لعل التباين الشديد في المحتويات بين صحف إقليمية تتحدث عن زوار مناسبة دينية في العراق بالسلب مثل الشرق الاوسط، وبين صحيفة بريطانية تذكره بالإيجاب كبير جدا، مفارقته هنا الحيادية في طرح الموضوع، معتمدة في ذلك على الأمانة الصحفية.

صحيفة الاندنبدنت البريطاينة أصدرت تقريرا لها عن زيارة الاربعينية تحت عنوان "عشرون مليون مسلم يسيرون ضد داعش"، لتطرح فكرة الزيارة الاربعينية، على انها تحدي لتنظيم داعش وايدلوجتيه، وكذلك نفوذه العسكري في العراق، الذي امسى متداعيا.

الوصف الذي حمله العنوان، يشير الى حقيقة ان الزائرين هم من مخالفي ايدلوجية التنظيم، وقد اصروا على القيام بمراسيم الزيارة الدينية، حتى مع حصول بضعة حالات، قام خلالها عناصر من التنظيم بمهاجمة الزائرين، الذين تحدوا على الرغم من ذلك التنظيم، وانجحوا زيارة، تعد الأكبر إقليميا.

الصحيفة أشادت برغبة الزائرين التوجه الى المقامات المقدسة وزيارتها على الاقدام، على الرغم من وجود مخاطر استهداف تنظيم داعش لهم على معظم الطرقات، حيث اشارت الى ان 24 الف عنصر امني عراقي مستنفر لحماية الزائرين، غير كاف لحماية الاعداد المهولة التي شاركت في الزيارة، وتراوحت بين 17 الى 20 مليون زائر، كما أوردت الصحيفة.

مدينة كربلاء، والتي تقع الى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد على مسافة 50 ميل، تطل على الصحراء الكبرى لمحافظة الانبار، والتي كانت الى وقت قريب حصنا لتنظيم داعش، قبل ان يتم تحريرها، في الوقت الذي ما زالت تنشط في مناطق صحرائها، بعض الخلايا التابعة للتنظيم، والتي سعت الى استهداف الزائرين.

الزيارة حسب الصحيفة، تحولت من مراسيم دينية خلال الفترة الماضية، الى اكبر احتاج محلي ضد تنظيم داعش، لتتضمن نساء وأطفال وكبار في السن بالإضافة الى عوائل بأكملها، كما اشارت لذلك الصحيفة بعد مقابلتها لجابر كاظم، احد الزائرين، الذي يسير من البصرة الى كربلاء برفقة زوجته وأولاده الثلاثة، والذي قضى على الطريق 13 يوم وليلة، يتحدى مخاطر التنظيم.

الصحيفة أوردت أيضا دعوات العراقيين من الزائرين للقوات العراقية والحشد الشعبي، المرابطين على الجبهات بالالاف لقتال تنظيم داعش، احدى الزوجات، اكدت انها أتت وعائلتها من السماوة الى كربلاء للصلاة لاجل زوجها الذي يقاتل في الحرب الحالية.

الاندبندت: زيارة الاربعينية فاقت حج مكة.. ولا اهتمام اعلامي غربي لائق

عادت الصحيفة البريطانية لتؤكد، بان الحج الذي يقوم به المسلمون الى كربلاء سنويا فيما تعرف بالزيارة الاربعينية، فاقت في عددها بشكل شاسع جدا، الحج الإسلامي المعروف الى مكة، والذي يتوقف عند حاجز المليون ونصف في العادة، ولكنها ما زالت غير معروفة للعالم الغربي، على الرغم من هذا العدد المهول والتحضيرات الكبيرة التي تفوق الحج الإسلامي المعتاد باضعاف.

بعض منظموا الزيارة الاربعينية من البريطانيين، حسب الصحيفة، تذمروا سابقا من قلة التغطية الإعلامية لهكذا حدث ديني باعداده المهولة مقارنة بالمعروفة عن السعودية، حيث أشار احد المنظمين "محمد الشريفي"، متحدثا الى الاندنبدنت، بان مراسيم الزيارة ليست مثيرة كفاية للصحف كي تنشر عنها، وهذا هو السبب في غياب التغطية الإعلامية الغربية الكافية للتعريف بها، مؤكدا ان التركيز الإعلامي يجري في العادة على الأمور السلبية، وليس الإيجابية.

في النهاية، فان حصول زيارة دينية ضمن مراسيم معروفة بهذا العدد الهائل في بلاد تشهد حربا واسعة وإرهاب داخلي وعدم استقرار امني او اقتصادي بشكل عام، يعد انجاز بحد ذاته يستحق اهتمام الصحافة العالمية، الامر الذي بدا يحصل فعلا، بسبب التقارب الكبير الذي يحققه الاعلام الجماهيري الالكتروني، والمشارك لاحداث وصور الزيارة بشكل واسع على شبكات التواصل، مما جذب انتباه الصحف الأجنبية كالاندندبنت، خصوصا مع غياب التعريف بهذا الاحتفال الديني، من قبل المؤسسات الحكومية المعنية، وكذلك الجهات السياحية المحلية، التي اقتصرت على اجتذاب الإجانب من الإيرانيين فقط، فيما يمكن ان تتحول مراسيم الزيارة، الى نوع من الاحتفالات العالمية، التي يمكن ان تمسي محط اهتمام عالمي، اذا ما اديرت عملية التعريف بها بشكل صحيح، وابقتها بعيدة عن الطائفية والتعصب، والتمذهب، لتجتذب ربما غير المسلمين اليها كنوع من السياحة الثقافية، كما يحصل مع شعائر اديان أخرى مثل الهندوسية في الهند.انتهى/س

اضف تعليق