اعتبر جون كيري أن الروس قد "خدعوه" في المفاوضات حول سوريا وأكد لمعارضين سوريين أن بلاده لن تقحم نفسها في سوريا وأنه إذا ما احتدم الصراع هناك فإنه سيتم القضاء عليهم جميعا.

جاء ذلك في تسجيل مسرب لحديث أدلى به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في اجتماع عقده مع معارضين ونشطاء سوريين في الـ22 من سبتمبر/أيلول، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وعبر كيري في حديثه عن خيبة أمله، وإحباطه حيال كيفية معالجة بلاده الملف السوري، مشيرا إلى انعدام الرغبة لدى الإدارة الأمريكية في الحرب في سوريا، فضلا عن أن "الكونغرس لن يوافق على استخدام القوة نظرا لمعارضة الكثير من الأمريكيين إرسال شبابنا إلى سوريا ليقتلوا هناك".

وردا على تعقيب لأحد السوريين "أكد فيه أن المعارضة لا تطالب بالتدخل في سوريا"، قال كيري: جهودنا الدبلوماسية على الساحة السورية لم تكن معززة باستخدام القوة "حيث أن ثلاث شخصيات فقط في الإدارة الأمريكية طالبت باستخدام القوة، الأمر الذي انعكس عليّ خسارة في الجدل حول استخدام القوة في سوريا من عدمه". 

إذا تدخلنا في سوريا سوف يرتفع سقف المراهنات وسيقضون عليكم جميعا.

واعتبر كيري أن تسليح المعارضة في سوريا أو انخراط بلاده في الحرب هناك، سيؤدي إلى نتائج عكسية، "وزيادة سقف المراهنات"، مؤكدا أن توسيع نطاق التدخل الأمريكي في سوريا، سوف يدفع بالأطراف الأخرى المنخرطة في الأزمة السورية نحو القيام بخطوات مشابهة.

وأضاف مخاطبا المعارضين: "ذلك سيفضي إلى بذل روسيا ما هو أكثر، وتسخير إيران ما هو أكثر، فضلا عن انخراط أوسع لـ"حزب الله"، و"جبهة النصرة". السعودية وتركيا في هذه الأثناء، سوف تضخان جميع ما لديهما من أموال موكلة إليهم، وكل ذلك سينتهي في نهاية المطاف بالقضاء عليكم جميعا". الحل يكمن في قبول المعارضة خوض انتخابات يشارك فيها "رئيس النظام السوري بشار الأسد".

الحضور العسكري الروسي في سوريا شرعي بالمطلق

وبين أبرز النقاط التي أشار إليها كيري في حديثه المسرب حسب الصحيفة الأمريكية، اعترافه لمحاوريه بأن الولايات المتحدة لا تستند إلى أي أساس قانوني يشرع لها مهاجمة حكومة الأسد، خلافا لموسكو المتواجدة قواتها في سوريا بناء على دعوة من الحكومة في دمشق.

ومضى يقول: "ليس في حوزتنا سوى "الفيتو" الروسي أو الصيني في مجلس الأمن الدولي، إذ أن السوريين لم يعتدوا علينا، وبلادنا غير مدعوة إلى سوريا"، الأمر الذي يستثني شرعية تدخلنا العسكري في سوريا.

لا مبالاة الأسد قد تضطر الحكومة الأمريكية لانتهاج مسار مغاير

ولفت كيري نظر ضيوفه إلى أن "اللامبالاة التي ينتهجها الأسد على جميع الأصعدة"، قد تدفع بالحكومة الأمريكية إلى تبديل مسارها بالكامل على الحلبة السورية، وذكّر الحضور بالتغير الحاصل في الولايات المتحدة في الوقت الراهن تجاه الخطوات الأمريكية في حيال سوريا، مشيرا إلى أن السبب في ذلك يكمن في انهيار المبادرة الروسية الأمريكية التي صيغت في الـ10 من الشهر الماضي في جنيف لوقف إطلاق النار في سوريا، والعملية العسكرية واسعة النطاق للجيش السوري في حلب.

لا شك في صحة التسجيل ووزارة الخارجية الأمريكية لم تطعن بمصداقيته

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن السوريين الذين اجتمع بهم كيري ليسوا متورطين في تسريب التسجيل، وأنهم أكدوا صحته، ولفتت النظر كذلك إلى أن جون كيربي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لم ينف هو الآخر صحة التسجيل.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن كيربي قوله بهذا الصدد: لقد عقد وزير خارجيتنا لقاء غير رسمي مع معارضين سوريين للاستماع إليهم، "والتأكيد لهم أن إنهاء الحرب الأهلية في سوريا لا يزال يتوسط اهتمامات" السلطات الأمريكية.

وأضاف كيربي: لقد حضر الاجتماع زهاء عشرين شخصا بمن فيهم عدد من الدبلوماسيين "من ثلاثة أو أربع دول".

مما يعزز صحة حديث كيري المسرب اتساقه مع موقف الرئيس أوباما

هذا، وسبق للرئيس الأمريكي باراك أوباما وأن صرح مؤخرا بأن تقديم دعم أكبر للمعارضة السورية المسلحة، "لن يسهم في وقف الحرب الأهلية في سوريا"، وأنه لا يتعين على بلاده أن تلعب دور الشرطي في بلدان الشرق الأوسط كأفغانستان والعراق واليمن والصومال.

وفي حديث نقلته "سي ان ان" قال: "لم يتبلور في سوريا سيناريو يمكننا من خلاله وقف حربها الأهلية التي ابتلعت الجانبين، سوى نشر قوات كبيرة لنا هناك، فيما يرى من ينتقدون موقفي أنه لو قدمنا دعما كبيرا للمعارضة المعتدلة في سوريا لتمكنت من الإطاحة بنظام الأسد الدموي".

وأضاف: "المشكلة تكمن في الدعم الذي يحصل عليه النظام السوري من روسيا وإيران، الأمر الذي سيعني انتهاكنا القانون الدولي إذا ما تدخلنا بشكل مباشر وأرسلنا قواتنا إلى سوريا، ناهيك عن التصعيد الذي كان له أن يحدث والصعوبات التي ستواجهها الولايات المتحدة. سوف تظهر في جميع أنحاء العالم المشاكل التي لا تهدد أمننا بشكل مباشر، فيما لا يمكن للحل أن يتمثل في تدخلنا أينما كان وإرسال قواتنا إلى حيث كان".

اضف تعليق