يلعب العراق مجدداً دور الوسيط لتطبيع العلاقات بين إيران والدول العربية، وهذه المرة مع مصر بعد دور الوساطة التي قادها بين إيران والسعودية.

هذه الخطوات من وجهة نظر متخصصين بالشأن السياسي، لا تعكس قوة البلد، بل لثقة الأطراف المتنازعة وخاصة إيران بالدور الذي يلعبه، إلا أنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن تلك الحوارات لن تؤدي إلى حلول جذرية وإنما تؤجل الصراعات فحسب.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لموقع "العالم الجديد" إن "العراق أرض صلبة على صعيد العلاقات الخارجية المتوازنة، ما يؤهله للعب دور الوساطة، لكن نجاح تلك الوساطة ودفعها للأمام مرهون برغبة الأطراف المتقاطعة أكثر من رغبة العراق".

ويضيف أن "اجتماعات غير منظورة عقدت بين كل من مصر وإيران، وبين تركيا والإمارات، وبين الأردن وإيران، واعتقد بوجود رغبة في استكمالها، سيما وأن إيران حضرت في مؤتمر بغداد2، على الرغم من التقاطعات الكبيرة بين الأطراف الحاضرة من جهة، وإيران من جهة ثانية".

ويؤكد الشمري وجود "رغبة لطهران بضرورة إنهاء الخلافات إلى حد ما، أو العمل على تسوية تسمح لها بفتح صفحة جديدة من العلاقات مع كل من مصر والأردن والسعودية"، معتقدا أن "إيران هي من تدفع العراق بهذا الاتجاه، على اعتبار أن الحكومة الحالية يمكن أن تقوم بهذا الدور، وهي قريبة أكثر من سابقتها لإيران".

وعن اختيار العراق دون سواه للعب دور الوسيط، يبين الشمري، أن "ذلك عائد لسياسة التوازن التي انتهجها العراق خلال السنوات الماضية، أما السبب الآخر فيعود لتأكد إيران من مقبولية العراق بالنسبة للسعودية، وتمتعه بعلاقات ثنائية مميزة على مستوى رئيس حكومة ورئيس الوزراء التركي، فضلاً عن علاقات مميزة مع مصر والأردن، لذا أعتقد أن اختيار الوسيط فعل إيراني قبل أن يكون فعلاً عراقياً أو عربياً'.

ويتابع أن "مصدر الثقة التي يتمتع بها العراق هي من تدفع الأطراف العربية لقبول العراق كوسيط، بعدما كان ناقلاً للرسائل، عبر جهد دبلوماسي، نتج عن قرب القوى السياسية الداخلية من إيران، وثقة الأخيرة بمعادلات السلطة داخل العراق".

وحول لعب العراق دوراً محورياً في حل الأزمات داخل المنطقة يشير الشمري إلى أن "الأمر غير واضح بعد؛ نتيجة عدم امتلاك العراق لأدوات تؤهله للعب ذلك الدور، إلا أن فلسفة العراق للعب دور الوساطة قائم على إتباع سياسة الحياد، والنأي بالجغرافيا العراقية من أن تكون أرض تصادم".

وأعلن الرئيس التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، عزت سعد، يوم أمس الثلاثاء، أن العلاقات بين مصر وإيران ليست طبيعية، نظراً لأن هناك عدداً من الملفات التي تقف عائقاً في طريق تطبيعها، لكن الوساطة العراقية قد تفتح الباب لبداية المشاورات، إذ من الممكن أن يلعب العراق الدور نفسه (حوارات السعودية وإيران) لتقريب وجهات النظر، وبغداد مؤهلة بحكم علاقاتها الخاصة مع إيران بأن تقوم بدور الوساطة بين القاهرة وطهران.

وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، كشف عن تقديم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مقترحا لبدء حوار مع مصر بوساطة عراقية لتحسين العلاقات معها، وأبدى ترحيبه به، مؤكدا أن السوداني اقترح خلال لقائه معه على هامش مؤتمر بغداد 2 في الأردن، بدء محادثات مع مصر لتعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة.

يشار إلى أن العراق، استضاف جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولى الجولات في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الإمارات، وذلك بحسب ما نقله مصدر عن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد.

ويجري الحديث مؤخرا عن محاولات لعقد الجولة السادسة من الحوار بين السعودية وإيران في بغداد، لكن الدولتين لم تتوصلا لاتفاق بشأن بعض النقاط الخلافية بينهما، وما تزال بغداد تحاول تهيئة أرضية مناسبة لاستئناف الحوار.

 

اضف تعليق