أقام مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله الوارف في مدينة كربلاء المقدسة مجلس عزاء مولى الموحدين وسيد الوصيين وأمير المؤمنين أسد الله الغالب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بمناسبة ذكرى شهادته المفجعة في شهر الله العظيم لهذا العام 1438 هجرية.

حضر المجلس العديد من العلماء والفضلاء والخطباء وطلبة العلوم الدينية فضلاً عن جموع المؤمنين، وقد استهل بتلاوة قرآنية مباركة بصوت القارئ محمد رضا مصطفى الصرّاف، ومن ثم ارتقى المنبر المبارك فضيلة الخطيب الحسيني الشيخ ناصر الحائري مستمداً بحثه بالمناسبة من قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ). سورة النحل، الآية: 128.

فعقّب مؤكداً أنَّ أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المصداق الأكمل لهذا الآية المباركة، وهي آخر آية نطق بها سلام الله عليه قبل شهادته المفجعة، حيث كان سلام الله عليه في قمّة التقوى والخوف من الله سبحانه، وتشهد لذلك مسيرة حياته المباركة وما شهدت من مواقف تنبئ بتقوى العظيمة حتى أنّ أخاه عقيل ـ وكان في شدة الفقر والإملاق وذا عيال كثر ـ طلب منه ان يعطيه من بيت المال فرفض مبيناً قائلاً: «وَاللهِ لاَنْ أَبِيتُ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً، أَوْ أُجَرَّ فِي الاْغْلاَلِ مُصَفَّداً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَغَاصِباً لِشَيْء مِنَ الْحُطَامِ، وَكَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْس يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا، وَيَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا؟!

وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلاً وَقَدْ أمْلَقَ حَتَّى اسْتماحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً، وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ، غُبْرَالاْلْوَانِ، مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ، وَعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً، وَكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمَعِي، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي، وَأَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقِي، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَف مِنْ أَلَمِهَا، وَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا، فَقُلْتُ لَهُ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، يَا عَقِيلُ! أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَة أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَتَجُرُّنِي إِلَى نَار سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ! أَتَئِنُّ مِنَ الاَذَى وَلاَ أَئِنُّ مِنْ لَظىً؟!».

وأضاف: إنَّ امير المؤمنين عليه السلام كذلك كان المصداق الأكمل للمحسنين، فكان كثير الأحسان للجميع بل حتى مع أعدائه وكم اعتدوا عليه فكان يعفو ويغضُّ النظر عن أذاهم بل إن الخوارج كانوا يسبوه فكان يقول: «رُوَيْداً إِنَّمَا هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ، أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْبٍ»، بل أكثر من ذلك كان يوصي الإمام الحسن عليه السلام بقاتله أبن ملجم بأن يطعمه مما يأكل ويسقيه مما يشرب.

بعد ذلك ختم البحث بذكر تفاصيل واقعة الشهادة وما تخللها من أحداث أليمة ووقع ذلك على الإمامين الحسنين عليهم السلام وأل البيت عليهم السلام والمؤمنين.

بعد ذلك أقام المؤمنون في المكتب مراسيم واعمال ليلة القدر الاولى من الأدعية المأثورة ونشر المصاحف الشريفة على رؤوس المؤمنين. انتهى /خ.

اضف تعليق