وصل فريق من المنقبين الأثريين الألمان والبريطانيين إلى العراق، في مهمة مطولة للتنقيب والكشف عن مدينة "خاراكس" التاريخية، التي يعتبرها البعض بمثابة "أهرامات العراق".

وكانت مدينة خاراكس قد شُيدت على يد القائد العسكري إسكندر المقدوني، أثناء غزوته الشهيرة لمنطقة الشرق الأوسط في القرن الرابع قبل الميلاد.

وتحولت إلى المدينة إلى واحدة من أهم الحواضر السكنية على مستوى العالم فيما بعد، إلى أن دُمرت على يد القائد الساساني أزدشير، في أوائل القرن الثالث بعد الميلاد.

وتذكر كثير من الوثائق التاريخية المدينة التي بناها المقدوني، لكن لم يتمكن أحد حتى الآن من تحديد المكان الدقيق للمدينة التاريخية، وإن كانت المعلومات تشير إلى أنها تقع على ضفاف أحد نهري دجلة و الفرات، وتحديدا جنوبي العراق.

ورغم تطور تقنيات تحديد مواقع الآثار المُندثرة منذ التسعينيات، مثل منظومات الأشعة والأمواج الصوتية، إلا أن الوضع السياسي والأمني في العراق لم يسمحا باستخدام مثل تلك التقنيات.

وحتى بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ظلت الأوضاع الأمنية مضطربة في العراق، مما حال دون الوصول إلى المدينة المفقودة.

وفي نهاية المطاف، تم تحديد موقع المدينة، في المنطقة الفاصلة بين مدينتي القرنة والبصرة جنوبي العراق، بالقرب من حقل مجنون النفطي، أكبر حقول العراق النفطية.

وتوصل العلماء إلى هذا الاكتشاف قبل قرابة أربع سنوات، وبعد جهود تعاون أكاديمي مشترك، بين جامعات عراقية وأخرى يونانية.

وتعليقاً على مهمة التنقيب الألمانية البريطانية المُشتركة، يقول الباحث التاريخي سرمد محمداوي في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" الاماراتي، إنه يخشى من المبالغة التي أبدتها الأوساط الأثرية والثقافية في العراق بشأن احتمال العثور على مدينة "خاراكس"، التي ستكون بمثابة الأهرامات في موقعها من العالم الأثري العراقي.

وأضاف أن الموقع "شهد المئات من عمليات التنقيب القاسية وغير العلمية، استخدمت خلالها آليات الحفر الهندسية الثقيلة، بغية الحصول على بعض المواد الأثرية، الأمر الذي قد يكون قد أضر بسلامة ومعالم المدينة".

وتابع: "لسوء حظ العراقيين فإن المدينة موجودة في منطقة أشغال وتلوث بيئي شديدة، حتى يمكن اعتبارها أكثر مناطق العراق خضوعاً للتبدلات البيئية والطبوغرافية، التي ربما فتت المدينة".

وتابع: "كذلك لا يُعرف إن كانت مهمة التنقيب التي ستستمر لسنوات وربما لعقود، سيتم توفير شروط الأمان والاستمرارية لها، فضلا عن حماية المدينة من الفلتان الأمني والمعيشي في محيطها".

وكانت المدينة القديمة تحمل اسم "خاراكس" أي الصحن الحجري، وكان إسكندر المقدوني يستخدمها قاعدة عسكرية لجيوشه، لإخضاع الساسانيين والممالك العراقية والسورية القديمة.

وكانت كذلك بمثابة ميناء نهري مرتبط بالبحر، يستخدمه جيش الإسكندر لنقل أسطوله من المناطق النهرية إلى البحر. فوق ذلك، فإن المدينة كانت ميناء تجارياً ضخماً، تُنقل إليه البضائع من الهند والصين وباقي مناطق آسيا.

اضف تعليق