يشعر خبراء مخابرات إسرائيليون بقلق شديد خشية أن يكون قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل معلومات سرية لروسيا قد كشف هوية عميل إسرائيلي لكنهم لا يتوقعون أي عواقب باقية في الأمد البعيد على التعاون في مجال الاستخبارات بين الجانبين.

وكان ترامب أكد من خلال تغريدات على تويتر أنه نقل خلال اجتماع عقده في البيت الأبيض الأسبوع الماضي معلومات إلى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن مؤامرة محتملة لاستهداف الطائرات من جانب تنظيم داعش يعتقد أنها تشمل زرع قنبلة في جهاز كمبيوتر محمول (لابتوب).

ويوم الثلاثاء ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أمريكيين أحدهما يعمل في الإدارة الحالية والثاني مسؤول سابق أن المعلومات التي كشف عنها ترامب جاءت من مصدر استخبارات إسرائيلي في الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في سوريا.

وامتنع مسؤولون إسرائيليون عن تأكيد ما إذا كانت إسرائيل مصدر المعلومات التي نقلها ترامب للروس لكنهم سارعوا إلى القول إن التنسيق قوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مكافحة الإرهاب.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الرئيس ترامب اتصل بنتنياهو يوم الثلاثاء لبحث زيارته لإسرائيل الأسبوع المقبل لكن الاثنين لم يبحثا تسريب المعلومات خلال المكالمة التي استمرت 20 دقيقة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي افيجدور ليبرمان على تويتر في تعليق ردد صداه وزير الاستخبارات "العلاقة الأمنية بين إسرائيل وأكبر حلفائنا الولايات المتحدة عميقة ومهمة وليس لها مثيل من حيث الحجم".

وأصدر رون ديرمر سفير إسرائيل لدى واشنطن بيانا مماثلا قال فيه "إسرائيل لديها الثقة الكاملة في علاقتنا الخاصة بتبادل الاستخبارات مع الولايات المتحدة وتتطلع لتعميق تلك العلاقة في السنوات القادمة في ظل الرئيس ترامب".

وقال خبراء مخابرات إسرائيليون إنهم لا يستطيعون تأكيد ما إذا كان عميل إسرائيلي هو مصدر المعلومات. لكنهم قالوا إن إسرائيل كونت شبكة عميقة للاستخبارات بمقومات بشرية واستخبارات الإشارة في مختلف أنحاء المنطقة ومن المنطقي أنها تمكنت من اختراق تنظيم داعش في إطار هذا الجهد المستمر منذ فترة طويلة.

وقال أبيب أوريج الرئيس السابق للمكتب المسؤول عن تنظيم القاعدة والجهاد العالمي في إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش، والذي يدير الآن شركة لاستشارات مكافحة الإرهاب، إن "وكالات الاستخبارات الإسرائيلية أظهرت أن بإمكانها امتلاك مثل هذه الموارد البشرية".

وأضاف "زرع شخص ما داخل تنظيم داعش يستغرق وقتا. ولو أن عميلا موجودا فأنا واثق أنه سيكون الوحيد. وإذا خسرت فعلا مصدرا بشريا هناك فهي خسارة كبيرة وسيستغرق تعويضه بآخر سنوات".

وتابع "إسرائيل ستكون (في هذه الحالة) في شدة الغضب" مشيرا إلى أن من المرجح أن يكون لذلك آثار على كيفية تشغيل إسرائيل لمواردها البشرية في الاستخبارات بصفة أعم وربما يجعل آخرين غير راغبين في التعاون معها مستقبلا".

وفي الوقت نفسه قال إن إسرائيل تعلم أن ترامب بوصفه رئيسا وقائدا عاما للقوات المسلحة يمتلك سلطة الكشف عن المعلومات حتى إذا أظهر بفعله هذا أنه "لا يمتلك الخبرة في كيفية التعامل مع الاستخبارات".

 

لا ضرر في الأمد البعيد

وصف كوبي مايكل الزميل الباحث بمعهد دراسات الأمن الوطني والنائب السابق لمدير وزارة الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل تسريب ترامب معلومات لروسيا بأنه "مقلق جدا" إذا ما كان هناك احتمال لتعريض مصدر إسرائيلي للخطر.

وقال إنه رغم وجود أسباب وجيهة تدعو لافتراض أن المصدر عميل فمن الممكن أيضا أن يكون المصدر من استخبارات الإشارة في موقع ممتاز.

وأضاف "عندما يتعلق الأمر بداعش فهم نشطاء جدا في عالم الشبكات الاجتماعية وعلى المنصات الرقمية. لذا فمن يدري كل الخيارات سليمة رغم أنه يبدو مصدرا بشريا للاستخبارات حسب فهمي من السياق".

ووصف مايكل إسرائيل بأنها تمتلك قدرات استخبارات أفضل كثيرا في المنطقة من الولايات المتحدة الأمر الذي يجعلها شريكا مهما لواشنطن. ومع ذلك فالجانبان لهما مصلحة في استمرار التعاون الكامل في مجال المخابرات.

وقال مايكل "ما حدث مشكلة ولم يكن يجب أن يحدث لكن الأخطاء تقع لا من جانب الأمريكيين فحسب بل من جانب الإسرائيليين في بعض الأحيان".

وتابع "أفترض أن ترامب لديه اعتبارات أخرى في ذهنه وربما لم يكن يدري عواقب ما يقوله. لكن ينبغي ألا يغير ذلك من مستوى التعاون الذي يحتاج على الدوام لتوسيعه وتعميقه".

وقال عمنون سوفرين الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية (الموساد) إن من المستبعد تناول الموضوع عندما يزور ترامب إسرائيل في أول جولة خارجية له الأسبوع المقبل.

وسيتم التعامل مع تداعيات تسريب المعلومات من خلال القنوات الاستخباراتية، بين الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لا من خلال القنوات الدبلوماسية.

وقال سوفرين "التعاون بين مؤسستينا قوي جدا حتى أنني لا أعتقد أن حدثا خاصا سيتسبب في أي ضرر كبير. ربما يتسبب في ضرر محلي لكنه لن يسبب كارثة".

وأضاف "لا أحد منا في مجتمع المخابرات في إسرائيل يعجبه هذا الحدث. لكني أعتقد أن من الممكن تنحيته جانبا والسماح بأن تكون الزيارة مثمرة وآمل أن تكون ناجحة جدا". انتهى /خ.

اضف تعليق