قرر صاحب المشروع الصغير، الشاب خليل إسماعيل الفهداوي من محافظة الأنبار، استثمار موهبته في مجال النجارة ليقوم بتصميم سيارة خشبية فريدة من نوعها، أثارت دهشة واستحسان كل من رآها.

وعن طريقة تصميمه لهذه السيارة قال خليل الفهداوي "أخذت سيارة قديمة (بيك أب) ياباني موديل 1980، وقمت بإزالة هيكلها وأبقيت الشاسيه -جسم السيارة المعدني- والمحرك فقط، ثم استخدمت الخشب وحده في هيكل السيارة، واستعنت بأدوات معمل النجارة لتسهيل عملي".

وأعرب خليل في لقاء مع ريادة-الجزيرة نت عن طموحه لتحويل هذه الفكرة إلى مشروع تجاري، مؤكدا أن لديه الكفاءة والقدرة على ذلك، لكن سيارته الخشبية ما تزال قيد التطوير.

وأضاف أنه يسعى إلى تطوير المشروع وتحويله إلى عمل تجاري يهدف للربح بعد تفادي كل العقبات والمشاكل الفنية.

واستطرد بأن "فكرة إنجاز هذه السيارة بدأت قبل 3 أشهر، واستغرق العمل بها نحو 40 يوما، وهي ما تزال بحاجة إلى بعض التعديلات".

وتابع خليل "هدفي الرئيسي هو إنشاء مشروع ناجح، بدأت عندي هذه الفكرة وطوّرتها، حتى أثبت أنني نجار حرفي، ولدي مهارات وباستطاعتي أن أصنع هذه السيارة وغيرها".

وأكد عدم مواجهته أية مشكلات خلال عمله بالسيارة، لأنه أنجزها بنفسه ولم يكن بحاجة إلى الاستعانة بأصحاب مهن أخرى، كالحداد أو ميكانيكي السيارات، لكن العائق الوحيد أمامه كان غياب الدعم والتمويل المالي.

وأشار إلى أن سيارته المحورة حازت على إعجاب الكثيرين، لكون هذا الأمر لا يستطيع أي شخص القيام به، لذا عندما يتجول بها في شوارع المدينة، يخرج الناس لرؤيتها ويبدون دهشتهم ويقومون بتصويرها.

من جانبه، قال محمد الفهداوي، الذي يعمل أيضا في مجال النجارة منذ الطفولة، إن فكرة السيارة من ابتكار شقيقه خليل، وأنه قرر مساعدته بعدما رأى طموحه في تحقيق هذا المشروع.

وأكد أن تحويل هذا النموذج الأوّلي من السيارة إلى مشروع ريادي ناجح يحتاج إلى الكثير من الخبرات والمهارات ودراسات الجدوى وهم بحاجة إلى البحث عن جهات الدعم الفني والتمويل لتحويل هذا النموذج إلى شركة ناشئة ناجحة.

وأوضح لريادة-الجزيرة نت أنهما قاما بإزالة الحديد من السيارة، واستخدما الخشب، مواصلين العمل ليلا ونهارا، حتى انتهى إنجازها بشكل أولي، وتم اعتماد تصميم السيارة بعد التشاور بينهما وتبادل الأفكار، ثم الشروع بالعمل بعد الاتفاق على رأي موحد.

وفي ختام حديثه، وجه محمد الفهداوي نصيحته إلى كل شاب عراقي يمتلك طموحا، أن يعمل عليه ويحققه، ليس فقط في هذا المجال وإنما كل شخص يمكن أن يطور مجال عمله وينشئ مشروعه الخاص، وأن آفاق الابتكار في ريادة الأعمال ليس لها حدود.

بدوره، قال وليد خالد كريم، صديق خليل صاحب المشروع، وهو أيضا يمتلك مشروعا صغيرا يعمل بمهنة النجارة، إن "خليل أصرّ على إنجاز فكرته وفق إمكانياته البسيطة والذاتية"، وأضاف "بحكم عملي معه في النجارة، كنت أساعده في كل عمل، ومنها مشروع تحوير هذه السيارة الخشبية".

وتابع كريم "بالبداية لم أكن مقتنعا بالفكرة، ولكن غيرت رأيي فيما بعد، وأتوقع لها المستقبل الناجح، حيث لاقت استحسان الناس بشكل كبير، ونطمح جميعا في تحويلها إلى مشروع تجاري ناجح".

من جانبها، قالت أبرار العاني، مدونة ومديرة المركز المشترك للتنسيق والرصد في محافظة الأنبار، "إن هذين الشقيقين أنجزا فكرة من خارج الصندوق كرواد أعمال، وقد أبدعا في تحويل الفكرة إلى واقع ملموس".

وفي حديثها لريادة-الجزيرة نت أشادت العاني بإبداع الشقيقين لابتكارهما تصميم تلك السيارة، التي تشبه إلى حد كبير أشياء "الأنتيك" التي يعتز العراقيون بامتلاكها في منازلهم، مؤكدة حاجتهما إلى ورشة عمل مع توفير مواد أولية وتصاميم جديدة بعد توفير البيئة المناسبة لتطوير عملهما وتسويقه لضمان ديمومتهِ وتحويله إلى مشروع تجاري ناجح.

وترى العاني أن الشباب العراقي بحاجة إلى توفير بيئة مناسبة مهتمة به وبهواياته، والمزيد من المؤسسات التي تساعد رواد الأعمال على تنمية أفكارهم ومشاريعهم وتحويلها إلى عمل تجاري ناجح.

وأشارت إلى ضرورة توفير مراكز مهنية متخصصة بأقسام متعددة كالنجارة والحدادة والابتكارات، ومدعومة بشكل مستمر مع توفير تدريبات بمستويات مختلفة، على أن تقدم مجانا للشباب العراقي.

وتؤكد العاني "إذا تم ذلك سنرى تحولا كبيرا في مجال الابتكار والإبداع وريادة الأعمال، وعليه نحتاج إلى مؤسسات حاضنة ومناسبة لشبابنا تزيد من مهارتهم وقدراتهم الفكرية والجسدية، عندها سنرى ما يُبهر العقول".

وتعرب عن اعتقادها بأن مشكلة عدم تحويل الأفكار الريادية إلى مشاريع تجارية ليست في عدم وجود إمكانيات مادية فقط، وإنما غياب مهارات جذب المال لتمويل المشاريع، وذلك لضعف مهارات التواصل والتسويق.

وتوجز العاني أبرز معوقات النجاح لمشاريع الشباب، وفي مقدمتها لغة الإحباط وعدم التشجيع التي تقتل الإبداعات، وكذلك عدم وجود دعم حقيقي من قبل القطاعين الحكومي والخاص لاحتضان أفكار الشباب، كما لا يوجد استحداث مشاريع تنموية تستهدفهم.

وتدعو الشباب إلى التغلب على تلك المعوقات من خلال تأكيد الثقة بالنفس والإيمان بالفكرة، يتبعها العمل الجاد والطموح، مع استمرار الاطلاع وتنمية الأفكار بشكل مستمر واستثمار عالم الإنترنت بما يخدم مشاريعهم.

واختتمت أبرار العاني برسالة إلى الشباب الطموحين من أصحاب المشاريع الصغيرة رواد الأعمال، بالحفاظ على طموحاتهم وإيمانهم بأنفسهم وعدم الرضوخ للمُحبطين وبما يتكلمون به.

طه العاني/ الجزيرة نت

اضف تعليق