حرّية الصحافة أو الصحافة الحرّة هي الضمانة التي تقدّمها الحكومة لحرية التعبير وغالباَ ما تكون تلك الحرية مكفولة من قبل دستور البلاد للمواطنين، وتمتد لتشمل مؤسسات بث الأخبار وتقاريرها المطبوعة.

وتمتد تلك الحرّية لتشمل جمع الأخبار والعمليات المتعلقة بالحصول على المعلومات الخبرية بقصد النشر، وفيما يتعلق بالمعلومات عن الحكومة، فلا تتدخّل الحكومة في حرّية الصحافة إلا ما يتعلق بشؤون الأمن القومي وليس هذا فقط بل أيضاً يكفل قانون الحرّية الصحفية حياة الصحافيين وتوفير الحماية لهم.

وشهد العراق بعد 2003 وهو العام الذي سقط فيه نظام الدكتاتور المقبور صدام حسين، انقلابا سياسياً جذرياً، وتغييراً اجتماعيا واقتصاديا، وانفتاحا على العالم وحرّية في التعبير، بعد حقبة دامت 35 عاماً، تعرّض خلالها الشعب الى ويلات الحروب والاعتقالات والإعدامات.

ويقول الكاتب العراقي صباح كاظم إن "وظيفة الإعلام في العراق، اليوم، تحوّلت في مهامها من تمجيد السلطة الشمولية الى إيصال الحقائق والمعلومات الى الناس".

وتطوّر المشهد الإعلامي العراقي بعد 2003 ، حيث تشير الاحصائيات الى وجود أكثر من 70 فضائية ومئات الصحف والمجلات والشبكات والوكالات الإخبارية فضلاً على الاتصال مع الشبكة العنكبوتية. 

واعتبرت وزارة الخارجية البريطانية "العراق" واحداً من أسوأ دول العالم بمجال حرّية التعبير عن الرأي، فيما أشارت الى وجود بعض الفقرات المبهمة في قانون حماية الصحافيين، مؤكدةً إن" القوانين الصادرة مؤخراً بمجال الحرّيات والإعلام تتضمّن أحكاماً غير متوافقة مع بعضها".

وقالت الوزارة البريطانية في التقرير السنوي لها حول حقوق الإنسان والديمقراطية لعام 2011 إن "العراق ما يزال واحداً من أسوأ دول العالم في مجال حرّية التعبير عن الرأي"، مشيرةً الى "ارتفاع حالات الإساءة للصحافيين خلال عام 2011".

وأشارت الوزارة الى "اغتيال سبعة صحافيين خلال عام 2011 أبرزهم الصحافي العراقي هادي المهدي، والذي كان ينتقد السلطات العراقية بشكل دوري"، مبينةً إن "إقليم كردستان شهد موجة مقلقة من الاعتداءات على الصحافيين".

وأوضحت الخارجية البريطانية إن "قانون حماية الصحافيين يتضمّن بعض العناصر الإيجابية، لكنه في الوقت نفسه يتضمّن بعض الأحكام المقلقة التي قد تؤدّي لتآكل الحرّيات الإعلامية، خصوصاً بعض النصوص المبهمة فيه، والتي يُحضر على الصحافيين فيها "الإخلال بأمن واستقرار البلاد"، ويُجيز تعليق المطبوعات التي "تنشر تصريحات مثيرة أو عدوانية".

ولفتت الوزارة الى "وجود 10 قوانين تتعلّق بالإعلام والحرّيات في البرلمان العراقي يُمكن أن يُؤدّي إقرارها الى تقدّم في هذا المجال مثل قانون حرّية التعبير عن الرأي، وقانون الشبكة الإعلامية في العراق، وقانون الاتصالات، وقانون جرائم الإنترنت".

وذكرت الوزارة إنها" تُشارك الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في العراق القلق للعديد من القوانين التي ما تزال عالقة"، موكدةً "إن القوانين الصادرة مؤخراً بمجال الحرّيات والإعلام تتضمّن أحكاماً غير متوافقة مع بعضها".

وكان مجلس النوّاب العراقي أقرَّ في التاسع من آب/2011 قانون حماية الصحافيين بعد جدال بين الصحافيين العراقيين استمر لعدّة سنوات تمثّل برفض المؤسسات الدولية المدافعة عن حقوق الصحافيين لهذا القانون، باعتباره محدّداً للعمل الصحفي في العراق.

وسبق أن أكدت الأمم المتحدة، في 11 كانون الأول/2011، وجود تحدّيات كبيرة مازالت تواجه العراقيين وتحرمهم حقوقهم، لاسيما فيما يتعلق بالرأي والحرّيات العامة، فيما دعت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي الى محاسبة المتورّطين في انتهاكات تلك الحقوق.

وتنتقد العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان وتلك المهتمة بحرّية الصحافة سجل العراق في مجال التعامل مع الصحفيين، حيث يُسجّل العراق معدلات مرتفعة لعمليات استهداف الصحافيين.

مرصد الحرّيات الصحفية: 272 انتهاكا ضد الصحافيين في العراق..

وكان مرصد الحرّيات الصحفية أعلن في 2 آيار من العام 2012، عن تسجيل 272 انتهاكا ضد الصحافيين منذ آيار/2011، وفيما إتّهم الحكومة بالسعي للضغط على البرلمان لإصدار مزيداً من القوانين التي تهدف الى تقييد حرّية التعبير، لافتاً الى إنها تتعامل مع كاميرات الإعلاميين وكأنها "سيارات مفخّخة".

وكانت منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" حذّرت في تقريرها السنوي في (22 كانون الثاني 2012)، من احتمال تحوّل العراق الى دولة استبدادية من جديد بالرُغم من التحوّلات الديمقراطية التي تشهدها المنطقة منذ مطلع العام 2011، وفيما انتفدت واشنطن لتركها "نظاماً يقمع الحرّيات" بعد انسحاب قواتها، أكدت إن العراق ما يزال من أكثر الأماكن خطورة في العالم على الصحافيين.

العراق في المرتبة 156 في حرّية الصحافة بالعالم...

احتل العراق المرتبة 156 في حرّية الصحافة عام 2014 في العالم، وفق التقرير العالمي السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، فيما شهد العالم تراجعاً حادّاً في حرّية الصحافة بشكل عام.

وأرجع التقرير تراجع حرّية الصحافة في العراق الى الأخطار التي تحيق بالصحافيين فيه من أخطار تنظيم داعش الإرهابي، بسبب "اتساع الاعتداءات التي يرتكبها التنظيم".

وقال الأمين العام لمنظمة "كريستوف دولوار" وهي منظمة غير الحكومية "حصل تدهور معمّم على ارتباطا بعوامل شديدة الاختلاف" ذاكراً منها "أنشطة مجموعات غير حكومية تتصرّف باستبداد حيال الإعلام".

الوصول الى المعلومات والحرّيات الأساسيّة "هذا حقك" موضوع عام 2016..

اختير الثالث من آيار/ مايو لإحياء ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحفيين الأفريقيين نظّمته اليونسكو وعُقِد في ناميبيا في 3 آيار/ مايو 1991.

وينص الإعلان على إنّه" لا يُمكن تحقيق حرّية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلة وقائمة على التعدّدية، وهذا شرط مُسبق لضمان أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرّية الصحافة تحقيقاً سريعاً ودقيقاً".

ويُمثّل هذا اليوم فرصة لـ:

1-    الإحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة.

2-    تقييم حال حرّية الصحافة في كل أنحاء العالم.

3-    الدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التي تشن على حريتها.

4-    الإشادة بالصحافيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم.

ويُتّخذ هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة إحترام إلتزامها بحرّية الصحافة، ومناسبة أيضاً لتأمّل مهنيّي وسائل الإعلام في قضيتَيْ حرّية الصحافة وأخلاقيات المهنة.

وأهمية اليوم العالمي لحرّية الصحافة من هذا القبيل لا تقل عنها أهميته من حيث تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستهدفة بالتقييد أو بإلغاء حرّية الصحافة، إنّه أيضاً يوم لإحياء الذكرى، ذكرى الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارستهم المهنة.

وسمّت "اليونسكو" السنة الماضية، الصحافية الشهيرة كريستيان آمانبور - رئيسة المراسلين الدوليين في شبكة سي إن إن - في منصب سفيرة النوايا الحسنة لحرّية التعبير وسلامة الصحافيين.

يُركّز اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 2016 على الحق في الوصول على المعلومات والحصول على الحرّيات الأساسية وذلك مع التركيز على حرّية المعلومات والتنمية المستدامة، وحماية حرّية الإعلام من الرقابة المفرطة وضمان سلامة الصحفيين في الإعلام المكتوب والإلكتروني على حدّ سواء.

كما تُقام مراسم حفل جائزة اليونسكو/ غييرمو كانو العالمية لحرّية الصحافة السنوية في يوم الأربعاء 4 آيار/مايو 2016، حيث ستُسلم الجائزة هذا العام الى الصحفية الأذريّة خديجة إسماعيلو.

ويُعد العراق واحداً من أخطر البلدان في ممارسة العمل الصحافي على مستوى العالم حيث شهد مقتل ما يزيد على 360 صحفياً وإعلامياً منذ سقوط النظام السابق في العام 2003.

اضف تعليق