الكاتب: براين ويتيكر

لعدة أسابيع حتى الآن كان هناك أدلة متزايدة على أن موقع تويتر يستخدم لعملية  دعائية سرية وعالية التنظيم تهدف إلى السخرية من المسلمين الشيعة وتدعم الحكومات السنية العربية كالسعودية والبحرين.

تكتيك يقوم على إغراق التويتر بنسخ متعددة من تغريدات متطابقة. تأتي من حسابات وهمية (الروبوتية) مبرمجة لنشر هذه التغريدات في فترات زمنية محددة. في الشهر الماضي أغلق موقع التويتر مئات الحسابات المشتبه بها ولكن تم إنشاء حسابات جديدة. وإجمالا، يشارك عدة آلاف من الحسابات الوهمية في العملية على الرغم من عدم كونها نشطة في وقت واحد.

وبالإضافة الى تأجيج التوترات الطائفية في المنطقة، فإن الهدف الواضح هو عرقلة أي مناقشة حقيقية حول موضوعات معينة بإغراق الهاشتاغات ذات الصلة بهذه التغريدات الوهمية. والتي غالبا ما يتم ربطها بروابط فيديوهات على موقع اليوتيوب لا صلة لها بالموضوع الأساسي.

أحدث مثال – تم كشفه من قبل مارك أوين جونز، المحاضر في السياسة الخليجية في جامعة توبنغن في ألمانيا – حيث يظهر محاولة تطويق الانتقادات من قبل مستخدمي تويتر حول حزمة المساعدات الاقتصادية السعودية لمصر.

الاثنين الماضي قام @htksa، وهو حساب تويتر حقيقي، بنشر تغريدة باللغة العربية تقول "مساعدات سعودية لإيجاد حل لأزمة الدولار خلال أيام"، وأضاف الهاشتاغ #السعودية_تدعم_مصر_مليار_دولار. خلال وقت قصير انضم آخرون في إطار نفس الهاشتاغ، وقاموا بطرح بعض الأسئلة الناقدة مثل "لماذا المملكة ترسل الأموال إلى الخارج عندما اقتصادها يعاني من انخفاض أسعار النفط ومعدلات البطالة مرتفعة؟".

وفجأة ظهرت تلك الحسابات الوهمية وبدأت بإغراق الهاشتاغ بالتغريدات. في اليوم التالي قام مارك أوين جونز بجمع بيانات API من موقع تويتر ووجد أن هنالك 11847 تغريدة تستخدم الهاشتاغ على فترة زمنية تقرب الساعتين. أكثر من(10,000) من هذه التغريدات -حوالي 90٪ -جاء بشكل شبه مؤكد من حسابات وهمية. ومن بينها هناك فقط 30 تغريدة مختلفة: يتم تكرار نفس الكلمات من قبل حسابات متعددة. وفي إحدى الحالات، هنالك تغريدة واحدة تم نشرها من 799 حساب مختلف.

أثيرت الشكوك لأول مرة في حزيران عندما تم تجريد الشيخ عيسى قاسم، وهو رجل دين شيعي بارز، من جنسيته من قبل حكام البحرين. أدانت هيومن رايتس ووتش ما فعلته الحكومة البحرينية ولكن على تويتر ظهرت أعداد كبيرة من التغريدات التي هاجمت الشيخ قاسم.

وجد مارك أوين جونز 219 من تلك التغريدات المهاجمة تملك نفس الصيغة بالضبط -تبدو قادمة من حسابات تويتر مختلفة. بعد إجراء المزيد من التحقيقات خلص الى انها كانت تغريدات روبوتية من حسابات وهمية.

في الوقت الحالي يجري شيء من هذا القبيل مع الهاشتاغ #bahrain. حيث كشفت بيانات API على مدى 12 ساعة في 22 حزيران عن رصد (10,887) تغريدة تحمل الهاشتاغ #bahrain -أكثر بقليل من نصفها بدت وكأنها تمت عبر حسابات وهمية.

ولكن كيف نعرف أنها حسابات وهمية؟ أولا، يتم إنشاء الحسابات على دفعات متسلسلة، غالبا على مدى عدة أيام، والحسابات في كل دفعة لها خصائص مماثلة. حيث تميل إلى اتباع حسابات وسائل الاعلام السعودية وبعض أتباعها لديهم عادة حسابات مشبوهة أخرى. ونادرا ما تقوم بإعادة التغريد ولا تتفاعل مع مستخدمي تويتر حقيقيين.

إذا نظرتم بعناية إلى الحسابات بشكل منفرد سرعان ما يصبح واضحا أنها ليست حقيقية. دفعة واحدة للحسابات تبلغ الـ 40 حسابا أو أكثر تم إنشاؤها في شباط من هذا العام لديها نفس السيرة الذاتية المبهمة ويلاحظ في كثير من الأحيان انها تقوم بذكر الله، وعلى حد تعبير مارك أوين جونز، يبدو المقصود "إيصال شعور التقوى، أو الظهور بصورة المسلم الصالح".

بالإضافة لذلك فإن الصور الشخصية لتلك الحسابات قد تم اختيارها عشوائيا من على شبكة الانترنت. على سبيل المثال، حساب يفترض أنه تابع لشخص يدعى ورهان جمالي يستخدم صورة الدكتور سامي بن عبد الله صالح، وهو دبلوماسي سعودي يشغل حاليا منصب سفير المملكة في الجزائر. حساب آخر، يقتبس عن الرسول محمد عليه السلام في سيرته الذاتية، ويبدو أن صاحبه رجل متدين يدعا مظهر الجفالي ولكن صورته الشخصية من صفحة الفيسبوك الخاصة بعمر بركان آل غالا، وهو عارض أزياء عراقي الأصل ويعيش في فانكوفر – كندا.

الفرق الرئيسي بين حسابات تويتر الحقيقية والحسابات الوهمية أو الروبوتية هو أن البشر عادة تغرد عندما تمتلك الدافع للقيام بذلك، ولكن الروبوتات يجب أن تغرد في أوقات محددة مسبقا. ومن الواضح أن الروبوت الذي يقوم بالتغريد كل ساعة، وعلى مدار الساعة، سيتم رصده قريبا -ولكن هذه الروبوتات تكون ذكية. حيث أنها تغرد لبضع ساعات ثم تأخذ قسطا من الراحة. عندما تكون نشطة فإن توقيت التغريدات يتبع نمطا ثابتا. وهناك أنماط مختلفة وكلها معقدة جدا. واحد من الروبوت، على سبيل المثال، وجد أنه ينشر تغريدتين بفرق أربع ثوان عن بعضها البعض، على فترات كل 12 دقيقة و20 ثانية.

حتى الآن، فإنه لا يعرف من يقف وراء هذا الأمر. فإنشاء نظام بهذا الحجم الكبير يتطلب الكثير من العمل البرمجي و، على الرغم من أن التشغيل آلي، فإنه يتطلب قدرا كبيرا من العمل البشري للحفاظ على استمرارية عمله. وذلك يعني الرصد المستمر لموقع تويتر لتحديد الهاشتاغ المراد استهدافه بالتغريدات الوهمية.

وهذا يشير إلى أن العملية إما متصلة بإحدى الوكالات الحكومية أو ربما راع منفرد يملك المال والجهد اللازمين لعمل كهذا.

وعلى الرغم من أن الحسابات الوهمية وتغريداتها تعتبر طريقة مزعجة ومثيرة للغضب بتداخلها مع النقاش السياسي، فإن هنالك جانبا أكثر شرا لها -وخاصة إذا كان عملها ذو خلفية حكومية -وهو أن الحسابات الروبوتية تنتج خطاب كراهية واضح، وذلك باستخدام لغة مهينة ومسيئة للربط بين المسلمين الشيعة والعنف والإرهاب. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تأجيج التوترات الطائفية في المنطقة المتوترة بالأساس.انتهى/خ.

ترجمة: حمزه العاتكي

اضف تعليق