قال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في حديثه مع حجّة الإسلام السيد عدنان جلوخان: أنا عشت أيّام الملكية في العراق، وأتذكّر حادثة وقعت ذلك الزمان، وهي أنه حكمت المحكمة على شخص بحكم الإعدام. فتعالت أصوات الاعتراض والمخالفة لهذا الحكم، في الصحف والجرائد وفي دواوين باقي المحاكم والدوائر والمحافل، وطالبوا بالاستثناء، وصار لفّ ودوران من قبل الكثير حول هذا الحكم. واستغرق هذا الاعتراض واللف والدوران لمدّة سنة، وذلك لكي لا يتمّ تنفيذ حكم الإعدام، بحقّ شخص واحد بالعراق. وبعد هذه المدّة تمّ تنفيذ حكم الإعدام. ولكن في أيّام صدام عدموا الألوف والألوف، والكثير منهم لم تُعلم حتى قبورهم.

 

وأضاف سماحته: وفي العراق، في الخمسينيات، وبالذات في أيام الملكيّين، عندما كنّا نذهب من مدينة كربلاء المقدّسة إلى مدينة الكاظمية المقدّسة، كنّا نرى في الكثير من أطراف هذا الطريق وعلى جانبيه، الكثير من مزارع الحنطة والشعير، وعلى مدّ البصر. وكانت جرائد العراق، حينها، تكتب يومياً أخبار التصدير من العراق، وكان التصدير بكمّ هائل، كتصدير الحنطة والتمر والشعير والفاكهة وغيرها. وأما اليوم والآن فانظر إلى وضع العراق!

 

وأردف سماحته: وفي تلك الحقبة من تاريخ العراق، أي في الخمسينيّات، كان الفقراء في العراق (والفقراء موجودين في كل بلد) غير محرومين من أكل اللحم، إلاّ أيام قليلة في السنة، بل وكان بإمكانهم أن يشتروا ويأكلوا اللحم يومياً ولكن بكمّية أقلّ من غيرهم من الأثرياء ومن أصحاب الدخل الجيّد والمتوسّط. فقد كان وضع العراق جيّداً بشكل عام. ولكن انظر اليوم إلى العراق ووضعه!

 

وعن الوضع الأمني والأمان بالعراق في تلك الحقبة، قال سماحته: وفي العراق في ذلك الزمان، أي حقبة الخمسينيات، كانت المرأة في المدن المقدّسة، ككربلاء والنجف، تتمكّن من الخروج من البيت وحدها في منتصف الليل، لتذهب إلى الزيارة، وهي آمنة، ولا تخاف شيئاً.

 

وبيّن سماحته حول حال وأوضاع الدول الإسلامية الأخرى، أيضاً: قرأت في صحيفة إحدى الدول الإسلامية أنّ نسبة الشعب فيها ممن يعيشون تحت خطّ الفقر هي ثمانين بالمائة! ولهذا ترى كثرة المشاكل فيها. فإنّ الكثير من المشاكل التي تحدث، سببها هو الفقر.

 

وسأل الضيف الكريم من سماحة المرجع الشيرازي عن سبب تنعّم العراقيين في الخمسينيات وقبلها، بالأوضاع والحياة الجيّدة؟

 

فقال سماحته: من أسباب الوضع الجيّد في العراق في تلك الحقبة، أنك لم تك ترى حادثة نزاع بين الناس وأهالي المدينة والمحلّة والشارع الواحد، ولا حالة زعل، ولا تنافر، إلاّ نادراً جدّاً، وقليلاً جدّاً.

كما كان الكثير من الناس، راضياً وقانعاً بمعيشته، ولا ينظر إلى ذاك وذاك ممن هو أحسن منه مالياً واقتصادياً. أي كان الكثير منهم ممن يصدق عليهم قول الإمام المعصوم صلوات الله عليه: (ورضّني من العيش بما قسمت لي).

 

وفي نهاية حديثه، أكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بقوله: بلى، ولا شكّ، وإن شاء الله تعالى، ستعود الأوضاع الجيّدة إلى العراق. وما نراه اليوم في العراق فهو مخض.

 

يذكر، أنّ حجّة الإسلام والمسلمين هو من مسؤولي العتبة العباسية المطهّرة بمدينة كربلاء المقدّسة، وقام بزيارة سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، في الثامن من شهر جمادى الأولى438للهجرة (6/2/2017م). انتهى/خ.

اضف تعليق