قال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، الاثنين إن “الحرب ضد الفساد هي أصعب بكثير من الحرب ضد الإرهاب”، ملمحا إلى أن حكومته تبدو عاجزة عن الوقوف بوجه هذه الآفة المدمرة لاقتصاد الإقليم ولقدرته على الصمود في أداء واجابته الإعاشية تجاه سكانه والمالية تجاه فيالق من الموظفين يعاني الإقليم إيجاد موارد يدفع لهم منها اجورهم رغم تقليصها على نحو غير مسبوق بفعل الازمة المستفحلة.

وبين بارزاني لدى اجتماعه مع رئيس ومكتب سكرتارية اتحاد معلمي كردستان، أن “الحرب ضد الفساد هي أصعب بكثير من الحرب ضد الإرهاب وأن الإقليم يعمل بكل جد للقضاء على الفساد واقتلاعه من جذوره..”.

وتحدث بارزاني عن “مشكلة الفساد الإداري” محاولا التخفي وراء الأزمة الاقتصادية لتبرير الأزمة المستفحلة في إقليم كردستان وتأثيراتها على الوضع العام فيه.

وموضوع الفساد في الإقليم ليس جديدا ويعود إلى سنوات ماضية كما أن أهالي الإقليم قد استمعوا للخطابات وسمعوا للقرارات المتخذة من قبل الحكومة لمقاومته لأكثر من مرة طيلة هذه السنوات لكن شيئا لم يحصل في هذا الخصوص لأن المتنفذين والذين يديرون لعبة الفساد هم أصلا موجودون بالقرب من الحكومة في مركز القرار وفي الوظيفة العمومية كما يقول المراقبون.

ويضيف هؤلاء أن الأشهر والسنوات تمر دون أن تتمكن حكومة الإقليم ولا رئيسه من تنفيذ الوعود المتكررة بالقضاء على الفساد أو حتى التخفيف من سطوته على اقتصاد المحلي.

وفي مارس/آذار، شدد البارزاني على أن “مواجهة الفساد والبدء بتنفيذ حملة الإصلاحات هي واجب وطني مقدس ومطلب ملح ومشروع لشعب كردستان”، مؤكدا “عدم استثناء أي شخص في أي منصب أو مرتبة كان من التحقيقات والمساءلات القانونية” لأن “مصيرنا مرهون بالإصلاحات التي نسعى لتنفيذها”، لكن لا شيء يبدو قد تحقق إلى حد الآن وهو ما يفهم من خلال حديثه عن صعوبة مقاومة الفساد، كما يقول محللون.

وفي شباط /فبراير، أصدر قرارات تقضي بإجراء المراجعة في الأموال والأملاك التابعة لحزبه الديمقراطي الكردستاني. وأكد على إعادة الأموال والأملاك التي تم الاستيلاء عليها بشكل غير شرعي من خلال “استغلال” المناصب الحزبية إلى الجهات المعنية، مشيرا إلى اتخاذ أقصى الإجراءات مع الأشخاص والشركات الذين جمعوا ثروات طائلة بطرق غير قانونية وتورطوا في عمليات فساد إدارية.

إلا أن مشروعه الإصلاحي واجه وما زال يواجه مقاومة شديدة من مراكز متنفذة وضالعة في الفساد داخل حزبه أساسا.

ويقول مراقبون إن مشروع الإصلاح في إقليم كردستان تعثر بسبب الخلافات السياسية الحادة بين القوى الحزبية الرئيسية هناك، وبسبب إمساك فاسدين بمفاصل مهمة في الإدارات الحكومية.

ويعاني إقليم كردستان من أزمة مالية حادة إذ لم تتمكن حكومة إقليم كردستان دفع متأخرات رواتب موظفيها منذ شهر أيلول/سبتمبر 2015، حيث يعزو مسؤولو الإقليم الأزمة المالية إلى تراجع أسعار النفط والمشاكل العالقة بين بغداد وأربيل بشأن ملفات النفط والموازنة والحرب ضد “الدولة الإسلامية”، وإيواء اكثر من مليون ونصف نازح ولاجئ.

وأمام تراكم اسباب الأزمة المالية أصدرت حكومة الإقليم جملة قرارات تقشفية لمواجهتها منها تقليص رواتب الموظفين.

ويرى مراقبون أن أزمة الإقليم مرتبطة بشكل وثيق بنظامه الإداري وبحالة الاستبداد السياسي، مع أنها أيضا جزء من أزمة سياسية واقتصادية يعانيها العراق ككل.

ويقود الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني الإقليم، منذ استقلاله الضمني عن بغداد، قبل نحو 25 عاما، ويقول مراقبون إن طول مدة حكم “الحزب الواحد” والزعيم الأوحد تعتبر إحدى اهم الاسباب التي تغذي الفساد.

ويعيش الفقراء في الإقليم وضعا بائسا لا يجدون فيه القدرة حتى على توفير قوت يومهم البسيط.

وفي بداية فبراير/شباط نزل الأكراد الغاضبون إلى شوارع السليمانية وحلبجة وشمشمل للاحتجاج بسبب تردي الوضعين الاجتماعي والاقتصادي.

وأدرك العالم حينها أن قصة نجاح الإقليم، لم تكن سوى وهم لم يستمر طويلا.

ويقول مراقبون إن الفساد المالي والإداري المستشري على نطاق واسع في الإقليم، أدى إلى تراجع فرص تنمية الموارد المحلية بشكل كبير، رغم أن إيرادات الإقليم خلال العقد الماضي من مبيعات النفط، وتحويلات الحكومة المركزية والرسوم الجمركية بلغت نحو 200 مليار دولار، دون أن يعلم أحد أين أنفقت هذه الأموال.انتهى/س

اضف تعليق