نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا على إثر التعديلات الأخيرة التي أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز، وقالت إن التعيينات التي نص عليها المرسوم الملكي تكرس مبدأ تركيز السلطات في المملكة، وتفتح باب الصراع على خلافة الملك، بين ولي العهد ونائبه، حسب قول الصحيفة.

ورأت الصحيفة أن أكبر المستفيدين من هذا التعديل هما الرجلان الأكثر بروزا منذ انطلاق عاصفة الحزم، محمد بن نايف وزير الداخلية، ومحمد بن سلمان وزير الدفاع.

وأضافت أن محمد بن نايف، البالغ من العمر 55 سنة، والذي تم تعيينه بصفة ولي ولي العهد عند تنصيب الملك سلمان في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، أصبح وليا للعهد خلفا للأمير مقرن، أصغر الأبناء الأحياء لمؤسس المملكة الملك عبد العزيز.

كما أوردت الصحيفة أن محمد بن سلمان، البالغ من العمر ثلاثين سنة، والذي يعد الابن المفضل للملك، أصبح وفق التعديل الجديد وليا لولي العهد مع بقائه في منصبه الوزاري. وتم أيضا تعويض سعود الفيصل الذي استمر على رأس وزارة الخارجية لمدة أربعين سنة، بسفير المملكة في الولايات المتحدة، عادل الجبير، الذي سطع نجمه هو أيضا منذ بداية التدخل العسكري في اليمن.

واعتبرت الصحيفة أن هذه الجولة الجديدة من التعيينات تؤكد على انتعاش حظوظ محمد بن نايف في الوصول إلى سدة الحكم، بعد أن شهدت أسهمه صعودا كبيرا إثر نجاحه في مهامه الأمنية على رأس وزارة الداخلية، وخاصة تصديه لخطر تنظيم القاعدة خلال سنوات الألفين، ما مكنه من التقدم على الأمير متعب بن عبد الله الذي سعى هو أيضا للوصول لمنصب ولي ولي العهد.

وقد تمكن محمد بن نايف في خضم الأحداث المتسارعة في المنطقة من ترؤس مجلس الشؤون السياسية والأمن الذي تم تشكيله مؤخرا، ما جعله صاحب الكلمة الأخيرة في كل ما يخص الأمن القومي، الذي يعدّ الأولوية المطلقة للمملكة في هذه الفترة الحساسة، التي طبعها الصعود المخيف لتنظيم الدولة من الجهة الشمالية للمملكة، وانهيار اليمن من الجهة الجنوبية.

وقالت الصحيفة إن التصريحات الرسمية تفيد بأن الأمير مقرن تم إعفاؤه من مهامه بطلب منه، ولكنها اعتبرت أن هذا الانسحاب ليس مفاجئا، بالنظر لكل التعقيدات التي عرقلت تقدمه في الترتيب الملكي، بسبب افتقاده للحضور القوي، وبسبب الجذور اليمنية لأمه، التي لا يزال البعض في القصر ينعتونها بخادمة الملك عبد العزيز، وهو ما جعل الكثيرين يرفضون دعمه.

كما أشارت في السياق ذاته إلى أن الملك عبد الله عينه وليا لولي العهد في سنة 2013، لهدف وحيد وهو صد نفوذ السديريين، أحد أقوى فروع عائلة آل سعود التي تقف وراء الملك سلمان، وبالتالي دعم حظوظ ابنه متعب بن عبد الله في الوصول للحكم مستقبلا.

وقالت الصحيفة إنه في خضم الحركية السياسية التي تشهدها المملكة والمنطقة، نجح الملك الجديد في إقصاء اثنين من أبناء عبد الله، ثم قام من خلال التعيينات الجديدة بتقوية حضور عائلة السديريين، باعتبار أن المناصب الثلاثة الأهم في بلاد الحرمين أصبحت من نصيب هذه العائلة.

وأفادت بأن محمد بن نايف الذي ينتظر أن يضطلع بدور هام نظرا لعمر الملك سلمان الذي يبلغ 79 سنة، يجب عليه التعامل مع شخص آخر طموح، هو محمد بن سلمان، الذي يصغره بعشرين سنة. ويشغل هذا الأخير منصب رئيس مكتب والده، بالإضافة إلى وزارة الدفاع، وبتعيينه في منصب ولي ولي العهد، يؤكد محمد بن سلمان أنه يتقدم بخطى ثابتة في سلم القيادة السعودية.

كما أشارت الصحيفة إلى أن حالة الروح الوطنية التي ميزت البلاد منذ انطلاق العمليات في اليمن، رغم أن الرياض لم تحقق أيا من أهدافها المعلنة، أدت إلى إسكات الأصوات التي قد تطرح الأسئلة حول افتقاد هذا الشاب للخبرة والحنكة السياسية.

وقالت الصحيفة إن المراقبين يجمعون لحد الآن على عدم وجود عداوة علنية بين الرجلين، ولكن استمرار هذا الهدوء يبقى رهين التطورات السياسية. فبينما تم وضع محمد بن سلمان تحت قيادة محمد بن نايف في مجلس الشؤون السياسية والأمنية، تم إحداث مجلس آخر يعنى بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ليتم فيه توزيع المناصب بشكل عكسي للمجلس الأول، حتى تتم ترضية محمد بن سلمان.

ورأت الصحيفة أن خروج المملكة مرفوعة الرأس من المأزق اليمني، يبقى رهين أداء هذين الرجلين، بعد أن ظهر التخبط في الموقف السعودي، من خلال إعلانها إنهاء "عاصفة الحزم" في الأسبوع الماضي، وتواصل الضربات الجوية في المقابل بالكثافة ذاتها، وفق الصحيفة.

اضف تعليق