يستند الضحايا العراقيون على حكم المحكمة البريطانية العُليا سنة 2017، الذي توصل إلى أن بعض الجنود البريطانيين خرقوا القوانين الدولية واتفاقية جنيف للأسرى خلال الغزو سنة 2003.

تواصل وزارة الدفاع البريطانية عمليات التسوية لعدد من الملفات المتعلقة بضحايا غزو العراق، رغبةً في طي هذا الملف الذي دام سنوات، ويضم في تفاصيله قصص مئات العراقيين الذين تعرضوا لانتهاكات مخالفة لمعاهدات حقوق الإنسان، على أيدي الجيش البريطاني.

وقامت وزارة الدفاع بتسوية 417 ملفا بعد القرار النهائي للمحكمة العليا البريطانية سنة 2017، والذي أيدت فيه مطالب ضحايا الحرب في العراق بالتعويض عن الضرر الذي لحقهم جراء معاملات غير إنسانية من طرف القوات البريطانية أثناء غزو العراق.

وتخصص بريطانيا حاليا عشرات الملايين من الدولارات من أجل إغلاق عدد من الشكاوى التي تقدم بها مواطنون عراقيون ضد الجيش البريطاني، وذلك بشكل ودي، ودون الاستمرار في المعارك القانونية التي تنتهي لصالح الضحايا.

ومن بين التهم الموجهة للجنود البريطانيين المعاملة غير الإنسانية، والاحتجاز غير القانوني، وتغطية الوجه والاقتياد لأماكن مجهولة، دون أن يعرف المعتقل أين يتم أخذه.

ويستند الضحايا العراقيون على حكم المحكمة البريطانية العُليا سنة 2017، والذي توصل إلى أن بعض الجنود البريطانيين خرقوا القوانين الدولية واتفاقية جنيف للأسرى، خلال غزو العراق سنة 2003.

وتحاول وزارة الدفاع إنهاء هذا الملف دون الإعلان عن تحمل المسؤولية، بوصفها ما حدث تصرّفا أحاديا من طرف بعض الجنود ولا يعكس سلوك الجيش البريطاني خلال غزو العراق.

وقالت الوزارة في تصريحات لصحيفة "غارديان"، تعليقا على تسوية ملفات مئات الضحايا، إن "الجزء الأكبر من الجيش البريطاني يتعامل بأعلى المعايير في العراق وأفغانستان، وقد علمنا أنه من الضروري التفاوض بشكل ودي لتسوية هذه الادعاءات بالنسبة للمدنيين العراقيين والأفغان".

وتأتي هذه الخطوات بسبب الضغوط المتزايدة على وزارة الدفاع، فبعد قرار المحكمة العليا، صرّحت محكمة الجنايات الدولية أن هناك "أرضية معقولة" تقود لاستخلاص أن الجيش البريطاني قام بجرائم حرب ضد المعتقلين، مضيفة أنه لم يكن هناك أي دليل على أن المعتقلين الذين رفعوا الشكاوى لهم علاقة بأي نشاط إرهابي أو كانوا يهددون أمن العراق.

وبلغ مجموع الملفات التي تمت تسويتها حتى العام الحالي 748 ملفا، من بينها 331 ملفا تم حلها بالتفاوض سنة 2013، ودفعت فيها وزارة الدفاع ما مجموعه 25 مليون دولار. في حين يبقى المبلغ الذي دفعته الوزارة لحل 417 ملفا آخر، بعضها وضعته تحت بند السرية، ولم يتم الكشف عنه.

وتشير بعض المعطيات أن 4 ملفات حصل أصحابها على تعويض بقيمة 100 ألف دولار، كما تم تعويض مشتكٍ آخر بمبلغ 38 ألف دولار، بسبب الاحتجاز غير القانوني سنة 2007.

ويقود المعركة القانونية لإنصاف ضحايا الانتهاكات الحقوقية، خلال غزو العراق، مكتب "لي داي" "Leigh Day” البريطاني، الذي أكد، أن عددا من عملائه تمت تسوية ملفاتهم بعد سنوات من التقاضي.

وكشف المكتب أن مجموعة من المواطنين العراقيين والأفغان تقدموا بادعاءات تعرضهم لإجراءات غير قانونية من طرف الجيش البريطاني، بما في ذلك قضية تتعلق بوفاة صبي يبلغ من العمر 13 عاما.

وحسب المصدر ذاته، فإن المعركة القانونية كانت ضد وزارة الدفاع للحصول على تعويضات عن الإصابات الجسدية والنفسية وعن الاحتجاز وخرق القوانين الدولية.

وأكد المكتب أن جُل الدعاوى الخاصة بالمواطنين العراقيين جاءت في أعقاب الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في سنة 2017، وقضى بأن الجيش البريطاني والممثل بوزارة الدفاع، متورط في الاحتجاز بشكل غير قانوني وإساءة معاملة المدنيين أثناء غزو العراق.

وحسب مكتب المحاماة، فإن هذه التسويات تمت دون الاعتراف بالمسؤولية، لكن في المقابل قال المكتب "نرحب بتقديم وزير الدفاع بين والاس للاعتذار للذين عانوا من سوء المعاملة على أيدي القوات البريطانية في العراق وأفغانستان".

وقال المحامي مارتن داي الذي كان يقود هذه القضية، إن موافقة وزارة الدفاع على تقديم التعويض لعدد من الضحايا "يُظهر كيف أن السياسيين كانوا مخطئين عندما وصفوا الشكاوى المقدمة من المواطنين العراقيين والأفغان بأنها "مؤامرة" أو مجرد "أكاذيب".

وأكد المحامي للجزيرة نت، أن "الحقيقة بسيطة وتقول إن الغالبية من الجيش البريطاني تصرفت بشكل قانوني في العراق وأفغانستان، ولكن عددا لا يستهان به لم يتصرف كذلك".

وأضاف أن حكم المحكمة العليا أظهر وجود "عيوب منهجية وإخفاق في السياسيات مما أدى إلى الاستخدام الروتيني للممارسات غير القانونية التي كان ينبغي القضاء عليها منذ سنوات عديدة، ونتيجة لذلك تأثرت حياة العديد من السكان المحليين بشدة، وهذا سبّب تراجع احترام العراقيين والأفغان لبلدنا".

اضف تعليق