قال الكرملين اليوم الخميس إن القوات الجوية الروسية ستمضي قدما في عملياتها في سوريا ورفض بيانا أصدرته الولايات المتحدة عن الصراع هناك ووصفه بأنه غير مفيد وطائش.

ودعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري موسكو إلى وقف تحليق جميع طائراتها فوق مناطق الصراع في سوريا بما في ذلك حلب.

لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال في مؤتمر هاتفي للصحفيين يوم الخميس إن القوات الجوية الروسية ستواصل دعم القوات الحكومية السورية وإن "الحرب على الإرهاب" ستستمر.

ودعا بيسكوف واشنطن إلى تنفيذ وعدها بالتفرقة بين مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة والإرهابيين ووصف البيان الأمريكي الأخير بشأن سوريا بأنه طائش وغير مفيد.

وكان يشير إلى بيان أصدره المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي الذي قال يوم الأربعاء إن روسيا لها مصلحة في وقف العنف في سوريا لأن المتطرفين يمكن أن يستغلوا الفراغ هناك ويشنوا هجمات "على المصالح الروسية وربما المدن الروسية".

وعلى الرغم من تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا قال بيسكوف إن موسكو لا تزال مهتمة بالتعاون مع واشنطن لمحاولة حل الأزمة السورية.

ونقلت وكالات أنباء روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قوله اليوم الخميس، إن موسكو غاضبة من لهجة التهديد في بيان الولايات المتحدة الأخير بشأن سوريا وتعتبره بمثابة دعم للإرهاب.

وكان ريابكوف يشير إلى بيان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي الذي قال يوم الأربعاء إن لروسيا مصلحة في وقف العنف في سوريا لأن المتطرفين بإمكانهم استغلال الفراغ لشن هجمات ضد "المصالح الروسية وربما أيضا المدن الروسية."

ونقلت الوكالات عن ريابكوف قوله "لا نستطيع تفسير ذلك سوى أنه في إطار دعم الإدارة الأمريكية الحالية للإرهاب".

وأضاف "هذه الدعوات المبطنة لاستخدام الإرهاب كسلاح ضد روسيا تظهر الدرك السياسي الذي هبطت إليه الإدارة الأمريكية في نهجها تجاه الشرق الأوسط وخاصة سوريا".

وقال مسؤولون أمريكيون يوم الأربعاء إن مسؤولي إدارة أوباما بدأوا دراسة ردود أكثر صرامة على هجوم القوات الحكومية السورية بدعم من روسيا على حلب بما في ذلك الخيارات العسكرية بينما يضعف التوتر المتزايد مع موسكو الأمل في التوصل إلى حل سياسي.

ونقل عن ريابكوف قوله إن موسكو لا ترى بديلا للخطة الأمريكية الروسية الأصلية للسعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا وإن على واشنطن أن تركز على تطبيقها.

وأضاف أن خطة وقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام التي طرحتها الولايات المتحدة غير مقبولة وأن موسكو تقترح "هدنة إنسانية" مدتها 48 ساعة في حلب عوضا عن ذلك.

رد قوي

قال مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس باراك أوباما بدأت تبحث اتخاذ ردود أقوى إزاء هجوم الحكومة السورية المدعوم من روسيا على المسلحين في حلب بما في ذلك الردود العسكرية في الوقت الذي هز فيه تزايد التوتر مع روسيا الآمال في الوصول لحلول دبلوماسية لأزمات على أصعدة مختلفة.

وتجري المناقشات الجديدة على مستوى موظفي البيت الأبيض ولم تتمخض عنها أي توصيات لأوباما الذي قاوم إصدار أوامر باتخاذ إجراء عسكري ضد الرئيس السوري بشار الأسد في الصراع المتعدد الأطراف بالبلاد.

حتى مؤيدو اتخاذ رد أمريكي أقوى قالوا يوم الأربعاء إنه من غير الواضح ما سيتخذه الرئيس إن كان سيتخذ خطوات من الأساس وإن خياراته "تبدأ من عند تشديد اللهجة" كما ورد على لسان أحد المسؤولين.

وقال مسؤول إنه قبل إمكانية اتخاذ أي إجراء سيتعين على واشنطن أولا أن "تنفذ تهديد كيري وتوقف المحادثات مع الروس" بشأن سوريا.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن إخفاق المساعي الدبلوماسية في سوريا لم يدع أمام إدارة أوباما خيارا سوى البحث عن بدائل معظمها يتضمن استخدام القوة بشكل أو بآخر وجرى بحثها من قبل لكن تقرر تعليقها.

ومن هذه البدائل السماح للحلفاء الخليجيين بتزويد المعارضة بأسلحة أكثر تطورا وهو أمر يعتبر أكثر ترجيحا رغم معارضة واشنطن له حتى الآن. وقال المسؤولون إن من البدائل الأخرى توجيه ضربة جوية أمريكية لإحدى قواعد الأسد الجوية وهو ما يعتبر أقل ترجيحا لما يمكن أن يحدثه من خسائر بشرية بين الروس.

وأضاف المسؤولون أن الخيارات الجاري بحثها محدودة من حيث العدد ولا تصل إلى حد التزام واسع النطاق بالمشاركة بقوات أمريكية وهو أمر طالما رفضه أوباما الذي لم يتبق له في منصبه سوى أربعة أشهر.

ويقول منتقدو سياسة أوباما في سوريا إنه حدد هدفا يتمثل في رحيل الأسد لكنه لم يوفر الوسائل الكافية لتحقيق تلك الغاية من خلال تسليح المعارضة في وقت أكثر تبكيرا وعلى نحو أكثر قوة أو السماح لحلفاء الولايات المتحدة بفعل هذا أو استخدام القوة العسكرية الأمريكية لإحداث تغيير في مسار الصراع.

وبالإضافة إلى هذا يقول خبراء من داخل الإدارة وخارجها إن أوباما أخطأ حين تراجع عن توجيه ضربات جوية إلى سوريا لتطبيق "خط أحمر" أنذر حكومة الأسد من تجاوزه إن هي استخدمت أسلحة كيماوية. وهم يرون أن النتيجة كانت إضعاف مصداقية الولايات المتحدة لدى موسكو ودمشق وغيرهما لأنه بات هناك إدراك بأن أوباما لن يفي بكلمته ولن يتبع القول بالفعل.

على حين غرة

قال مسؤولان أمريكيان إن السرعة التي تقدم بها السوريون في حلب وانهار بها المسار الدبلوماسي أخذت بعض مسؤولي الإدارة على حين غرة. فسقوط حلب سيعيد سيطرة الأسد إلى أهم مدينة في غرب سوريا وسيوجه ضربة مدمرة للمعارضة المسلحة.

ونتيجة لذلك انحسرت قائمة الخيارات حسبما قال أحد المسؤولين لتقتصر على دعم الهجمات المضادة التي تشنها المعارضة في مواقع أخرى بمزيد من الأسلحة أو حتى الضربات الجوية التي "قد لا تغير مسار المعركة لكنها ربما تدفع الروس للتوقف والتدبر".

وقال مسؤول آخر إن إمدادات الأسلحة لن تشتمل على الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات التي تخشى إدارة أوباما أن تقع في أيدي ارهابيي أو الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وذكر المسؤولون أن الخيار الأخطر وإن كان يعتبر الأقل ترجيحا هو توجيه ضربة جوية أمريكية لقاعدة جوية سورية بمنأى عن القتال بين قوات الجيش السوري وقوات المعارضة في الشمال.

ومن الأفكار الأخرى الجاري بحثها إرسال مزيد من قوات العمليات الأمريكية الخاصة لتدريب الجماعات الكردية وغيرها من فصائل المعارضة السورية ونشر قوة بحرية وجوية أمريكية ومن دول حليفة في شرق البحر المتوسط حيث تتوجه بالفعل حاملة طائرات فرنسية.

وقال مسؤول إن مسؤولي الإدارة الأمريكيين بحثوا إرسال معونات إنسانية جوا لمناطق خاضعة لسيطرة المعارضة وهو ما سيتطلب مرافقة من جانب طائرات حربية أمريكية لكنهم اعتبروا هذا الخيار ينطوي على مخاطر شديدة وأنزلوه إلى مرتبة متدنية في القائمة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي يوم الأربعاء إن المسؤولين الأمريكيين المشاركين في عملية النقاش المتعلقة بالأمن القومي تناولوا خيارات أخرى تخص سوريا "لا تدور حول الدبلوماسية". وامتنع عن ذكر تفاصيل.

ونبه المسؤولون الأمريكيون إلى أنه لن تكون هناك قرارات وشيكة نظرا لسفر وزير الدفاع آشتون كارتر واعتزام أوباما ومسؤولين كبار آخرين حضور جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس يوم الجمعة.

تركيا والدخول من نافذة الشمال

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم الخميس، إن بلاده مصممة على القضاء على "ممر الإرهاب" الواقع على حدودها مع سوريا في إشارة إلى ما تسميه أنقرة تهديدا ثنائيا لها من تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين.

وأضاف إردوغان أمام مجموعة من المسؤولين الإقليميين في قصر الرئاسة بأنقرة أن العالم بدأ يدرك أن القوات الكردية السورية وتنظيم داعش والمقاتلين الموالين للرئيس السوري بشار الأسد يساعدون بعضهم بعضا. بحسب زعمه.

من جهته قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم الخميس، إن بلاده "على أتم الاستعداد" للتنسيق مع روسيا بشأن وقف لإطلاق النار في سوريا وتوصيل مساعدات إنسانية إذا كانت لدى الكرملين رغبة في ذلك.

وأضاف "بحثنا قضايا وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية مع نظيرنا الإيراني السيد (محمد جواد) ظريف أمس. بعد تطبيع العلاقات بيننا نبحث نفس القضايا مع حليفتنا روسيا".

وقال "يجب أن نبذل المزيد من الجهد من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحل سياسي. إذا كانت روسيا مستعدة للتعاون معنا في مجالي وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية فإننا على أتم الاستعداد".

اضف تعليق