كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، أن دول أوروبا الشرقية أبرمت صفقات سرية مع السعودية لإرسال آلاف البنادق الهجومية، وقذائف مورتر وقاذفات صواريخ وأسلحة مضادة للدبابات ورشاشات ثقيلة، عبر خط جديد للتسليح، من البلقان على شبه الجزيرة العربية والدول الحدودية مع سوريا، ونقل أسلحة بقيمة أكثر من 1 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية.

وأضافت الصحيفة أنه ومنذ تصاعد النزاع السوري في 2012، وافقت الدول الثماني على إبرام صفقة أسلحة بـ 1 مليار يورو، مرسَلةً إلى السعودية والأردن والإمارات وتركيا، وتعد هذه البلدان أسواق السلاح الرئيسية لسوريا مما يساعد في تأجيج الحرب المستمرة منذ 5 سنوات، وفقاً لشبكة البلقان للتحقيقات الصحفية ومشروع تقارير الفساد.

وبحسب التقرير تم منح تراخيص تصدير الأسلحة، من البوسنة، بلغاريا، كرواتيا، الجمهورية التشيكية، الجبل الأسود، وسلوفاكيا وصربيا رومانيا، رغم مخاوف الخبراء داخل الحكومات، من أن تنتهي الأسلحة في أيدي المعارضة المسلحة في سوريا، ويمكن القول إن في ذلك خرق للاتفاقات الدلية للاتحاد الأوروبي.

وبحسب "الغارديان" تم التعرف على الأسلحة والذخيرة القادمة من أوروبا من خلال الفيديوهات والصور التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تستخدم الآن من قبل مليشيات "الجيش السوري الحر" المدعومة من الغرب، ولكنها أيضاً في أيدي مقاتلين من الجماعات الإسلامية مثل "أنصار الشام" وداعش، وجبهة النصرة التابعة للقاعدة، وفصائل تقاتل في صفوف الدولة السورية، والقوات في اليمن.

وتم فتح خط نقل الأسلحة في شتاء 2012، عندما حُملت عشرات طائرات الشحن بأسلحة وذخيرة يوغوسلافية تم شراؤها من قبل السعودية، غادرت الشحنة مدينة زغرب الكرواتية متجهة إلى الأردن، وبعد فترة وجيزة، ظهرت الأسلحة الكرواتية في سوريا.

ونفت الحكومة الكرواتية باستمرار أي علاقة لها بشحن الأسلحة إلى سوريا، ولكن روبيرت ستيفن فورد، سفير الولايات المتحدة الأميركية في سوريا بين عامي 2011-2014، قال إن زغرب أبرمت صفقة أسلحة مع السعودية عام 2012.

كانت هذه هي البداية فقط، حيث أن تجار الأسلحة في أوروبا الشرقية كانوا يتوسطون عمليات بيع الأسلحة والذخائر من بلدانهم في أوكرانيا وروسيا البيضاء، وحتى محاولات تأمين أسلحة سوفيتية مضادة للدبابات تم شراؤها من المملكة المتحدة.

وصرّح كل من شبكة بلقان للتحقيقات الصحفية ومشروع تقارير الفساد، أن صفقة أسلحة وذخائر بقيمة 806 مليون يورو، تمت الموافقة عليها من قبل بلدان أوروبا الشرقية إلى السعودية، نقلاً عن تقارير الأمم المتحدة ومصادر حكومية أخرى.

ويقول الباحثون، بحسب موقع شام تايمز إن الأردن حصلت على تراخيص تصدير بقيمة 155 مليون يورو في هذه الفترة، في حين استحوذت الإمارات العربية المتحدة على تراخيص بقيمة 135 مليون يورو، وتركيا 87 مليون يورو، وبذلك يصبح المجموع 1.2 مليار يورو خلال السنوات الأربع الماضية.

وفي وثيقة سرية حصلت عليها الجهات المسؤولة عن التحقيق، كشف مسؤول كبير في وزارة الدفاع الصربية مخاوف من أن الشحنات التي تصل إلى السعودية قد تصل إلى سوريا.

وساعد تحليل مفصل لجداول المطارات الزمنية، وبيانات تتبع الرحلات، ومراقبة الحركة الجوية، على تحديد ما يقارب 70 رحلة، من المرجح جداً أنها كانت تحمل أسلحة للصراعات في الشرق الأوسط في العام الماضي.

رحلات الشحن التي تم تحديدها، كانت محملة بالأسلحة من البلقان إلى الأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وبرزت كل من بلغراد وصوفيا و براتيسلافا، كمحاور رئيسية للنقل الجوي، وأكدت هيئة الطيران الصربية أن 49 رحلة جوية كانت تنقل أسلحة.

وتوفر إحصاءات الاتحاد الأوروبي مزيداً من الأدلة على حجم العملية، فهي تكشف أن طائرات من بلغاريا وسلوفاكيا كانت قد حملت آلاف الأطنان من بضائع مجهولة منذ صيف 2014، إلى القواعد نفسها في السعودية والإمارات.

ويتم نقل السلاح براً إلى الحدود السورية أو إسقاطه هناك من طائرات عسكرية، وبحسب فورد، فإن المملكة العربية السعودية لديها تجربة سابقة في إسقاط المواد بالطائرات لحلفائهم في اليمن، بما في ذلك بنادق صربية الصنع.

يقول فورد "كل البلدان المعنية بمساعدة المعارضة المسلحة تحتفظ بسلطة اتخاذ القرار النهائي حول أي المجموعات المقاتلة في سوريا يجب أن يتلقى الدعم".

واشترت واشنطن أيضاً الأسلحة من شرق أوروبا، وسلحت المعارضة السورية بكميات كبيرة من العتاد العسكري، في محاولة منها لمكافحة انتشار داعش.

في كانون الأول 2015، غادرت ثلاث سفن موانئ البحر الأسود في منطقة البلقان، تم تكليفها بنقل الشحنة من قبل الجيش الأميركي – قيادة العمليات الخاصة (سوكوم)، المسؤولة عن الإمدادات العسكرية السرية للأسلحة إلى سوريا.

ووفقاً لوثائق الشراء وبيانات تتّبع السفن، فإن 4700 طن من الأسلحة، بما في ذلك رشاشات ثقيلة وقاذفات صواريخ وأسلحة مضادة للدبابات، وكذلك الرصاص وقذائف الهاون والقنابل اليدوية والصواريخ وغيرها من المتفجرات، قد وصلت إلى منشآت عسكرية في الأردن وتركيا من قبل بلغاريا ورومانيا وغادرت آخر سفينة استأجرتها الولايات المتحدة بلغاريا في 21 حزيران، وكانت تقلّ نحو 1700 طن من نفس المواد إلى مكان مجهول في ميناء البحر الأحمر.

وفي تصريح خاص لقيادة العمليات الخاصة فإن الذخائر هي لدعم العمليات الخاصة والبعثات في كل أنحاء العالم.

ويقول ويكلن، المسؤول عن تقارير الأسلحة في البرلمان الأوروبي: "على كل هذه البلدان أن توقف إرسال الأسلحة إلى الشرق الأوسط، لأن ذلك من شانه أن يؤدي إلى ارتفاع نسبة العنف وخرق قوانين حقوق الإنسان الدولية".

اضف تعليق