لسنوات عديدة هيمنت الخلافات بين السعودية أكبر منتج للنفط في أوبك وغريمتها إيران على المناقشات في قاعة المؤتمرات في المنظمة.

لكن ما إن تمكن الطرفان من التوصل إلى حل وسط نادر، أمس الأول، حيث خففت المملكة موقفها حيال طهران، حتى بزغت قوة كبرى ثالثة في أوبك.

فقد تجاوز العراق إيران ليصبح ثاني أكبر منتج للخام في التكتل منذ أعوام عديدة إلا أنه ظل بعيدا عن الأضواء داخل المنظمة، وأخيرا جعلت بغداد الجميع يشعرون بحضورها، إلا أن ما فعله العراق لم يسعد لا السعودية ولا إيران.

فقد أبلغ وزير النفط العراقي الجديد جبار علي اللعيبي نظيريه السعودي خالد الفالح والإيراني بيجن زنغنة في لقاء مغلق في الجزائر بأنه "اجتماع لجميع وزراء أوبك" بحسب ما قاله مصدر مطلع.

وأضاف اللعيبي أنه لا يحبذ فكرة وضع سقف للإنتاج مجددا عند 32.5 مليون برميل يوميا بحسب مصادر في المنظمة.

وينظر بعض أعضاء أوبك إلى إعادة العمل بسقف للإنتاج جرى التخلي عنه قبل عام بسبب الخلافات السعودية-الإيرانية باعتباره عاملا حاسما لمساعدة المنظمة على إدارة سوق متخمة بالمعروض ودعم الأسعار التي هبطت إلى أقل بكثير من احتياجات الميزانية لغالبية المنتجين.

لكن اللعيبي أبلغ الاجتماع بأن سقف الإنتاج الجديد ليس مناسبا لبغداد نظرا لأن أوبك لم تقدر إنتاج العراق حق قدره بعد أن قفز في السنوات الأخيرة.

وقالت مصادر إن ذلك أعقبته حالة من الارتباك واختارت أوبك بعد مناقشات فرض سقف للإنتاج في نطاق 32.5-33 مليون برميل يوميا وهو قرار انتقده كثير من المحللين باعتباره ضعيفا وغير ملزم. ويبلغ إنتاج أوبك حاليا 33.24 مليون برميل يوميا.

وخرج الوزراء ومن بينهم الفالح وزنغنه من الاجتماع تعلو وجوههم البسمة مشيدين بأول اتفاق لأوبك لخفض الإنتاج منذ 2008، إلا أن اللعيبي دعا لعقد للقاء صحفي منفصل ليشكو فيه من تقديرات أوبك لإنتاج العراق.

وقال للصحفيين إن تلك الأرقام لا تعبر عن الإنتاج الفعلي لبلاده وإذا لم تتغير بحلول تشرين الثاني فلن يقبل العراق بذلك وسيطالب بحلول بديلة.

وذهب اللعيبي إلى أبعد من ذلك وطلب من صحفي من أرجوس ميديا - التي تستخدم أوبك بياناتها ضمن مصادر أخرى لحساب إنتاج الدول - أن يكشف عن المصادر التي تحصل منها أرجوس على تقديراتها.

وقال إن مصادر أرجوس غير مقبولة وإذا كان هناك اختلاف عن بيانات الحكومة فلن نسمح لأرجوس بالعمل في العراق.

ويظهر موقف اللعيبي "هشاشة" اتفاق أوبك.

فمن الآن وحتى تشرين الثاني عندما تعقد أوبك اجتماعها الرسمي يتعين على المنظمة أن تتغلب على عقبات كبيرة للتوافق على قرار ملزم.

ومن بين ذلك تحديد بعض الملامح على الأقل لحصة كل دولة للتأكد من قيام الأعضاء بالحد من فائض المعروض العالمي والذي دفع الأسعار للهبوط بأكثر من النصف منذ 2014 إلى أقل من 50 دولارا للبرميل.

وتصر إيران على زيادة إنتاجها إلى نحو أربعة ملايين برميل يوميا مع خروجها من تحت طائلة العقوبات الأوروبية بينما تقترح السعودية تثبيت الإنتاج الإيراني عند 3.7 مليون برميل يوميا.

وتعرض الرياض خفض إنتاجها إلى 10.2 مليون برميل يوميا من 10.7 مليون برميل يوميا لكن معظم المحللين يرون أنها ستصل إلى هذا المستوى بأي حال مع انحسار حرارة فصل الصيف وانخفاض الحاجة إلى أجهزة تبريد الهواء.

وحقق العراق زيادة كبيرة في الإنتاج في السنوات الماضية وطلب من الشركات النفطية الكبرى مزيدا من الإنتاج ليتجاوز خمسة ملايين برميل يوميا من 4.7 مليون برميل حاليا.

وقال مصدر في أوبك "الاتفاق يكاد يكون مهزلة".

وقال مصدر مطلع على التفكير الإيراني إن التوصل إلى اتفاق يعد أمرا إيجابيا، وتابع "لن يمنح أحد لأحد توصيلة مجانية، ستضع لجان فنية التفاصيل".

ويعتقد مايكل ويتنر رئيس البحوث لدى سوسيتيه جنرال أن القرار يظهر أن السعودية تتخلى عن السماح لقوى السوق بإدارة الإمدادات.

وقال "سننتظر لنرى الكمية الفعلية من البراميل التي ستخرج من السوق، بالنسبة لي تتمثل أهمية الأمر في أنهم جلسوا في غرفة واحدة واتخذوا قرارا".انتهى/س

اضف تعليق