اعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الاحد، ان قوات الأمن في حكومة إقليم كردستان دمرت بطريقة "غير مشروعة" أعدادا كبيرة من منازل العرب في نينوى وكركوك، فيما اشارت الى ان تلك القوات حافظت على منازل الكرد بتلك المناطق.

وقالت المنظمة في تقرير أصدرته اليوم، ان "قوات الأمن في حكومة إقليم كردستان العراق دمرت بطريقة غير مشروعة أعدادا كبيرة من منازل العرب، وفي بعض الأحيان قرى بأكملها، في مناطق تمت استعادتها من "داعش".

واضافت ان "التقرير المؤلَّف من 78 صفحة بعنوان (الاستهداف بالعلامة X)، تناول تدمير القوات الكردية العراقية لقرى وبيوت أثناء النزاع مع داعش"، مبينة ان "ذلك حصل بالفترة بين أيلول 2014 وأيار 2016، في المناطق المتنازع عليها في بمحافظتي كركوك ونينوى".

وتابعت ان "قوات البيشمركة حافظت على منازل الأكراد في تلك المناطق"، موضحة ان "مسؤولي حكومة إقليم كردستان رددوا أن هذه المناطق كردية تاريخيا وأنهم ينوون دمجها مع إقليم كردستان".

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط جو ستورك خلال البيان ان "قوات الأمن الكردية دمرت منازل العرب، قرية تلو الأخرى في كركوك ونينوى"، لافتا الى ان "الأهداف السياسية لمسؤولي حكومة إقليم كردستان لا تبرر هدم المنازل بشكل غير قانوني".

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه "في الوقت الذي تُخرِج فيه قوات البيشمركة داعش من القرى الواقعة على مشارف الموصل، على الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين الضغط على مسؤولي إقليم كردستان والبيشمركة للتوقّف عن الهجمات غير المشروعة".

ويستند التقرير إلى زيارات ميدانية لباحثي هيومن رايتس ووتش، وأكثر من 120 مقابلة مع شهود عيان ومسؤولين، وتحليل شامل لصور الأقمار الصناعية. حيث عاينت هيومن رايتس ووتش منازل مهدمة في 17 قرية في محافظة كركوك و4 في محافظة نينوى، وجالت عبر غيرها من القرى المدمرة في نينوى، بالقرب من الحدود السورية.

من هذه البلدات والقرى الـ 21 زارت هيومن رايتس ووتش 13 قرية تحمل آثار دمار كبير. في جميع القرى المدمرة، باستثناء 3، تحوّل نصف الأبنية على الأقل إلى ركام وأُفرِغ 7 منها من السكان. بالنسبة للـ 62 قرية وبلدة المتبقيين، تُظهِر صور الأقمار الصناعية فيهم دمارا كبيرا يتّسق مع الدمار الناجم عن استخدام النار، والأسلحة الثقيلة ومواد شديدة الانفجار. يختلف هذا في مظهره عما نجم عن الغارات الجوية والقصف الأرضي المركّز قبل انسحاب داعش من هذه المواقع. ولكن غياب شهود عيان لا يسمح بالتأكد من الملابسات والمسؤولية عن الدمار في هذه المواقع.

وفي محافظة نينوى، زارت هيومن رايتس ووتش قرية بردية المختلطة، وبلدة حمد آغا العربية-الكردية، وقرية شيخان العربية المجاورة. في كل مكان، وقال السكان الأكراد إن البيشمركة دمروا منازل العرب دون منازل الأكراد.

وفي محافظة كركوك، قال عدد من سكان المُرّة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شهدوا تدمير البشمركة للقرية – وتفجير المدرسة المحلية – بعد استعادة السيطرة عليها في معركة قصيرة مع داعش في تموز 2015.

وقال مسؤولو حكومة إقليم كردستان إنهم "دمروها لأن السكان من مناصري داعش".

ولكن هدم المنازل يبدو انتهاكا لقوانين الحرب التي تحظر تدمير الممتلكات المدنية إلا للضرورة العسكرية القصوى.

وقال مسؤولون في حكومة إقليم كردستان والبشمركة لـ هيومن رايتس ووتش إن "تدمير بعض الممتلكات ناجم عن قصف التحالف لـ داعش بقيادة الولايات المتحدة ونيران مدفعية البشمركة".

وهذا يتفق مع تحليل هيومن رايتس ووتش لبعض من صور الأقمار الصناعية قبل القصف وبعده. ولكن في الغالبية العظمى من الحالات، تُظهِر صور الأقمار الصناعية ضررا سببه استخدام الجرافات والحريق ومواد شديدة الانفجار – طرق غير آمنة لإزالة الألغام والأجهزة المتفجرة – بعد انتهاء القتال وبسط قوات حكومة إقليم كردستان سيطرتها.

وقال مسؤولو حكومة إقليم كردستان والبشمركة إن "قواتهم دمرت المنازل في الكثير من الأحيان لأن داعش قد زرع فيها ألغام وأجهزة متفجرة".

لكن خبراء إزالة الألغام قالوا إن "ذلك يتعارض مع الممارسات المعتمدة وإن الانفجارات غير المضبوطة تهدد بنشر المتفجرات بين الركام ما يجعل المنطقة، وتنظيفها لاحقا، غير آمنين البتة".

وفي الكثير من الحالات، دُمِّرَت المنازل والقرى بعد أسابيع وأشهر من استعادة البشمركة السيطرة عليها. يعني ذلك أن التخلص من العبوات الناسفة التي خلّفها "داعش" لم يكن من أولويات حكومة إقليم كردستان العسكرية، ولا يندرج ضمن الضرورة القصوى كمبرر يسمح به القانون الدولي الإنساني لشن هجمات على أهداف مدنية.

وفي حالات أخرى، هدمت قوات البشمركة المباني في قرى لم يسيطر عليها "داعش" أبدا. في بعض هذه الحالات، وقال مسؤولو حكومة إقليم كردستان إن "قواتهم دمرت المنازل لأن أحد السكان أو أكثر كانوا من مناصري داعش".

وفي اجتماع عُقِد بتموز 2016، قال رئيس حكومة إقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود بارزاني لـ هيومن رايتس ووتش إن "حكومة إقليم كردستان لن تسمح للعرب السنة بالعودة إلى قراهم التي "عُرِّبَت" في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، مشيرا الى ان "هذه المناطق (في رأيه) من حق الأكراد".

مثل هذه المطالبات بالأراضي تغذي اعتقاد الكثير من العرب في المناطق المتنازع عليها بأن قوات أمن حكومة الإقليم قامت بعمليات الهدم لمنع أو ثني العرب من العودة إليها.

وتحظر قوانين الحرب التعرّض للممتلكات المدنية إلا عندما يستخدمها العدو لأغراض عسكرية.

كما تحظر الهجمات العشوائية، بما في ذلك الهجمات التي تعتبر منطقة بأكملها، مثل قرية، هدفا عسكريا.

وفي جولة هدم وتهجير حديثة، طردت السلطات الكردية أكثر من 325 شخصا من السكان والنازحين العرب في محافظة كركوك وهدمت 100 منزل على الأقل في أعقاب هجوم داعش على كركوك في 21 تشرين الأول 2016.

وفي الأيام التي سبقت الطرد، فحصت هيومن رايتس ووتش صور أقمار صناعية التُقِطَت بين أيلول 2016 و12 تشرين الأول 2016، ووجدت 85 مبنى مهدَّم.

وأظهرت الصور أن معظم الدمار وقع بين 11 و27 أيلول في حي واحد حزيران في جنوب كركوك، حيث يقطن هذا الحي خليط من العرب المقيمين منذ زمن في كركوك والأسر الهاربة من أعمال العنف في ديالى وبغداد في عام 2007، والعرب النازحين من مناطق داعش في 2014.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن "على حكومة إقليم كردستان التحقيق في مزاعم انتهاكات القانون الدولي في هذه التقارير ومحاسبة المسؤولين، وعلى الولايات المتحدة وألمانيا، وغيرها من الدول التي تساعد قوات حكومة إقليم كردستان عسكريا، الضغط على الحكومة الإقليمية للقيام بهذه التحقيقات"، داعية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الى "توسيع نطاق التحقيق في انتهاكات داعش الذي يقوم به مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ليشمل الانتهاكات الخطيرة من قبل جميع الأطراف، بما فيها قوات أمن حكومة إقليم كردستان".

واكد ستورك ان "نمط هدم حكومة إقليم كردستان غير القانوني للمنازل والقرى العربية مقلق للغاية بحد ذاته، بل هو وصفة جاهزة لاستمرار الصراع حتى لو طردت حكومة إقليم كردستان والقوات المتحالفة معها داعش من الموصل والأراضي الأخرى التي يسيطر عليها في العراق". انتهى/خ.

اضف تعليق