تحتضن مدينة الصدر شمال غرب العاصمة بغداد اكثر من اربعة ملايين نسمه، هي اليوم خالية من ساكنيها الذين هاجروها، مشياً على الاقدام، نحو كربلاء المقدسة في موسم الهجرة للحسيــن، ليسطروا أروع معاني العشق المعتّق بالولاء فلا مال ولا بنون يضاهي مسيرة الوفاء لأربعينية سيد الشهداء (عليه السلام).

مدينة الصدر تلك المساحة الصغيرة بحجمها والكبيرة بكثافتها السكانية، بدت حزينة بشوارعها الخالية من المارة، وافتقدت اسواقها المكتظة لحركة المتبضعين، فيما اقتصرت الحياة فيها على بعض المراكز الخدمية كالصحة، والكهرباء، ومحطات تعبئة الوقود.

أسر بأكملها نساء واطفال، شيوخ وشباب، اكتظت بهم طرق المسير نحو كربلاء الحسين، وانتشرت على طول طريق الجنة السرادق الحسينية التي يتسابق منظموها على تقديم افضل انواع الخدمات للزائرين مفتخرين بولاء الخدمة الحسينية رافعين شعارهم كل الخدم تنهان شفناها بالعين، بس بكرامة تعيش خدام الحسين.

الخمسيني ابو اسعد يتوكأ على عصاه بخطوات بطيئة بصحبة بناته وزوجات اولاده يقول: حب الحسين (ع) جعلني استجمع قواي في رحلة المسير الحسيني نحو كربلاء لأجدد ولاء العشق لبيت العترة الطاهرة.

ويضيف ابو اسعد لوكالة النبأ للأخبار: اسير بصحبة بناتي الثلاثة وزوجات ابنائي الاربعة هن واطفالهن لم يثني الارهاب عزيمتي، فطريق الحسين هو التضحية بالغالي والنفيس.

فيما يقول ابو مصطفى صاحب احدى مواكب الخدمة الحسينية: أغلفت محالي التجارية، واوصدت ابواب منزلي فنحن بالخدمة الحسينية للزائرين متساوون، فالنساء تهتم بالنساء المعزيات فيما يقدم الرجال ما تحتاجه الزوار من مأكل ومشرب ومبيت.

خالد ربيع احد السائرين ضمن طريق بغداد – كربلاء يقول: مشهد الخدمة الحسينية لا مثيل له في العالم، يعجز السان عن وصفه، اصحاب المواكب يتسابقون في خدمة الزائرين، ومائــدة الخير الحسيني تحوي على كل ما لذ وطاب، وهناك من يستقبل ويحيي ويكرم الجموع الزائرة والمحبة للحسين (ع) في تلك المواكب التي شكلها اهل على درب الزائرين الذين اثروا خدمة الزوار على البقاء في البيوت والعمل والزيارة لينالوا الشرف العظيم والمرتبة العليا.

ويضيف لوكالة النبأ للأخبار: الحشود السائرة لدرب الحسين تتلو بعضها البعض في جموع اسرية، وحشوداً تمر وأخرى ما زالت تستمر فهو بطبيعته العشق الألهي.

الحال لا يحسب على مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية الاكبر جانب الرصافة ببغداد، بل يشمل غالبية مناطق العاصمة والتي تحتوي بحسب اخر الاحصائيات الرسمية اكثر من سبعة ملايين نسمة.

وتوافد الملايين من العراقيين، اضافة الى العرب والاجانب من خارج العراق، الى مدينة كربلاء المقدسة لأداء مراسيم زيارة الاربعين في اجواء وطقوس مؤثرة حيث اتشحت المدينة التي غصت بالجموع الغفيرة المؤمنة بالسواد واللافتات المعبرة استذكارا لهذه الذكرى الاليمة، التي استشهد فيها سبط الرسول محمد (ص)، الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) وثلة طيبة من اهل بيته واصحابة على يد جيش يزيد بن معاوية سنة (61) للهجرة في كربلاء وتعرف بواقعة الطف، حيث لم يكتفي يزيد بقتل الامام الحسين (ع)، بل امر بقطع الرؤس وحملها على الرماح والطواف بها مع نساء ال محمد في بلاد المسلمين كنوع من التشفي والشماته.

اضف تعليق