كشفت جريدة الصباح الجديد عن نية مجلس النواب العراقي بإقرار قانون الجرائم المعلوماتية بعد تشكيل ثلاث لجان نيابية تضم (القانونية، وحقوق الانسان، والامن والدفاع) بشكل متأنٍ في مسودة الجرائم المعلوماتية، لكن اعضاء فيها استبعدوا تمرير القانون خلال السنة التشريعية الحالية، ورغم تأكيدهم على وجود شبه اجماع على بنوده، لكنهم تحدثوا عن نصوص اخرى تحتاج إلى مراجعة وموازنة بين تعزيز الحريات العامة الواردة ضمن الدستور النافذ، ونصوص عقابية بحاجة إلى تشديد كتلك التي تجرم افشاء اسرار الامن الوطني، فيما اشاروا إلى أن الرقابة الالكترونية يجب يسبقها قرار قضائي، وان محددات وضعت لتطبيق الرقابة للحيلولة من دون اساءة استعمال السلطة.

يشار الى أن مجلس النواب كان قد انهى في جلسته الـ29 التي عقدت في (16 نيسان 2015) القراءة الأولى لمشروع قانون جرائم المعلوماتية، وهو من القوانين التي تثار حولها خلافات.

ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، صادق اللبان، في حديث مع "الصباح الجديد"، إن "مسودة الجرائم المعلوماتية قيد الدراسة بين اللجان المعنية داخل مجلس النواب".

وتابع اللبان أنه "سيتم الاخذ بجميع المقترحات المناسبة لغرض درجها في المشروع آملاً بالخروج بمسودة ترضي جميع الاطراف".

لكنه استبعد في الوقت ذاته أن "يستكمل تشريع القانون خلال السنة الحالية، وأن المؤشرات تدل على تأجيل إقراره إلى العام المقبل".

وفيما انتقد اللبان "خلو المشروع من نص واضح وصريح يمنح الدولة الحق في حجب المواقع الالكترونية لاسيما المرتبطة بالتواصل الاجتماعي غير الاخلاقية”، لفت إلى “التطرق إلى هذا الملف ضمنياً بما لا يتناسب مع خطورته".

من جانبه، نفى عضو لجنة حقوق الانسان النيابية، حبيب الطرفي، "تسجيل الكتل السياسية اعتراضات كبيرة على المشروع الحالي".

ويدافع الطرفي عن المسودة التي وجدها في بعض الفقرات "تنظم الحريات العامة، وتبسط رقابة موضوعية على سلوكيات تفضي اتاحتها إلى وقوع جرائم بعضها خطير".

لكنه يُشكل على فقرات آخرى لا سيما العقابية، وعدّها "غير رادعة وبحاجة إلى تشديد للحيلولة من دون وقوع جرائم ترتكب بواسطة الحاسوب باتت شائعة في الوقت الراهن وفي مقدمتها افشاء اسرار الامن الوطني".

ويدعو عضو لجنة حقوق الانسان النيابية "الإعلاميين الذين لديهم اعتراضات على المشروع بحجة أنه يقيد الحريات إلى النظر لقانون حقوق الصحافيين وما يوفره من ضمانات حق الوصول إلى المعلومة".

وبين هذين الموقفين، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية موفق الربيعي في تصريح أدلى به إلى "الصباح الجديد" أن "تحقيق المصلحة العامة يكون بموازنة الحريات العامة، وتنظيمها ضمن اطر قانونية لا تتعارض مع الدستور".

ويسترسل الربيعي ان "ممارسة الرقابة سواء على الهواتف النقالة، أو شبكات الاتصال (الانترنت) تكون بقرار من قاضي مختص وينتهي هذا الاجراء بمجرد انجاز المهمة المطلوبة".

وأشار إلى “تعليمات وردت ضمن المشروع يتلزم بموجبها المعني بتطبيق الرقابة (الجهات التنفيذية) ولا يمكن الخروج عنها للحد من اساءة استعمال السلطة”.

غير أن الربيعي يتخوف من “بنود وردت في القانون تتعارض بشكل صريح مع الحريات”، ودعا إلى “تعديلها؛ لأن الحرية المسلوبة لا يمكن أن تمنح مرة اخرى”، بحسب قوله.

وعلى صعيد ذي صلة، افاد الخبير القانوني طارق حرب في حديثه مع “الصباح الجديد”، بأن “بنود القانون جاءت متساهلة إلى حد كبير”، ولا ويرى مجالاً لـ “مقارنتها مع دول المنطقة، وفي مقدمتها مصر التي تفرض عقوبات أشد مما ذكرها المشروع عن جريمة واحدة”.

وتابع حرب أن “عقوبات عديدة اوردتها المسودة تبدأ من القذف والسب التي وضع لها جزاء غرامة مالية، وصولاً إلى عقوبة السجن المؤبد عن جرائم افشاء اسرار الامن الوطني”.

وزاد الخبير القانوني “هناك اسرار يجب أن تبقى طي الكتمان وبعيدة عن متناول الصحافة، بذريعة حق الوصول إلى المعلومة، وهي التي تتعلق بامن الدولة وذلك معمول به في أكثر دول العالم تطوراً”.

وكانت اوساط صحفية عديدة قد اعلنت عن خشيتها من اقرار قانون الجرائم المعلوماتية، وشددّت على أنه يتعارض مع الحريات العامة ويفرض عقوبات وصفتها بالصارمة.

 

 

اضف تعليق