

ناقش مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث ضمن الحلقات الاسبوعية التي تستضيفها مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ورقة بعنوان "إدارة التعددية في مجتمعات متنوعة"، للباحث في المركز محمد الصافي، بحضور عدد من المهتمين.

 

وقال الصافي في تصريح لوكالة النبأ للأخبار، ان "التاريخ البشري يحفل بأحداث مأساوية خلفت تراكمات كبيرة في حدود النفس البشرية ورسخت ثقافات سلبية لازالت موجودة ليومنا هذا". مبينا "فقد كان محور التاريخ هو تلك الصراعات العنيفة الدامية التي خاضتها المجتمعات والأمم والأفراد والتي تقترب إلى مرحلة الجنون، الأخطر من كل ذلك هو الصراع الذي يتلون بالأيديولوجية فصبغ معاركه بالمبادئ والقيم لتصبح سيفاً على رقاب المخالفين والمعارضين، وهذا هو أسوأ الصراعات البشرية والتي تتسم بالعنصرية والعرقية والقومية والدينية والطائفية فيصبح القتل هو مبدأ بحد ذاته يجتزئ الآخرين بدون هوادة".

واضاف "لقد خلفت الحروب المؤدلجة ذاكرة سوداء متشائمة في التاريخ منها الحروب الصليبية وحربين عالميتين في القرن العشرين والحروب المستمرة في الالفية الجديدة تحت مسمى الحرب على الارهاب، كانت دوافعها دينية وعرقية وعنصرية".

واشار الصافي الى ان "القراءة التاريخية لمعظم الأمم والحضارات تعطينا نتيجة واضحة وهي ان الأمم التي استطاعت ان تتقدم وتتطور وترتقي سلم الحضارة هي الأمم التي استطاعت أن توجد حالة التجانس والتعايش والتفاهم بين مختلف الفئات والقوميات والطوائف والأديان وفي مختلف جوانبها النفسية والاجتماعية والسياسية بحيث كتب لها البقاء التاريخي على مرور الأجيال لقدرتها على تحقيق الوفاق الإنساني والسلام التام".

وتابع "أما الأمم التي غرقت في صراعاتها وخلافاتها الايدلوجية فقد تحولت إلى فتات لا يقوى على تجميع أجزائه حتى تقضي عليه قوانين التاريخ القاسية، وقد رأينا كيف سقطت الأمم عن عليائها نتيجة لذلك "التعصب والتمرد ضد الآخرين بحيث تتحول حياة تلك الأمة إلى جحيم ملتهب لعدم قدرتها على التفاهم والتعايش"، "أبرز سمة تميز المجتمعات التعددية هي تعدد الولاءات السياسية في الدولة، والذي يقوم على أساس اثني او طائفي او قومي". اضاف بالقول.

وبين الصافي ان "هذا النوع من المجتمعات يتشكل من مجموعة أقليات مبعثرة، وهو عكس ما يعرف بالمجتمع الوطني الواحد، فهو مجتمع مكون من عدة طوائف تتعايش في إطار سياسي واحد ولم تحصل بينها بعد عملية انصهار فعلي، وهي الصورة التي وجد العراق نفسه عليها بعد العام 2003 وبروز ما أطلق عليه تسمية (المكونات)".

وزاد في القول "من هنا فان المشكلة الحقيقية في هذه المجتمعات هي مشكلة تحقيق الانصهار المجتمعي وقيام السلطة السياسية الفاعلة، والتي لم يرتق اليها العراق حتى الان، حيث أدت الخصوصيات المتراكمة الى تنمية شخصية الطائفة وبالتالي قاد ذلك الى مقاومة عملية ذوبانها في ما اريد له ان يكون اطارا وطنيا شاملا، أي في مجتمع سياسي أوسع منها".

مضيفا "غالبا ماتعاني هذه المجتمعات من مشكلة التعايش بين المجموعات او الطوائف التي تكوّن البنية المجتمعية، حيث تزداد المشاكل حدة بقدر ما تتمسك الجماعة بخصوصياتها مما يحول دون انصهارها في مجتمع وطني موحد".

واوضح انه من المفكرين المعاصرين الذين يعتبرون نموذجا في مفهوم التعددية السياسية هو المرجع الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي، ولديه اراء حول تشكيل الأحزاب وعلاقتها بالدولة وايضا في مفهوم التعددية بشكل عام.

"ان الرأي الذي يتبناه السيد الشيرازي حول تشكيل الأحزاب وعلاقة الدولة بذلك يمكن ان يكون في ظل افتراضات ثلاث هي: ان يكون هناك حكومة اسلامية تؤمن بالتعددية الحزبية، وفي هذا الغرض فان هذا الرأي يجد له مصداقاً على أرض الواقع. وإما ان تكون هناك حكومة علمانية تؤمن بالتعددية الحزبية ومنها الأحزاب الإسلامية وهنا أيضاً يمكن ان يكون لهذا الرأي مصداق على الساحة.

وأما ان تكون الحكومة اسلامية أو علمانية ولا تؤمن بالحزبية أو تؤمن بها ولكن لا تؤمن بوجود أحزاب اسلامية وهذا الغرض هو السائد في اغلب البلدان الإسلامية وهنا تنبع وجود مشكلة الحزب الإسلامي على رأي الامام الراحل.

وفي مثل هذه الحالة عادة ما يتم التخلص من الأحزاب انطلاقاً مما تتمتع به السلطة من قوة أو تدخل الأحزاب في صراع واحتراب معها من اجل الدفاع عن حقها في التواجد في الساحة، وهذا الصراع غير متكافئ يضعف الحركة أو يضيق عليها بحيث تتحول الى حركة مهاجرة في حالة تعاطي دولة مجاورة لها أو مهاجرين في دولة أخرى". انتهى/خ.

اضف تعليق