ربما شاءت الأقدار أن يكون موت الطبيب العسكري التونسي، فتحي بيوض، قربانا لنجاة ابنه من براثن الإرهاب الأسود، ودرسا برائحة الدم للشباب المغرر بهم، لا سيما من التونسيين.

وقد تكون قصة الطبيب العسكري التونسي من أكثر القصص المأساوية في حادثة التفجيرات الدموية التي هزت مطار اسطنبول يوم الثلاثاء 28 يونيو/حزيران، إذ أن هذا الأب المكلوم الذي لم يذخر جهدا من أجل إعادة ابنه من أحضان تنظيم داعش إلى حضن عائلته في تونس مرة أخرى ويدفع حياته ثمنا لذلك.

لكن أبى القدر أن يعانق فتحي بيوض ابنه الداعشي المحتجز في تركيا، لتكون دمائه المنثورة على أرضية مطار اسطنبول تذكرة عودة ابنه إلى تونس، بعدما وافقت السلطات التركية على ترحيل الابن الشاب أنور بيوض إلى وطنه تونس بعد أن كان سجينا لديها لالتحاقه بالتنظيمات الإرهابية في سوريا.

وصرح مسؤول بوزارة الخارجية التونسية الخميس 30 يونيو/حزيران أن موافقة تركيا على ترحيل أنور تأتي على خلفية مقتل والده في اعتداء اسطنبول.

وقال فيصل بن مصطفى، المدير العام للشؤون القنصلية في الوزارة: "وافقت تركيا على ترحيل ابن الطبيب العسكري فتحي بيوض، وسيعود إلى تونس في غضون أيام".

وأثار مقتل فتحي بيوض العميد بالجيش ورئيس قسم طب الأطفال بالمستشفى العسكري في العاصمة تونس صدمة في البلاد التي تعتبر من أكثر الدول الرافدة للمقاتلين لدى التنظيمات الإرهابية.

وانضم أكثر من 5500 تونسي، غالبيتهم تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، إلى تنظيمات جهادية في الخارج، لا سيما في سوريا والعراق وليبيا، بحسب تقرير نشرته في يوليو/تموز 2015 مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول استخدام المرتزقة.

رحلة العميد بيوض في البحث عن ابنه أنور بدأت منذ عامين بعد أن انضم إلى الجماعات الإرهابية، لكن الأب اتبع جميع الطرق لإقناع ابنه بقطع علاقته مع هذه الجماعات، ليسلم الابن نفسه إلى السلطات التركية، حسبما تناقلت مواقع تونسية.

وكشف مصدر وزاري تونسي أن العميد فتحي بيوض يسافر منذ شهرين و"بشكل متكرر" إلى تركيا لمحاولة إعادة ابنه، مشيرا إلى أنه كان على وشك إعادته، لكن القدر لم يمهله يوما آخر للقاء.

وتروي السيدة بيوض حجم المأساة التي حلت بعائلتها بعد مقتل زوجها في اعتداء اسطنبول، فقبل دقائق من المأساة، كان الزوجان يعتقدان أنهما اقتربا من انتهاء الكابوس، خصوصا وأن زوجها فعل المستحيل لإنقاذ ابنهما الوحيد، بعدما أعرب الأبن عن ندمه.. لكن ما حدث لم يكن في الحسبان.

قصة الشاب أنور كغيرها من قصص الشباب التونسيين الذين تخلوا عن عوائلهم في سبيل وحوش بشرية تتعطش فقط لإراقة دماء الأبرياء، ليكتشف بعضهم أخيرا القناع الحقيقي لهذه التنظيمات الظلامية ويبدون ندمهم.. لكن ثمن التوبة أحيانا يكون باهظا جدا. انتهى/خ.

اضف تعليق