قل انتشار أخبار العوامية ولم تتوقف احداثها وأخبارها لأن معظم الأهالي تم تهجيرهم لخارج البلدة فقد أصبحت معرفة مايدور داخل البلدة المحاصرة يستغرق وقت. 

ففي سابقة بتاريخ المملكة والشيعة تم تهجير بلدة كاملة وشل حركتها وفرض حالة طوارئ واضحة طوال الوقت، فكل من يمشي على أرض العوامية أو يحاول دخولها يتعرض للضرب بالرصاص أو الاعتقال.

وفي حدث مفاجئ نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تحقيقا أعدته مراسلتها سالي نبيل، من داخل بلدة العوامية السعودية شرقي المملكة التي تشهدت تهجير للسكان وهدم للمباني من قبل السلطة السعودية.

"سنسمح لكم بالبقاء في المكان لبضع دقائق فقط، وعندما نطلب منكم الرحيل يجب أن تغادروا فورا حرصا على سلامتكم". هكذا جاءتنا كلمات أحد ضباط الشرطة السعودية لمراسلة "بي بي سي"، وهي تستعد لاستقلال السيارة المدرعة متوجهة إلى العوامية.

وتقول سالي "ما أن اقتربنا من البلدة حتى لاحظت أن الاتصالات الهاتفية لا تنقطع بين القوة الأمنية الخاصة التي ترافقنا داخل السيارة، والقادة الميدانيين على الأرض، وذلك للتأكد من أن الطريق إلى العوامية آمن".

وتضيف "تقع العوامية في محافظة القطيف شرقي المملكة، ويسكنها حوالي 30 ألف شخص، أغلبهم من الشيعة". وبدت لي حاليا وكأنها منطقة حرب. شعرت لوهلة أنني في حلب أو في الموصل. لم يتبق منها سوى سيارات محترقة ومنازل ومتاجر متهدمة وجدران متداعية ثقبتها طلقات الرصاص".

وحسب ما تقول "بي بي سي" فإنه "على مدى سنوات اشتكى أبناء الأقلية الشيعية في السعودية مما وصفوه بالتمييز والتهميش. وكثيراً ما كانوا يخرجون في مظاهرات احتجاجية تفرقها قوات الأمن بمنتهى الصرامة والحسم".

حيث "لا تتحمل السلطات السعودية أي صوت معارض، سنياً كان أم شيعياً. يضيق صدر حكام السعودية بكل من يخالفهم الرأي"، حسب ما يرى علي الدبيسي مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين.

وتقول مراسلة "بي بي سي": "أتجول في العوامية فألاحظ مجموعة من الجرافات تقف في وسط كل هذا الدمار. ففي مايو/ أيار الماضي بدأت السلطات في هدم منازل حي المسورة القديم في العوامية".

"هدمنا 80 منزلا ولا يزال أمامنا نحو 400 منزل". يخبرها عصام الملا، وكيل أمين المنطقة الشرقية، ويضيف أن سكان العوامية نقلوا إلى أماكن أخرى.

مَن تم تهجيرهم لخارج البلدة يعاني عدد كبير منهم من الايجارات والمصاريف الكثيرة فماأ دعت الحكومة توفيره من شقق وتعويضات لم تشمل جميع احياء العوامية كما انها سيئة وغير صالحة لسكن العوائل، كما يعاني الاهالي من حاجتهم الضرورية لبعض الاشياء التي تركت في منازلهم وبعض الاوراق الرسمية إلا انه يتم تحذيرهم دوماً والتأكيد بعدم السماح لدخول البلدة مهما كان السبب، ومن حاول منهم الدخول من طرق زراعية او فرعية تعرض لإطلاق رصاص من القناصة والمدرعات المنتشرة أو يتم اعتقالهم فوراً. بحسب شهود عيان. 

وحسب تقرير "بي بي سي" فقد اتهمت مجموعات الأجهزة الأمنية بتهجير سكان العوامية قسراً، بهدف وأد أي محاولة للاحتجاج في المنطقة. وقال نشطاء إن رجال الأمن طوقوا البلدة وأغلقوا مداخلها ومخارجها في يوليو/ تموز الماضي، كما حرموا سكانها من حق الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية.

ويقول التقرير إنه "قتل العشرات من المدنيين، وفقا للتقديرات الحكومية. وأوضح نشطاء أن من بين القتلى المدنيين طفلا في الثالثة من عمره".

وتقول معدة التحقيق "نجحنا في الوصول إلى مواطن سعودي فر مؤخرا من العوامية طالبا اللجوء في ألمانيا. أخبرنا أن "الأمن السعودي كان يطلق النار على الجميع دون تفرقة. وكان يستهدف الرجال والنساء والعجائز وحتى الأطفال". ويضيف "لم أتمكن من مغادرة بيتي لأيام خشية أن أتعرض للقتل".

وحسب ما يقول التحقيق فقد أوضح الرجل، الذي طلب عدم الكشف عن هويته حرصا على حياته، "أنه لم يحمل السلاح مطلقا ضد الدولة، لكنه في الوقت نفسه يستطيع أن يتفهم دوافع من لجأوا لهذا الخيار". ويقول "في السعودية يمكن أن يحكم عليك بالإعدام لمجرد أنك تنتمي لطائفة دينية مغايرة لعموم السكان". ويستطرد "عندما تفقد حريتك وكرامتك ويحكم عليك بالإعدام في محاكمات صورية، غير عادلة فإنك لن تستطيع أن تصمت للأبد. ستضطر في يوم ما أن ترفع السلاح في وجه من يطلق النار عليك".

ويتذكر الرجل بداية انطلاق الاحتجاجات التي تزامنت مع "الربيع العربي" في عام 2011، ويقول "كنا متظاهرين سلميين لكن الأمن كان يفرقنا بالذخيرة الحية".

وحسب "بي بي سي" فإنه منذ ذلك الحين، ألقي القبض على المئات كما أنشئت محاكم جنائية خاصة من أجل القضايا المتعلقة "بالإهارب"، وفقا لمنظمات حقوقية. وقد قضت هذه المحاكم بإعدام أكثر من 30 شخصاً بينهم رجال وصبية بعد إدانتهم بجرائم متعلقة بالاحتجاج في محاكمات مشكوك في صحة إجراءاتها القانونية وفقاً لحقوقيين.

ويتخوف نشطاء من احتمال تنفيذ حكم الإعدام في أي لحظة في 14 شخصاً بينهم أربعة أشخاص أدينوا بمخالفات ارتكبوها عندما كانوا أطفالا، على حد قول منظمات حقوقية من بينها العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش.

أما المحاصرون في الداخل الصامدون رغم كل الأهوال فإنهم يعانون جداً من نقص المؤون الضرورية والادوية ومن عدم قدرتهم للخروج من المنزل بل أنهم لايسلمون حتى داخل منازلهم فقد تم مداهمة واقتحام عدد من المنازل والشقق التي مازالت اصحابها فيها. كما يتم اطلاق الرصاص الكثيف على النوافذ في محاولة لإجبار المتبقين للخروج وتهجير من بقي صامداً. يضيف الشهود. 

ومن بين المحكوم عليهم بالإعدام أحد أقارب نمر النمر، المعارض البارز الذي أعدمته السلطات السعودية العام الماضي بتهمة الإرهاب.

ويضيف الرجل لمراسلة "بي بي سي": "قبل أن نرحل عن العوامية سمعنا طلقات رصاص جاءت من مسافة ليست بالبعيدة، لا ندري من أطلقها، لكن كان علينا أن نرحل مثلما طلب منا قائد الشرطة. وقبل أن نستقل السيارة المدرعة مرة أخرى، ألقيت نظرة أخيرة على العوامية التي أضحت مدينة أشباح. ربما أوشك القتال هنا على الانتهاء لكن أسباب الصراع لا تزال قائمة".

وفي كل يوم تزداد الانتهاكات أكثر ورغم انتشار الصور التي تبين هدم منازل المسورة بهدوء ألا ان الانتشار الامني والانتهاكات والاستنفار مازال في كل البلدة. 

لايبدو هناك أفق للأزمة واتضح زيف التنمية التي دمرت كل البلدة وكذب حجة المطلوبين فالانتهاكات شملت كل الاهالي والاهالي مازلوا يصرون ويطالبون بالعودة لبلدتهم ومنازلهم وإعادة الحياة والخدمات للبلدة. بحسب شهادات الهاربين من النيران والجرافات السعودية. انتهى /خ.

اضف تعليق